اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > (المدى)تفتح ملف العاصمةالمهمشة بغداد"7"..تزايدالمصانع يحرم بغدادمن"الهدوء"وخوف على مناطقها التراثية

(المدى)تفتح ملف العاصمةالمهمشة بغداد"7"..تزايدالمصانع يحرم بغدادمن"الهدوء"وخوف على مناطقها التراثية

نشر في: 13 فبراير, 2015: 05:20 ص

 يتوجه همام صباح كلّ يوم حاملاً حقيبته المدرسية بشكل هادئ وجميل وهو متجه إلى المدرسة وفق توجيه والدته والمعلمة أن السير يجب أن يكون في المنطقة المخصصة للمشاة لكي يتجنب التعرض لحادث سير من إحدى السيارات أو الدراجات النارية. همام يشكو قلقاً وخوفاً

 يتوجه همام صباح كلّ يوم حاملاً حقيبته المدرسية بشكل هادئ وجميل وهو متجه إلى المدرسة وفق توجيه والدته والمعلمة أن السير يجب أن يكون في المنطقة المخصصة للمشاة لكي يتجنب التعرض لحادث سير من إحدى السيارات أو الدراجات النارية. همام يشكو قلقاً وخوفاً من عدم تنفيذ هذه النصيحة بسبب أن الشارع المخصص للمشاة تحول إلى محال ورش لتصليح وصيانة السيارات والدراجات النارية أو التجاوزات الحاصلة من قبل أصحاب المهن التي انتشرت على طول الشارع المخصص للمشاة و المؤدي إلى المدرسة، تلك الحالة يعيشها المئات من الطلبة وغيرهم. 

 
 
التجاوزات مستمرة
المهندس المعماري محمد عباس حسن يقول : إن التصميم الأساس للعاصمة بغداد لعب دوراً كبيراً في تنظيم الحياة للعاصمة بمختلف المجالات ومن أهمها الجانب البيئي، إذ تم العمل على إعداد التصميم وفق مخططات ودراسات واقعية والذي تم من خلالها تصنيف المدن (السكنية – التجارية – الصناعية) مع مراعاة التطور الحاصل في التخطيط العمراني آنذاك وإمكانية نقل المدن الصناعية إلى أطراف بغداد وإغلاق مناطق الشيخ عمر وكم سارة وكسرة وعطش وتحوليها إلى تغيير الجنس.
عباس أشار إلى أن التجاوزات الحاصلة التي تحصل بشكل مستمر أثرت على التخطيط العمراني وما له أهميته الكبيرة من جميع النواحي البيئية والجمالية على التصميم العمراني من قبل الورش والمعامل، فقد انتشرت هذه الظاهرة وتكاد تكون أمراً واقعاً مفروضاً علينا ولا أعتقد أن هناك حلولا وفق المعطيات للوضع الحالي في البلاد.

 

 

شارع عشرين 
شارع عشرين أحد الشوارع المهمة في منطقة الأعظمية لما يحمل هذا الشارع من ذكريات لساكني المنطقة مروراً بأزقة تحولت إلى مأوى لتصليح وصبغ السيارات مع وجود كم هائل من الأطنان لمخلفات السيارات المستعملة أو محال للحدادة وغيرها من المهن التي شوَّهت وجه الشارع.
سعدي عبدالغفور من سكنة المنطقة يوضح أنه سكن هذه المنطقة منذ الطفولة واستذكر جيداً ملامح هذا الشارع ومدى النظافة واحترام المشاة وغيرها، لكن اليوم كل شيء تغيـَّر ،بل وصل الأمر إلى التجاوز على كل شيء على الرغم من قيام الدوائر البلدية من حملات رفع النفايات لكنها تعود في اليوم الثاني . هشام يشير إلى أن احترام المواطن للقانون أصبح مهملا وهذا طبيعي في ظل الوضع الحالي، أن تبادر الأمانة بالقيام بحملة كبيرة لرفع تلك التجاوزات ستحصل مشكلات كبيرة (كثورة الجياع) نتيجة عدم وجود فرص عمل للكثير من الشباب وهم الأكثر انتشاراً في عموم الأزقة والشوارع وهم من يبادر في إيجاد فرصة عمل حتى ولو كان ذلك تجاوزاً على الشارع .

 

 

لعنـة الطائفية
سمير الأعظمي: صاحب محل بيع المواد الاحتياطية والكمالية للسيارات في شارع عشرين يوضح أن لعنة الطائفية التي ظهرت بعد عام 2006 كانت احد الأسباب الرئيسة في تغيير العديد من مناطق بغداد السكنية إلى صناعية او انتشار محال الصناعة فيها، مبينا صعوبة الوصول الى الأحياء الصناعية المعروفة، فالبعض منهم وقع تحت سلطة المليشيات وآخرون تحت سلطة القاعدة. 
وأضاف الأعظمي: وبرغم كل مضار ومخاطر هذه المحال بجميع النواحي من إزعاج وضوضاء وتراكم النفايات والأوساخ وفوضى السير والزحام لكنها تعمل وتقدم خدمات لأهالي المنطقة الذين باتوا في حيرة من أمرهم.

 

 

تقصير كبير 
عضو مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي أوضح أن هناك تقصيرا كبيرا من أمانة بغداد لمحاسبة المتجاوزين ونتيجة هذا التقصير نرى مدى الفوضى والتجاوزات الحاصلة على الأبنية والشوارع ومنها إنشاء مدن صناعية داخل مناطق سكنية واتسعت هذه الظاهرة ومن دون حساب وتطبيق للقانون وهذا دليل على مدى التقصير الحاصل لدوائر البلدية لمحاسبة المتجاوزين ومؤشر واضح على مستوى الفساد الحاصل.
الزاملي أوضح أنه خاطب ومن خلال مجلس المحافظة بعشرات الكتب الرسمية امانة بغداد تتضمن فيها العديد من الملاحظات والمشاهدات لتلك التجاوزات ومنها على أرضي الدولة وغيرها من الأمور المتعلقة بمستوي الخدمات ، لكن من دون جدوى !

 

 

ضوضاء وإزعاج
الحاج حسين القريشي من سكنة حي الخليج (النعيرية) شكا من الضوضاء والإزعاج الذي تسببه محال الصناعة التي انتشرت في عموم أحياء وأزقة العاصمة بغداد. القريشي أشار إلى ان هذه المحال لم تكتف ِ بهذا، بل إلى تخريب وتدمير الرصيف والشارع من خلال رمي الزيوت والدهون ومخلفات تصليح السيارات مع الزحام الذي تسببه من حلال وقوف السيارات كيفما ارتأى صاحب السيارة أو الفيتر!
صادق الصبيحاوي صاحب محل لتصليح السيارات قال: إنه اضطر لفتح محل تصليح في بيته وتحويل جزء من الحديقة له، السبب هو ارتفاع بدل إيجار المحال في الأحياء الصناعية، وصغر مساحته قياساً بعمله، مع عدم الاستقرار الأمني واستهداف هذه الأحياء من قبل زمر الإرهاب. 
الصبيحاوي اشار إلى أن الوضع الاقتصادي الصعب والركود الذي يعانيه انعكس على عمله، مع تكاثر محال التصليح ودخول أُناس لا شأن لهم بالأمر بسبب البطالة وقلة العمل.

 

 

غسيل السيارات 
الأمر لم يتوقف عند محال تصليح السيارات ، بل دخلت مهنة أخرى أكثر ضرراً وأذى من سابقتها وهي مهنة غسيل السيارات وسط الأحياء والأزقة، الأمر الذي سبب تخسفات في الرصيف والشارع الذي لم يعد صالحاً للسير خاصة أمام هذه الورش ناهيك عن تسرب المياه إلى أساس البيوت المجاورة حيث كانت سبباً في الكثير من النزاعات والخلافات بين سكنة الزقاق أو الحي.
الدور الرقابي
السيدة ابتسام صالح مدرِّسة متقاعدة، كانت تسير بحذر قرب مجموعة من هذه المحال التي باتت تسيىء إلى جمالية الأحياء والأزقة البغدادية مثلما قالت، مبدية استغرابها من سكوت أمانة بغداد ووزارة البيئة على هذه الجريمة مثلما أسمتها، فهي علاوة على تدميرها وتخريبها الأرصفة والشوارع والجزرات وحتى الحدائق فهي تلوث البيئة بشتى السموم والأوبئة داعية إلى نقل هذه المحال إلى المناطق المخصصة لها، كما دعت إلى بناء مدن صناعية متكاملة في أطراف العاصمة أو أحياء صناعية مغلقة لا يسمح بخروج أي محل إلى الشارع.

 

 

تلغيـم السيارات
وجود هذه المحال بالأحياء السكنية فتح الباب أمام القوى الإرهابية ان تستخدم البعض منها لتفخيخ السيارات تحت غطاء تصليح وتعمير السيارة حيث سبق وأن كشف قائد الفرقة السادسة في الجيش العراقي اللواء احمد عبادي جلاب أن الانتشار الواسع والعشوائي لمصانع ومحال تصليح السيارات بين الأحياء السكنية سبب رئيس في عمليات تفخيخ السيارات لبعدها عن الأنظار حيث تم ضبط أكثر من محل وكراج يُستخدم لهذا الغرض.

 

 

انتشار الظاهرة
لم تكتفِ محال الصناعة أو ما يُعرف بـ(الفيترية) وغيرها من مهن بهذا الخصوص من استباحة الأحياء والأزقة السكنية فقط، بل ذهب الأمر أبعد من ذلك حيث تم التجاوز على أراضٍ تابعة لوزارات ومؤسسات الدولة وتحويلها إلى مرائب ومخازن أو ما يُعرف بمقبرة (السكراب والحديد) وهذا ما شاهدنا في تجوالنا. 
ميثم كريم سائق تكسي تحدث عن هذا الأمر قائلاً: بدل أن تعمل أمانة بغداد والجهات المختصة على تحويل هذه الأراضي إلى دور سكنية أو حدائق ومتنزهات وغيرها من أمور يحتاجها المواطن البغدادي، نشاهد أنها قد تحولت إلى أماكن طمر ورمي مخلفات المحال الصناعية والمعامل التي غزت المناطق السكنية في كل أرجاء بغداد، الأمر الذي شوّه منظر هذه الأحياء التي يشكو أهلها من تزايد هذا المحال للأسف أمام سكوت ولا مبالاة أمانة بغداد!

 

 

المناطق التراثية 
هذه الاستباحة والتجاوز وصلت إلى العديد من مناطق بغداد التراثية والتاريخية وأخذت تشوِّه معالمها العمرانية ومنها على سبيل الذكر البتاوين التي كانت مركزاً مهماً للمطابع والمذاخر الطبية ومحال تجارية كثيرة، فهي حلقة الوصل بين أهم شوارع بغداد الحيوية شارعي السعدون والنضال، لكن انتشار هذه المحال حولها إلى منطقة مخربة ومشوهة عمرانياً. والكثير من البيوت التراثية تحولت إلى مخازن أو معامل تصليح للسيارات إلى أجهزة أخرى مثل خباطات البناء أو المولدات.
منطقة كمب الأرمن هي الأخرى شكت من انتشار المحال الصناعية التي ترمي مخالفاتها على الشوارع والأرصفة وحتى جزرات الشارع التي تلوّن بلون زيت السيارات.

 

 

بغداد أجمـل
في نهاية الجولة التي رصدت الكثير من الحالات التي تشوه وتخرب بغداد وتجعل منها مدينة خربة لا تمت لتاريخها بشيء، كنا نأمل أن تكون بغداد أجمل وأزهى وكان الحلم كبيراً أن ترتقي سلم المدن المتحضرة الكبيرة، لكن للأسف خاب كل شيء! أكثر من 13 عاما على التغيير وحال بغداد يزاد مأساوية وخراباً ودماراً. أمانة بغداد تعد كل عام بمشاريع جديدة عمرانية وترفيهية لكن يبقى الأمر قولاً فقط من دون تطبيق.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram