TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عشم إبليس بالجنة !

عشم إبليس بالجنة !

نشر في: 13 فبراير, 2015: 05:48 ص

نشرت بعض الصحف المحلية يوم الخميس خبراً يفيد بصدور أحكام قضائية في حق ثلاثة من موظفي الدولة بتهم تتعلق بالفساد الإداري والمالي، كانت هيئة النزاهة طرفاً فيها لجهة الكشف عن حالات الفساد ورفعها إلى القضاء الذي توفرت له الدلائل القاطعة بصحة الاتهامات، فأصدر أحكامه في حقهم.
ما لفتني ان الأحكام القضائية الثلاثة صدرت كلها غيابياً، أي ان المتهمين المحكومين كانوا قد فرّوا بالجمل بما حمل، قبل انعقاد المحاكمات وربما مع بدء هيئة النزاهة بالتحقيقات، ولم يبن لهم أثر من حينها.. وأنا أقرأ الخبر تذكّرت حالة سابقة مماثلة نُشرت في الصحافة وكان المتهم المحكوم بالاختلاس غائباً هو الآخر. فضول الصحفي أخذني إلى الموقع الإلكتروني لهيئة النزاهة .. الاكتشاف المذهل هناك ان الأحكام الغيابية في قضايا النزاهة هي القاعدة وليست الاستثناء!
قبل الأحكام الثلاثة المنشورة يوم الخميس وجدتُ انه في أربعين يوماً ( منذ مطلع الشهر الماضي) قد صدرت تسعة أحكام بإدانة عشرة موظفين في الدولة في قضايا فساد مالي وإداري، وهذه الأحكام جميعها صدرت غيابياً، فيما لم يكن هناك حكم واحد قد صدر حضورياً. شخصياً لا أعرف تفسيراً لهذا، لكن المنطق يقول ان المتهمين بالفساد المالي والإداري الصادرة في حقهم الأحكام الغيابية قد استشعروا الخطر مسبقاً أو ان أشخاصاً قد أبلغوهم بعزم هيئة النزاهة على التحقيق معهم، فأطلقوا سيقانهم للريح!
السؤال الآن: ألم يخطر في بال مسؤولي هيئة النزاهة ان المتهمين بقضايا الفساد المالي والإداري يمكن أن يهربوا بالأموال المُختلسة الى خارج البلاد أو أن يتواروا عن الأنظار في الداخل؟.. والسؤال الآخر: بعدما تكررت حالات الغياب في قضايا الفساد المالي والإداري، ألم يكن جديراً بهيئة النزاهة أن تتخذ الإجراءات الضامنة لحضور المتهمين الى المحاكم باستصدار قرارات بمنع السفر وفرض الإقامة الجبرية أو أخذ الكفالة من المُحقّق معهم؟.. والسؤال الثالث: ألم تتحوط هيئة النزاهة لإمكانية أن تتسرب المعلومات من داخلها (لجان التحقيق) الى المتهمين المطلوبين الى التحقيق؟
ملاحظة أخرى، ان الأحكام الصادرة منذ بداية العام كلها تميزت بانها تتعلق بقضايا صغيرة، فيما ظلت قضايا الفساد الكبيرة والكبرى بعيدة عن القضاء. القضايا الثلاث المنشورة يوم الخميس، وقبلها القضايا التسع، تراوحت قيمة مبالغها بين ما يعادل بضع مئات من الدولارات و32 مليون دولار.. هذه القيمة، كما يعرف الجميع، لا تساوي شيئاً ذا قيمة بالمقارنة مع القضايا الكبرى التي تتعلق باختلاساتٍ ورشا تصل الى مئات ملايين الدولارات، بل مليارات الدولارات، بحسب ما تفيد به معطيات تعلن عنها على الدوام المصادر حسنة الاطلاع في الحكومة ومجلس النواب.
إلامَ نخلص من هذا؟
نخلص إلى ان "عشمنا" بمكافحة الفساد المالي والإداري هو كـ "عشم إبليس بالجنة"، كما يقال!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. عطا عباس

    هيئة النزاهة بوضعها الحالي سنبقى كسيحة الى الابد ... يجب أعادة النظر بوضعها كاملا : أدارة وتوجهات ، أن كانت الحكومة جادة بتفعيل دورها بمكافحة الفساد الذي يضرب مفاصل البلد من أقصاه الى أقصاه . الهيئة بوضعها الراهن هي جزء من ركام وأرث حكومتي المالكي السابقت

  2. حامد الشكرجي

    سيدي العزيز.. ارجو الانتباه الى ان الهيئة لاتدين سوى صغار الموظفين فقط .اما السياسين وابنائهم والوزارء والمدراء وكل من يرتبط بحزب اوميلشيا فيتم غض الطرف عنه حتى لو (حوسم الصايةوالصرماية) مئات المليارات نهبت ولم نحرك النزاهة ساكنا لكنها ترفع عقيرتها عال

  3. عطا عباس

    هيئة النزاهة بوضعها الحالي سنبقى كسيحة الى الابد ... يجب أعادة النظر بوضعها كاملا : أدارة وتوجهات ، أن كانت الحكومة جادة بتفعيل دورها بمكافحة الفساد الذي يضرب مفاصل البلد من أقصاه الى أقصاه . الهيئة بوضعها الراهن هي جزء من ركام وأرث حكومتي المالكي السابقت

  4. حامد الشكرجي

    سيدي العزيز.. ارجو الانتباه الى ان الهيئة لاتدين سوى صغار الموظفين فقط .اما السياسين وابنائهم والوزارء والمدراء وكل من يرتبط بحزب اوميلشيا فيتم غض الطرف عنه حتى لو (حوسم الصايةوالصرماية) مئات المليارات نهبت ولم نحرك النزاهة ساكنا لكنها ترفع عقيرتها عال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram