فقد الإعلام الرياضي العراقي أحد رموزه المشرّفة مهنياً وأخلاقياً الرائد الصحفي الرياضي قاسم العبيدي فجر أمس السبت الرابع عشر من شباط بعدما استسلم كلياً لمرضه منذ أسبوع ولم يجد بُدّاً من لفظ انفاسه الأخيرة مودعاً عائلته التي صبرت طوال السنين السبع وهو يُمسك مرتجفاً بأيدي أولاده (محمد وحسن واحسان) لعلهم يخففون عنه آلاماً مُبرحة نتيجة الفشل الكلوي التام الذي قضّ مضجعه ورمى جسده متقلباً على أسرّة المشافي في العاصمة القطرية الدوحة التي قصدها لرؤية نجله محمد على أمل العودة الى بغداده الحبيبة حيث ودعته في خريف 2008 ونثرت على وجهه دموع الفراق وكأنها لن ترى ثانية أحد أبطال الصحافة الرياضية الذي نذر لها حياته وتباهت به بين العرب والعالم بجانب قلة من رفاق القلم النجباء.
موت العبيدي حق عليه مثلما هو على الجميع، وربما ارتاح من عذابات مرضه وشجون رحلته التي رافقتها مشكلات عدة لم يضع في باله إنه سيصادف أسوأ المواقف التي اجبرته على ان يكون بين نارين كلاهما حارق ..خارق ( تجاوزه الاقامة الشرعية في قطر وصعوبة التخلي عن مراكز غسيل الكلى ورعايتها الفائقة)، كل ذلك بكفة، والحسرة توغِز في قلبه الشعور بأنه لم يقدم شيئاً لبلده الذي تركه صريع حيرته وعدم اسعاف طلبه قبل ان يكتوي بناري ( التأشيرة ومرضه).
موت العبيدي انهى فصلاً حزيناً من قصة جلد الرموز بسياط الجفاء ، لكنه فتح جرحاً غائراً لن يندمل سريعاً ولا يمكن السكوت عنه اليوم ومستقبلاً، فعذراً صاحبة الجلالة لم تعد سلطتك تقلق المسؤول مهابة لقيمتك لا خوفاً منك، وندائك الانساني لا يمسح دموع الضحايا فقد اعتاد بعض اصحاب القرار أن يلبسوا اقنعة الشياطين ويميتوا قلوبهم لئلا تضعف وتستجيب لشكوى أهل المهنة ومصائب الناس المبتلين بالمحن.
قضية العبيدي كشفت أن المروءة تحتضر، وأن الإعلام هُزِم أمام (الفيسبوك) الوافد الجديد لساحة الرأي العام، فبالرغم من المناشدات الكثيرة عبر وسائل الإعلام لاسيما الصحفية واشارات الاستغاثة التي اطلقها الزملاء القريبون والبعيدون من أزمة العبيدي المرفوعة الى مقامات عليا في الرياضة من السهل عليها إبداء المساعدة له ولغيره المشهود لهم بالخدمات المميزة في مسيرتهم إلا أنهم اصمّوا آذانهم وعصّبوا عيونهم ولم يتفوّهوا بكلمة واحدة، وتشاطر معهم للأسف زملاء عاصروا مشواره منذ ستينات القرن الماضي أكتفوا بالفرجة وتقديم الوعود الكاذبة حتى اغمض الرجل عينيه غير راضٍ عن موقفهم المخزي ، فكان (الفيسبوك) وسيلتي التي مررت بها نداء الاستغاثة العاجل مساء أول من أمس الجمعة ليكون أمام عامة الناس من اصدقاء وغرباء لعل أحدهم يلتفت ويبادر بصدى طيب.
بالفعل تلقيت لحظة اطلاق المنشور تفاعلات ساخنة وتعاطفاً كبيراً افرح قلبي وسرعان ما عاود حزنه على حين غرّة حيث وردتني رسالة (واتس آب) من نجل العبيدي أخبرني بوفاة والده وقدم شكره للالتفاتة الانسانية تجاهه، وبعدها رنّ هاتفي فكانت د. عاصفة موسى مديرة اعلام وزارة الشباب والرياضة وهي تنقل تحيات الوزير عبد الحسين عبطان معلناً تضامنه مع النداء وواعداً بتقديم المساعدة الفورية للعبيدي، فقلت لها: " نعم هو اليوم احوج الى المساعدة من قبل، فقد مات العبيدي ولم يزل جثمانه اسير المخالفة القانونية في قطر .. حققوا امنيته ليعطر جسده بتراب بغداد ".
المروءة تحتضر
[post-views]
نشر في: 14 فبراير, 2015: 05:15 ص
جميع التعليقات 2
منير جورج
الأستاذ اياد الصالحي المحترم نواسيكم والصحافة الرياضية بفقدان رائد من رواد الصحافة الرياضية العراقية المرحوم قاسم العبيدي، كنا قربين منه بالعمل، رجل مؤدب وذو خلق رفيع ومهني بأمتياز، هي خسارة كبيرة ولكنها أرادة الرب، يارب أرحمه ونورك الدائم ليشرق عليه..
منير جورج
الأستاذ اياد الصالحي المحترم نواسيكم والصحافة الرياضية بفقدان رائد من رواد الصحافة الرياضية العراقية المرحوم قاسم العبيدي، كنا قربين منه بالعمل، رجل مؤدب وذو خلق رفيع ومهني بأمتياز، هي خسارة كبيرة ولكنها أرادة الرب، يارب أرحمه ونورك الدائم ليشرق عليه..