TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حادث غادر وجبان

حادث غادر وجبان

نشر في: 16 فبراير, 2015: 05:41 ص

بعد حل الجيش العراقي اثر سقوط النظام السابق ، لم يتخيل ذلك الضابط الذي عاند الموت عدة مرات وافلت منه في عدة حروب أن يتحول الى رجل عاطل عن العمل او (كاسب )..كان يراقب الشارع العراقي بحسرة من يريد ان يقدم شيئا ليخدم وطنه ...بكى حين شاهد كيف (فرهد) العراقيون مخازن الدولة وقصور الرئاسة واعتبر ذلك قصورا في حق الوطن وخيانة لحبه فمن يحب أحدا لابد ان يناضل في سبيل الحفاظ عليه.. وكم من مرة دخل عليه أحد افراد عائلته ليجدونه يمشي المشية العسكرية ويأمر الجنود وكأنه في ساحة التدريب لدرجة انهم توقعوا ان يصيبه مس من جنون العسكرية يوما اذا لم يمارس مهنته من جديد او ينساها تماما ..
ما أن صدر قرار بتشكيل الجيش العراقي الجديد وقوات الحرس الوطني ودعوة الضباط السابقين للعودة الى وظائفهم حتى عاد سرا وكان سعيدا بارتداء البدلة العسكرية حتى ولو كان ذلك في وحدته العسكرية فقط وبعيدا عن أعين رجال تنظيم القاعدة الذين كانوا يتصيدون الرجال الشرفاء والناس الابرياء ...لم يكن يعرف بخبر عودته غير نفر قليل من أقاربه لكن (كلام النسوان ) و(أكلج ولا تكولين..) أوصل عبارة (فلان عاد للجيش) بسرعة الى اسماع رجال التنظيم فقاموا باختطافه وهو يحمل مسدسه في جيبه ووضعوه في صندوق السيارة واقتادوه الى جهة مجهولة ..يس اهله من العثور عليه وبلغتهم أنباء متضاربة عن مقتله مباشرة بعد اخراجه من صندوق السيارة لأنه لم يحتمل اقتياده بهذا الشكل المهين كالحملان فقرر أن يقتل من يجده أمامه موقنا بأنهم سيقتلونه لكنه سيموت شجاعا على الاقل ..
بعض الانباء قالت انه لم يتمكن من مواجهتهم وانهم عذبوه ثم قتلوه وبعضهم قال انهم اوثقوه بالاحجار ورموه في النهر ..
المهم انه اصبح في عداد القتلى –الشهداء- رغم عدم عثور اهله حتى الآن على جثته واكتفائهم بتبليغ رجال التنظيم لهم انه تم التنفيذ به !!!
هو واحد من مئات الرجال الشرفاء والابرياء الذين رحلوا بهذا الشكل الغادر واستحقوا عبارة (حادث غادر وجبان ) بجدارة لانهم فعلا ضحية ثمينة للغدر والجبن ...اغلبهم حاول أن يبني ويرمم ويصلح اخطاء الماضي فبرزت له عشرات الايدي التي تحطم وتدمر وتغتال الأمل مع الارواح الشريفة والمخلصة ..
في بلدي ، صار الغدر سمة غالبة والسلاح لعبة يتسلى بها معدومو الضمائر والمرتزقة وصار حب الوطن والاخلاص له تهمة يستحق صاحبها ان يزاح عن الطريق وببساطة تامة ليسير عليه القتلة ..لم يعد تنظيم القاعدة او داعش اعداء الحياة فحسب بل كل من يعطي الامر او يحمل السلاح ليقتل الابرياء والمخلصين..لابد اذن من سحب السلاح من الميليشيات لتقليص حجم القتل ولتصبح عبارة (حادث غادر وجبان) هدية من غريب جبل على القتل وليس من ابن البلد لاشقائه !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram