TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السنة والشيعة ومنازلة "عبعوب"

السنة والشيعة ومنازلة "عبعوب"

نشر في: 16 فبراير, 2015: 06:19 ص

يبدو البعض سعداء وهم يتابعون السجال الدائر بين النخب السياسية الشيعية والسنية حول حادث مقتل الشيخ قاسم الجنابي، يقول لك احدهم وهو يعلق ببرود على الحادث: نحن فقدنا 1700 في سبايكر، فماذا يعني مقتل عشرة أو عشرين من السنة، الم تفتك عصابات داعش من قبل بأهالي تلعفر؟
منذ حادثة قناة الجيش، وانا اقرأ تعليقات وكتابات تكشف عن مستوى الطائفية المتوحشة التي وصلنا إليها؟
بالامس وداعش تذبح أقباط مصريين خرج علينا من يسخر ويشمت ومن يردد: دعهم يذوقون ما ذقناه خلال السنوات الماضية، وفيما كان المانشيت الاول في معظم صحف العالم: "إدانة دولية واسعة لجريمة ذبح 21 مصريا"، كان خبر ذبح 27 شرطيا عراقيا، مجرد خبر عادي نسي المحرر ان يضعه ولو بأسفل الصفحة.
هل هناك أسوأ من صور داعش وهي تعيث فسادا في مدن العراق؟ سنقول: نعم، إنها المعركة الدائرة حول عبعوب، هل يبقى امينا للعاصمة، أم تتم اقالته؟ قد تقولون: إنه موقف سياسي، وهناك استحقاق يخص جهة سياسية، فلنترك هذه المسألة الآن ونتقدم إلى الأمام.
وأنا اقرأ هذه التحليلات لنخب سياسية وثقافية من مختلف المشارب والأهواء سألت نفسي سؤالا: ترى متى نستطيع نحن المثقفين ان نقدم تحليلاً علمياً لما يجرى في العراق هذه اللحظة؟.. ومتى يمكننا نحن المنشغلين بالتنظير ومعارك المصير، مواجهة الحاضر دون الانشغال بمنصب عبعوب، وتقليب دفاتر الطائفية؟.. طبعا لا احد يمكن له ان يصادر حق أي كاتب او سياسي او عضو مجلس نواب في ان يقدم وجهة نظره لما جرى ويجري الآن في البلاد، ولكن ليس من حق احد ان يحول العلاقة التاريخية بين أبناء الشعب، إلى شتيمة لكل العراقيين وان يضع نفسه وصياً على شكل ونوع العلاقة التي تربط بينهم فمثل هذه الأفعال لن تساعد العراقيين في شيء، ولن ترجع الروح الى عشر سنوات من أعمارهم ضاعت في ظل صراع سياسي على كعكة البلاد.
منذ حادثة الجنابي وهناك أصوات تجيد لعبة توزيع الاتهامات على كل من لا يعجبهم، بل حاول البعض ان يعطينا دروساً في فنون الوطنية، وأساليب الحفاظ على اللحمة من خلال مقولات وجمل مستهلكة، فوجدنا نائبة تصرخ " انظروا الى أهلنا في الجنوب كيف يقاتلون من اجل الانبار " وكأن الأنبار دولة مجاورة وسكانها لا يرتبطون مع أهالي الجنوب برابطة الدم والتاريخ والقرابة. فيما خرج علينا نائب بخطاب سمج وساذج يطالبنا فيه بان نحيّي الروح الوطنية لأهالي تكريت، الذين فتحوا بيوتهم لمجندين من الشيعة.. ونسي النائب " الانتهازي " ان الذي يربط بين تكريت وباقي مدن العراق اكثر مما يربطه بالعراق.
يدرك السادة النواب ومعهم معظم الساسة إن العراقيين بكل طوائفهم ذاقوا الظلم مضاعفاً حين حاول الجميع تحميلهم وزر جرائم أخطاء وخطايا الساسة، ولكنهم عانوا اكثر من مرارة الطائفية التي نكلت بالجميع، سُنّة وشيعة، وسط تهليل سياسي من البصرة الى صلاح الدين، يهتف باسم المظلومية مرة والتهميش والإقصاء مرات عدة.
منذ أحد عشر عاماً ومسؤولونا "الأشاوس" يبهرون العالم برواياتهم العظيمة، لكن حكاية عبعوب وامانة بغداد ستظل تفوق ما قبلها وما بعدها، فهي ذات حبكة وأسلوب جديد، وتمتاز بطريقة جديدة في الضحك على ذقوننا، وتزييف لإرادة العراقيين بالتغيير نحو الأفضل والاكفأ.. ما معنى ان ناخذ استخارة في ملف الخدمات، ونعجز عن إقالة مسؤول له سجل كوميدي.
عَلامَ التغيير اذن، إذا لم يكن في الإمكان الحصول على نتائج أفضل ومحاسبة الفاشل؟ ما الذي سيتغير اليوم ما لم نغير قوانين الأمس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. داخل السومري

    ايها السيدات والسادة وشعبنا وطننا ينزلق الى الحضيض كل يوم لتكن لدينا الشجاعة الكافية والوقوف بحزم لمجابهة المرض الخطير الذي ينخر بأجسامنا ويقطعنا اشلاء متناثرة هنا وهناك وان نشير الى هذا المرض بوضوح وبلا لف وبلا دوران. ان هذا المرض الخبيث الذي ينهش بنا هو

  2. داخل السومري

    ايها السيدات والسادة وشعبنا وطننا ينزلق الى الحضيض كل يوم لتكن لدينا الشجاعة الكافية والوقوف بحزم لمجابهة المرض الخطير الذي ينخر بأجسامنا ويقطعنا اشلاء متناثرة هنا وهناك وان نشير الى هذا المرض بوضوح وبلا لف وبلا دوران. ان هذا المرض الخبيث الذي ينهش بنا هو

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram