يبدو البعض سعداء وهم يتابعون السجال الدائر بين النخب السياسية الشيعية والسنية حول حادث مقتل الشيخ قاسم الجنابي، يقول لك احدهم وهو يعلق ببرود على الحادث: نحن فقدنا 1700 في سبايكر، فماذا يعني مقتل عشرة أو عشرين من السنة، الم تفتك عصابات داعش من قبل بأهالي تلعفر؟
منذ حادثة قناة الجيش، وانا اقرأ تعليقات وكتابات تكشف عن مستوى الطائفية المتوحشة التي وصلنا إليها؟
بالامس وداعش تذبح أقباط مصريين خرج علينا من يسخر ويشمت ومن يردد: دعهم يذوقون ما ذقناه خلال السنوات الماضية، وفيما كان المانشيت الاول في معظم صحف العالم: "إدانة دولية واسعة لجريمة ذبح 21 مصريا"، كان خبر ذبح 27 شرطيا عراقيا، مجرد خبر عادي نسي المحرر ان يضعه ولو بأسفل الصفحة.
هل هناك أسوأ من صور داعش وهي تعيث فسادا في مدن العراق؟ سنقول: نعم، إنها المعركة الدائرة حول عبعوب، هل يبقى امينا للعاصمة، أم تتم اقالته؟ قد تقولون: إنه موقف سياسي، وهناك استحقاق يخص جهة سياسية، فلنترك هذه المسألة الآن ونتقدم إلى الأمام.
وأنا اقرأ هذه التحليلات لنخب سياسية وثقافية من مختلف المشارب والأهواء سألت نفسي سؤالا: ترى متى نستطيع نحن المثقفين ان نقدم تحليلاً علمياً لما يجرى في العراق هذه اللحظة؟.. ومتى يمكننا نحن المنشغلين بالتنظير ومعارك المصير، مواجهة الحاضر دون الانشغال بمنصب عبعوب، وتقليب دفاتر الطائفية؟.. طبعا لا احد يمكن له ان يصادر حق أي كاتب او سياسي او عضو مجلس نواب في ان يقدم وجهة نظره لما جرى ويجري الآن في البلاد، ولكن ليس من حق احد ان يحول العلاقة التاريخية بين أبناء الشعب، إلى شتيمة لكل العراقيين وان يضع نفسه وصياً على شكل ونوع العلاقة التي تربط بينهم فمثل هذه الأفعال لن تساعد العراقيين في شيء، ولن ترجع الروح الى عشر سنوات من أعمارهم ضاعت في ظل صراع سياسي على كعكة البلاد.
منذ حادثة الجنابي وهناك أصوات تجيد لعبة توزيع الاتهامات على كل من لا يعجبهم، بل حاول البعض ان يعطينا دروساً في فنون الوطنية، وأساليب الحفاظ على اللحمة من خلال مقولات وجمل مستهلكة، فوجدنا نائبة تصرخ " انظروا الى أهلنا في الجنوب كيف يقاتلون من اجل الانبار " وكأن الأنبار دولة مجاورة وسكانها لا يرتبطون مع أهالي الجنوب برابطة الدم والتاريخ والقرابة. فيما خرج علينا نائب بخطاب سمج وساذج يطالبنا فيه بان نحيّي الروح الوطنية لأهالي تكريت، الذين فتحوا بيوتهم لمجندين من الشيعة.. ونسي النائب " الانتهازي " ان الذي يربط بين تكريت وباقي مدن العراق اكثر مما يربطه بالعراق.
يدرك السادة النواب ومعهم معظم الساسة إن العراقيين بكل طوائفهم ذاقوا الظلم مضاعفاً حين حاول الجميع تحميلهم وزر جرائم أخطاء وخطايا الساسة، ولكنهم عانوا اكثر من مرارة الطائفية التي نكلت بالجميع، سُنّة وشيعة، وسط تهليل سياسي من البصرة الى صلاح الدين، يهتف باسم المظلومية مرة والتهميش والإقصاء مرات عدة.
منذ أحد عشر عاماً ومسؤولونا "الأشاوس" يبهرون العالم برواياتهم العظيمة، لكن حكاية عبعوب وامانة بغداد ستظل تفوق ما قبلها وما بعدها، فهي ذات حبكة وأسلوب جديد، وتمتاز بطريقة جديدة في الضحك على ذقوننا، وتزييف لإرادة العراقيين بالتغيير نحو الأفضل والاكفأ.. ما معنى ان ناخذ استخارة في ملف الخدمات، ونعجز عن إقالة مسؤول له سجل كوميدي.
عَلامَ التغيير اذن، إذا لم يكن في الإمكان الحصول على نتائج أفضل ومحاسبة الفاشل؟ ما الذي سيتغير اليوم ما لم نغير قوانين الأمس.
السنة والشيعة ومنازلة "عبعوب"
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2015: 06:19 ص
جميع التعليقات 2
داخل السومري
ايها السيدات والسادة وشعبنا وطننا ينزلق الى الحضيض كل يوم لتكن لدينا الشجاعة الكافية والوقوف بحزم لمجابهة المرض الخطير الذي ينخر بأجسامنا ويقطعنا اشلاء متناثرة هنا وهناك وان نشير الى هذا المرض بوضوح وبلا لف وبلا دوران. ان هذا المرض الخبيث الذي ينهش بنا هو
داخل السومري
ايها السيدات والسادة وشعبنا وطننا ينزلق الى الحضيض كل يوم لتكن لدينا الشجاعة الكافية والوقوف بحزم لمجابهة المرض الخطير الذي ينخر بأجسامنا ويقطعنا اشلاء متناثرة هنا وهناك وان نشير الى هذا المرض بوضوح وبلا لف وبلا دوران. ان هذا المرض الخبيث الذي ينهش بنا هو