حسناً تصرّف الكابتن راضي شنيشل في موقفه المبدئي والمهني بإخلاء مسؤوليته من قتل الوقت إزاء برنامج تحضير المنتخب الوطني لتصفيات كأس العالم المؤمل انطلاقها في حزيران المقبل بعدما اعلنها صراحة عدم قدرته على قيادة المنتخب الوطني استعداداً لتصفيات كأس العالم 2018 لارتباطه مع نادي قطر بعقد رسمي ينتهي أواخر أيار المقبل، ومن المحتمل ان يتواصل الشهر نفسه مع مسابقة كأس ولي العهد وبذلك يكون شنيشل قد أوصد بابه بأدبٍ أمام من يواصل الطرق عليه بإلحاح!
الغريب في الأمر أن يرمي بعض اعضاء الاتحاد الكرة في مرمى الرئيس مسعود المتواجد في العاصمة السعودية الرياض بذريعة أن هناك اتفاقاً مسبقاً بينه وبيّن شنيشل على البدء بمفاوضات رسمية مع نادي قطر بعد انتهاء بطولة أمم آسيا وحسم مصيره في وقت مبكر لاستثمار الوقت، ويتعكّز هؤلاء على تأخر بدء التفاوض لعدم وضوح رؤية لجنة المنتخبات بالتنسيق مع اللجنة الفنية اللتين تريثتا كثيراً قبيل تسمية الملاكين التدريبيين لمنتخبي الأولمبي والشباب بينما تُرك مصير الوطني غامضاً بانتظار تنفيذ الاتفاق المسبق لإرسال وفد تفاوضي الى الدوحة مع ايماننا ان التفاوض عقيم ولا جدوى له.
مع إن جميع المهام الوطنية الخاصة بالأولمبي والشباب والناشئين تحظى باهتمام استثنائي من وسائل اعلام مختلفة وجمهور ومحللين، لكن يبقى للوطني تأثيره المباشر على معنويات الأسرة الكروية ومنه تُستمد اشارات التفاؤل للمضي باللعبة الى أبعد من الطموحات المرجحة، لهذا ليس سهلاً أن تبقى معطيات تحضيراته تدور في حلقة فارغة ووعود سرعان ما تم التبرؤ منها تحت شتى الذرائع من دون ان تؤخذ مصلحة الكرة العراقية المقبلة على نكبة جديدة وإقصاء مرير من تصفيات المونديال إذا ما بقيت العواطف تتحكم بسلوكنا الاداري لمعالجة أية قضية.
للعلم سبق أن نبهنا من تبعات الاستعانة بالمدرب راضي شنيشل على سبيل الإعارة إذا ما أفلح في مداواة روحية اللاعبين التي اهتزت عقب الزلزال الخليجي في الرياض، فالمشكلة ستتفاقم بعد خلاص المهمة وهو ما يحصل اليوم، وللأسف الجميع فسّر تنبيهنا انه ضد استعانة الاتحاد بالمدرب وهناك من بالغ في نقل معلومة لشنيشل أن قدراته محل شكنا، والصحيح أن ستراتيجية استقطابه لم تكتمل حتى نهاية المشوار المونديالي وإلا بإمكان أي مدرب محلي لديه تجارب دولية سابقة ان يقوم بدور الفزعة الوطنية وينجح خلال الفترة القصيرة التي عاشها المنتخب برفقة شنيشل ومساعديه ثم يستمر مع اللاعبين بلا مشكلات.
في ضوء التغيير الحاصل لملاك المنتخب الوطني بسحب المدرب يحيى علوان واناطته مهمة الأولمبي، والإعتذار الرسمي من راضي شنيشل عن التفرّغ للمنتخب، يصبح من المنطق أن يُبقي اتحاد الكرة على المستشار نزار اشرف ومدرب الحراس عماد هاشم وضرورة اختيار مدرب كُفء وحريص وانضباطي من طراز الكابتن راضي شنيشل بحيويته وجديته التي أعادت الثقة للأسود وهم يخرجون من المعترك القاري الكبير بنتائج مرضية ومركز رابع فاق جميع التكهنات.
ويمكن ان نشارك اعضاء لجنة المنتخبات الرؤى بتقديم ملف ثائر جسّام أو أيوب أوديشو اللذين يتمتعان بسيرة فنية رائعة سبقتها منجزات باهرة منذ مواسم التسعينات حتى الآن، فضلاً عن اضطلاعهما بإمكانات لاعبي الدوري لاسيما أن منتخبنا بحاجة ماسة لدعم صفوفه بلاعبي الدفاع بعدما اصبح خطهم مكشوفاً ومليئاً بالأخطاء الساذجة ما يُلقي مسؤولية كبيرة على عاتق المدرب القادم لمعالجة الثغرات وتسمية المؤهلين حقاً لارتداء القميص الوطني.
صراحة تتطلب الفترة المقبلة تهدئة التصريحات بين اعضاء الاتحاد واقتصارها على متحدث رسمي يوجز الفعاليات اليومية وابرز المواقف المترتبة على قرار ما أو رد فعل أو حدث مرتقب في مؤتمر صحفي نصف اسبوعي بدلاً من ترك بعض وسائل الاعلام تأخذ المبادرة من الاتحاد وتسيّر مركبه بالاتجاهات التي ترغب لاسيما ان بعض اعضاء الاتحاد يرى في ظهوره عبر الصحف والتلفزة مقياساً لأهميته وتفاعله مع الرأي العام حتى لو كان تصريحه لا يمت بصلة لواجباته الاساس وما يمكن ان يؤججه من مواقف تقلل كثيراً من مهابة الاتحاد وتوّسع دائرة الصراع من حوله وبالتالي يجد نفسه محاصراً وسط أزمات عدة تشغله عن أداء التزاماته وتقوّض ثقة الآخرين به حتى لو صنع المعجزات.
تفاوض عقيم!
[post-views]
نشر في: 18 فبراير, 2015: 03:05 ص