الأزمنةُ تتغير وعلينا أن نتكيّف !..
عند بلوغك السبعين ، أيها الكولومبي الساحر ، صرت تشبه بندول الساعة الذي يتذبذب يمينا غالب الاوقات ثم لبرهات قصار يتجه يسارا نحو كوبا . وعندما توقفت ساعة اليسار عن اعلان دقاتها شرقا أعلنت بلا مواربة " إن الأزمنة تتغير وعلينا أن نتكيف" . ولم تجد بأسا في التكيف والانحياز لاقتصاد السوق وميل بندولك الشخصي نحو البورجوازية اليمينية ومصاحبة الرؤساء اليمينيين ، لكنك لم تفرِّط بصداقتك لكاسترو . وعندما احتجّت الحشود على إعدام معارض كوبي كنت مع اوكتافيو باث في حشد جماهيري وبدأت تبرر علاقتك بكاسترو ودورك في اعفاء السجناء واطلاق سراحهم. وعندما عدت في اوائل التسعينات الى كولومبيا طرحت نفسك كرجل عالمي مشهور يرغب بأدوار سياسية كبيرة اكثر من كونه كاتبا شهيرا ووظّفت شهرتك الأدبية لخدمة السياسة . ترى كيف وطدت موقعك كأديب يغازل السياسة المتغيرة؟؟
- أصدقائي الرؤساء مختلفون بينهم اشتراكيون ويمينيون، لكني أردت طرح موقفي السياسي فاشتريت بالمزاد نشرة اخبار تلفزيونية مسائية وشاركني الاستثمار بعض أصدقائي الصحفيين و دفعت المبلغ الأكبر، ومنحتني الحكومة رخصة بدء البث في 1992..
- هل كنت تخطط لعودة مظفرة الى كولومبيا عن طريق السياسة ؟؟
ليس الأمر كذلك لكني قررت العودة وإرساء قواعد راسخة لحياتي فاشتريت شقة فخمة في بوغوتا وخططت لبناء منزل أحلامي على البحر في كارثاخينا ..
- صرت تدعى الى معظم الفعاليات السياسية والثقافية في أميركا اللاتينية وإسبانيا ثم الولايات المتحدة التي منحتك تأشيرة دخول بعد ثلاثين سنة من محاولات الحصول عليها ، لماذا كنت ترنو بلهفة إلى زيارة الولايات المتحدة ؟؟
- قرائي المتحمسون في الولايات المتحدة أكثر من أي بلد في العالم . وفي مقدمتهم الرئيس بيل كلينتون ، ولم يكن اعتراضي على أميركا طوال السنوات إلا اعتراضا سياسيا لكني أقدر ثقافة الشعب وقد حضرت لغرض ثقافي وهو دعوتي لافتتاح مهرجان نيويورك السينمائي..
- و حظيت أخيرا بلقاء الرئيس كلينتون ، هل كان الأمر مخططا له؟؟
- حصل اللقاء بمبادرة من الروائي وليم سارويان عندما دعاني انا وكارلوس فوينتس الى منزله لنلتقي بكلينتون وزوجته هيلاري لسبب أدبي بحت : وهو أننا الأربعة - سارويان وكلينتون وفوينتس وأنا مغرمون بفولكنر رغم مابيننا من تناقضات. أدهشنا بيل كلينتون عندما قرأ لنا عن ظهر قلب مقاطع كاملة من رواية "الصخب والعنف" بينما ورد في الصحافة أن عائلة بوش لاتملك كتبا في منزلها وتكتفي بمشاهدة التلفاز ،وقد حاولت سحب الحوار الى السياسة ومناقشة موضوع كوبا لكن الأمر لم يلق استجابة تُذكر من قبل كلينتون ..
كان فوينتس ، الحاذق سياسيا ، يسابقك لطرح أفكاره فقال من أجل حل المشكلة الكوبية : "على كلينتون أن يتخلى عن فلوريدا ليربح العالم وعلى كاسترو أن يتخلى عن ماركس لينقذ الثورة" لكن أحدا لم يستمع اليه ..
- عند سقوط بينوشيه دعيت لإعادة افتتاح منزل "بابلو نيرودا" في "إيسلا نيغرا" بعد أن أغلقه بينوشيه على مدى 17 عاما ، وحضرت مناسبات ثقافية عديدة في أميركا اللاتينية واسبانيا ، وفي الوقت ذاته كنت توطد علاقاتك بالساسة ورؤساء العالم : كاسترو ورؤساء كولومبيا المحافظين ورئيس المكسيك وتوطدت صداقتك مع رؤساء فرنسا واسبانيا والمدير العام لليونسكو..بمعنى أن البندول قد اتجه يمينا بصورة نهائية ، ماقولك في هذا ؟؟
- علينا أن نتكيف مع المتغيرات وما أتوقعه للقرن 21 أن على النساء الأخذ بزمام العالم لانقاذ البشرية.