الذي نعرفه ان الإنسان الحق يفرح لو اتاه الخبر اليقين حتى وان كان ضد مصالحه. ومن يكذّب الكذّاب ويتحداه علنا يستحق الاحترام. أما ان تجد ملّة يحزنها فضح الكذّابين وتريد لهذا الشعب ان يظل مكذوبا عليه ليوم الدين فهذه هي التي تخرج أعقل العقلاء عن طوره.
في حديثه الأخير مع مجموعة من الإعلاميين العراقيين تحدث حيدر العبادي بصراحة ما كنا قد عهدناها عند اسلافه من زمن بعيد. لا أقول انه أتى بمعجزة بل كان يتكلم بعقله، لذا خاطب العقلاء من الشعب. وصاحب العقل يفرض على العقلاء احترامه. أما الجهلاء، وما أكثرهم للأسف، فمن الطبيعي ان يشتاطوا من صراحته غيظا.
فضح الرجل مصانع الكذب دون ان يلوذ بجملة انشائية واحدة لا تأخذ منها حقا او باطلا. وضع اصبعه على الدنبلة الأم حين استنجد بقاعدة "حدّث العاقل بما لا يليق. كانت في عينه صرخة: ويحكم أما فيكم عاقل؟ وبدلا من أن يخجل الكذابون عندما طالبهم بالدليل والأرقام، شتموه. وشنو؟ ألم يشتموا عليّا من قبله وتركوه بلا صاحب؟
للأمانة انني لم أكن اعرف بحديث العبادي لأني كنت في سفرة علاجية حالت بيني وبين متابعة الأخبار. لكن احد البوستات نزل على صفحتي في فيسبوك وصاحبه يستغيث بالشيعة لينقذوا انفسهم من تكذيب العبادي للشائعات التي تقول بأن الامريكان يمدون الدواعش بالسلاح والطعام والماء وربما بالسجائر أيضا. أمثل هذا الكلام يريح الشيعة أم يحزنهم؟ وهكذا بدلا من أن يحمد البعض ربّه على انكشاف الخيط الأبيض من الخيط الأسود وأن يعتبر ما جاء على لسان العبادي بشارة خير، انهال عليه بأبشع ما يمر على بالكم من الفاظ بذيئة.
أعرف ان مثل هؤلاء لا يستحقون ان نشغل أنفسنا ونشغلكم معنا بترّهاتهم، لكنهم يشكلون ظاهرة أنا على يقين من ان ثلاثة ارباع المصائب التي نزلت على رأس العراق، بسببها. انهم البؤساء حقا. ومن أشد بؤسا ممن لا يميز بين الذي يضره وينفعه؟ صدق العبادي عندما قال انها أكاذيب مصنوعة. وازيده بانها متعوب ومصروف عليها أيضا.
صبرا يا عقلاء العراق الطيبين إذ ستظلون تدفعون الثمن ما دمتم لا تشربون من بئر أكاذيبهم. وانت يا حافر البير أذكرك لا تغمّج مساحيها، لأنه، خاف الزمن يندار وانت التكع بيها. هذا ان لم تكن قد وقعت بها فعلا ولن تنقذك حبال الكذب لأنها قصيرة مهما طالت.
يا حافـر البيـر
[post-views]
نشر في: 24 فبراير, 2015: 03:42 ص