في شهر واحد، هو الشهر الماضي أول أشهر العام الحالي، أمر القضاء بإخلاء سبيل نحو ثمانية الآف شخص كانوا موقوفين ولم تثبت إدانتهم بالتهم الموجهة إليهم واقتضت سلب حريتهم، بحسب ما أفاد به المتحدث الرسمي باسم القضاء القاضي عبد الستار بيرقدار.
هذا واحد من الأخبار الجيدة الشحيحة وسط سيل الأخبار السيئة المتدفق علينا على مدار الساعة، لكنّ السيد بيرقدار لم يُشبع فضولنا في ما قدّم من معلومات .. هو اكتفى بالقول ان المحاكم في البلاد أفرجت الشهر الماضي عن سبعة آلاف و141 موقوفاً و806 آخرين كانوا في دور المحاكمة، وأضاف ان بين المُخلى سبيلهم ألفين و266 متهماً بالإرهاب لم تثبت إدانتهم.
السيد بيرقدار لم يعطنا فكرة عن أطول وأقصر فترة توقيف أو معدل فترة التوقيف لهؤلاء الآلاف .. أتوقع ان بعض الموقوفين قد أمضى سنوات ينتظر عدم ثبوت التهمة الموجهة له، وفي كثير من الحالات يصحّ القول انها ملفّقة في حقه.
السيد بيرقدار لم يُفصح أيضاً عن طبيعة التهم الموجهة الى الغالبية الساحقة من هؤلاء الموقوفين. هو فقط أعلن ان ألفين و266 منهم كانوا متهمين بالإرهاب. كما انه لم يُعلن لنا كم ألفاً أُطلق سراحهم على مدى العام الماضي ممن لم تثبت إدانتهم كذلك.
السيد بيرقدار لم يخبرنا أيضاً كيف عومل هؤلاء المعتقلون طوال فترة حجزهم، وبخاصة المتهمين بالإرهاب.. هل تقيّدت السلطات ،حاجزة حريتهم، بالقوانين الوطنية والشرائع الدولية الخاصة بحقوق الانسان.
السيد بيرقدار لم يتحدث عما إذا كان البعض من هؤلاء قد أسيئت معاملته في المعتقلات، وما اذا أصيب البعض منهم بأمراض نفسية أو عصبية أو جسدية، وما إذا كان بعض الموقوفين قد مات قبل أن تثبت براءته.
السيد بيرقدار لم يُفدنا بما فعله القضاء في شأن التعويض لهؤلاء المعتقلين الذي لم تثبت التهم الموجهة اليهم أو الملفقة في حقهم، وهل من حقهم إقامة دعاوى للتعويض ضد معتقليهم أو من وجّه التهم أو لفقها في حقهم؟
المتحدث الرسمي باسم القضاء تعامل في تصريحه مع الموقوفين المطلق سراحهم بوصفهم أرقاماً فحسب، فيما هم بشر من لحم ودم وروح ومشاعر، حُجِزت حريتهم وربما أهينوا وعُذّبوا من دون ذنب، وهو ما خلّف فيهم وفي عائلاتهم آثاراً نفسية قاسية .. كل واحد من المعتقلين الذين أطلق سراحهم بعد فترة، طويلة في الغالب، له أم وأب وأخوات وإخوة وبعضهم له زوجة أو زوج وبنات وأبناء وأحبة وأصدقاء.
وأخيرا السيد بيرقدار لم يقل لنا أيضاً ما إذا كانت السلطة القضائية قد اتخذت أية ترتيبات أو أصدرت أية توجيهات الى السلطة التنفيذية للحدّ في الأقل من مستوى الاعتقالات الجزافية أو العشوائية، حتى لا يلحق الظلم بأحد فتُحجز حريته فترة طويلة وتُساء معاملته، وهو بريء.
ليت السيد بيرقدار وسائر أعضاء مجلس القضاء الأعلى وسائر مسؤولي السلطة القضائية يفكرون في ما يمكن أن يشعروا به لو حدث أن جرى اعتقالهم لاسبوع واحد فقط بتهمة ملفقة!
إنهم بشر .. لا حجر!
[post-views]
نشر في: 24 فبراير, 2015: 05:52 ص
جميع التعليقات 4
كريم مال الله
السلام عليكم اولا السيد بيرقدار هو النطق باسم مدحت المحمود وليس ناطقا باسم مجلس القضاء الاعلى كما يدعم ولو كان ناطقا باسم الموسسه القضائيه فعلا لخجل من ذكر هذه الارقام المخيفة من الموقوفين الذين جرى الإفراج عنهم بإرادته سياسيه وليس قرار قانوني سليم في ب
ام رشا
أستاذ عدنان الضمائر الحية هي من يصنع العدالة وبالتالي بلد امن ومستقر يحترم فيه الإنسان و حقوقه، كنت اتمنى ان تتناول الأقلام الحرة هذا الموضوع منذ عشرة سنوات شكرا .
كريم مال الله
السلام عليكم اولا السيد بيرقدار هو النطق باسم مدحت المحمود وليس ناطقا باسم مجلس القضاء الاعلى كما يدعم ولو كان ناطقا باسم الموسسه القضائيه فعلا لخجل من ذكر هذه الارقام المخيفة من الموقوفين الذين جرى الإفراج عنهم بإرادته سياسيه وليس قرار قانوني سليم في ب
ام رشا
أستاذ عدنان الضمائر الحية هي من يصنع العدالة وبالتالي بلد امن ومستقر يحترم فيه الإنسان و حقوقه، كنت اتمنى ان تتناول الأقلام الحرة هذا الموضوع منذ عشرة سنوات شكرا .