عاش التركي يشار كمال مثل بطل روايته الشهيرة"ميميد الناحل"اشبه بروبن هود بملابس عصرية، يعشق الفقراء ومستعد للموت دفاعا عن اصغر القضايا، يكتب الى الروائية اليف شفيق ردا على سؤالها ما وظيفة الروائي في عصرنا المزدحم بالحروب والمجاعات وسباق التكنولوجيا:"نريد للرواية ان تكافح اضطهاد الانسان لاخيه الانسان، لان الظلم عار على البشرية".
بالأمس عدت الى سيرة المناضل التركي، وانا اقرأ خبر رحيله، ذلك الكاتب العظيم الذي عاش حياته وهو يحمل لقب سجين دائم يبحث عن المعوزين وأولئك الذين يملأون الحياة صخباً،:"لا اريد للقاريء ان يصبح قاتلا اريده ان يعادي الحروب".
في أزمان المحن تسعى النخب الثقافية والفكرية الى ان تسجل شهادتها على التاريخ، يصبح المثقف جزءا من صناعة الحدث اليومي، يصر على أن يبقى صواته أعلى من أصوات السياسيين.. أما في العراق فقد يأخذ البعض على نخبنا المثقفة، أنها للاسف تقف معظم الوقت في منطقة رمادية ليس لها معالم واضحة، في الوقت الذي كان بإمكانها أن تحرك المياه الآسنة في"بركة"السياسة، بالوقوف في الطليعة لتشكيل رأي عام يقف ضد الفساد، والطائفية والمحاصصة.
منذ ايام، وانا اقرأ واتابع تعليقات وكتابات تكشف عن المستوى الذي وصلنا اليه، فبالامس وداعش تهدم تاريخ العراق وتسبي نسائه خرج علينا من يسخر ويشمت من اهل الموصل، وكان من بين الشامتين من طالب ان يذوق أهالي هذه المدينة العذاب وبئس المصير، بل ذهب البعض الى أسوأ من صور الشتيمة والسخرية والتشفي، بان دعا الجهات الامنية ان تحرق الموصل ولو بالكيمياوي اذا تطلب الامر، ايمانا منهم ان هذا الزمن لاينفع فيه سوى نظريات وصولات علي حسن المجيد.
وانا اقرأ هذه التعليقات رجعت بي الذاكرة الى الرسالة الشهيرة التي بعثتها الفنانة السورية رغدة والتي تفضل ان يسميها الاخرون"الماجدة ام محمد" الى الرئيس بشار الاسد، ماذا كان موضوع الرسالة؟ لم تكن استغاثة من اجل 4 ملايين نازح، ولا استعطافاً ان تتوقف آلة الحرب الكريهة، ولادعوة من اجل سلام للامهات والاطفال المشردين، كانت تريد من الرئيس السوري المزيد من القتل والدمار لكل الخونة الذين خرجوا على ارادة النظام:"سيدي الرئيس، لا نريد بيوتنا بل نريد سوريتنا، لا نريد عقاراتنا بل إنقاذ حضارتنا. لا نريد أنجاسا يبكيهم البعض، لا نريد خونة، أسقطوا منهم الجنسية السورية. علقوا المشانق في الساحات، نريد قصف كل منطقة ولو مات آلاف المدنيين كل من بقي من المدنيين في تلك المناطق هو حاضن ومتواطئ. أحرقوا الأرض بمن فيها. أما آن للكيماوي أن يستشيط".
اما آن للكيمياوي ان يأخذ دوره الحقيقي في معاركنا، هذه هي امنية الماجدة ام محمد التي قالت لصحيفة روز اليوسف قبل اعوام بانها ارسلت رسالة الى صدام في السجن تحيي وقفته"الباسلة"امام جلاوزة الاحتلال، وحين سالها الصحفي عما تبقى من ذكريات اللقاء مع صدام، قالت لن انسى تلك التحية المحببة الى نفسي"شلونك ام محمد".
رجاءً وانتم تكتبون"بالكيمياوي او بدونه" اتمنى عليكم ان تعرفوا أنكم لست وحدكم في هذا البلد، لا أنتم ولا مَن يشبهونكم، هذا وطن من يؤمنون به، بتنوعه وتعدده، والمواطنة فيه ليست مِنَحاً توزَّع حسب صولات معاك المصير، هذا وطن سيحتضِر لو أُلغي فيه حق الآخر، أو انتصر فيه امراء"الكيمياوي"على مَن هم أضعف منهم.. أو قـُهر فيه البعض لصالح القطيع الطائفي، خراب البلدان ليس في الحرب التي تقتل البشر، بل في الحروب التي تقتل المشاعر، وتحجب الامل، ليتحول كلُّ شيء إلى عصف كيمياوي.
"شلونك" أم محمد
[post-views]
نشر في: 1 مارس, 2015: 06:36 ص
جميع التعليقات 4
ام رشا
أستاذ علي من المسلمات ان الفنانين هم اكثر الناس رقة في المشاعر وأحساسا بالام الآخرين و معاناتهم ،هل يعقل ان يصدر عن رغدة هذا الكلام وهي الفنانه ! اعتقد ان نجمها بدء بالافول فبدأت بالصراخ مجددا كما فعلته سابقا لعلها تستعيد مجدها الغابر ،وقد اصبح القتل ومن
mahdi
السيد علي حسين المحترم تحية طيبة.. مقال جيد و مقارنة جميلة بين الروائي الكردي المعروف يشار كمال و الفانة السورية ، ولكن أريد ان اعلق أو افكر جنابكم او اسئلكم، هل ذكرك لاسم يشار كمال الكاتب التركي بقصد أو عدم معرفتك أو عدم قرأتك لحياة الكاتب أنه كردي أص
ام رشا
أستاذ علي من المسلمات ان الفنانين هم اكثر الناس رقة في المشاعر وأحساسا بالام الآخرين و معاناتهم ،هل يعقل ان يصدر عن رغدة هذا الكلام وهي الفنانه ! اعتقد ان نجمها بدء بالافول فبدأت بالصراخ مجددا كما فعلته سابقا لعلها تستعيد مجدها الغابر ،وقد اصبح القتل ومن
mahdi
السيد علي حسين المحترم تحية طيبة.. مقال جيد و مقارنة جميلة بين الروائي الكردي المعروف يشار كمال و الفانة السورية ، ولكن أريد ان اعلق أو افكر جنابكم او اسئلكم، هل ذكرك لاسم يشار كمال الكاتب التركي بقصد أو عدم معرفتك أو عدم قرأتك لحياة الكاتب أنه كردي أص