يشار كمال، سيد الرواية، والذي اصطدم باستمرار مع السلطات التركية، وهو الروائي الاول في بلاده، وامتدت شهرته الى كافة ارجاء العالم، توفي يوم السبت الماضي في مدينة اسطنبول، حسب مانشرته وكالة انباء الاناضول.عمر يشار كمال، غير محدد، لأن القرية المنعزلة الت
يشار كمال، سيد الرواية، والذي اصطدم باستمرار مع السلطات التركية، وهو الروائي الاول في بلاده، وامتدت شهرته الى كافة ارجاء العالم، توفي يوم السبت الماضي في مدينة اسطنبول، حسب مانشرته وكالة انباء الاناضول.
عمر يشار كمال، غير محدد، لأن القرية المنعزلة التي ولد وترعرع فيها لم تكن قبل عقود من الزمن تسجل الولادات الجديدة، ولد يشار كمال عام 1922 أو 1923، أي انه عند وفاته كان قد بلغ 91 سنة او 92 سنة، وينتمي كمال الى جوكوروفا في جنوب الاناضول، والتي الهمته تلك القصص الجميلة، والتي تتناول حكايات مالكي الاراضي الجشعين، والطبقة البيروقراطية والفلاحين الابطال، الذين يحاربون الظلم.
كتب يشار كمال اكثر من دزينتين من الكتب، مستخدماً اسلوباً سردياً نابضاً بالحياة، نال اعجاب القراء في كل مكان، وفيها ينتقد الظلم ونبلاء والخارجين عن القانون، والذين اصبحواً جزءاً من المشهد الثقافي التركي.
ومن افضل واشهر ابطاله (ممد الناحل) والذي ظهر في كتابه، (ممد الصقر) وايضاً في الجزء الثاني من الرواية التي ظهرت بعنوان (انهم يحرقون الاشواك) . وممد الناحل يناضل من اجل جيرانه المظلومين، يهرب الى التلال ويقود جنوداً، في الوقت الذي يقدم له الناس الحماية والامان والتشجيع.
ويشار كمال، كواحد من المدافعين عن حقوق الكرد، وناقد حاد لقادة بلاده، كانت لديه مشاكل مع القانون، وفي خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، عندما كان يعد من ابرز المرشحين لجائزة النوبل، هاجمت الصحف التركية وقادة الحكومة التركية الاكاديمية السويدية لترشيحها يشار كمال، مؤكدين انه ضد الحكومة التركية، كما حوكم مرات عدة بسبب آرائه السياسية، كما ان بعض الوطنيين قالوا انه (خائن) ولم ترعبه تلك التهديدات، فهو على كل حال وكذلك ابطاله الشجعان لم يخافوا من (الاغوات) والاقطاعيين المستغلين، وقال يشار كمال مرة: (بالنسبة للكاتب، النظر من فوق الكتف انتحار).
ولد يشار كمال غوكجيلي في اسرة كردية – تركية بقرية هيميت (تحول اسمها حالياً الى غوكسيدام وتقع في الجنوب)، وحسب اقواله، ان عدداً من اجداده ماتوا في اسرتهم، وقال ايضاً ان خاله ماهيرو كان (اشهر خارج عن القانون في شرق اناتوليا، ايران والقوقاز) . وعندما بلغ الخامسة من العمر ، رأى والدته تقتل، الامر الذي تركه يتمتم في كلامه عدة اعوام، وفي سن الثامنة بدأ يكتب بعض القصائد، وبعد عمله في قطف القطن، وسائق تراكتور وسائقاً لآلة الحنطة، عمل في مكتبة في ادرنا، وكان هناك عدد من الزبائن، وامضى وقته في قراءة الادب العالمي، وخاصة اعمال ستيندال، سرفانتيس وجيكوف، والذي كان يدعوه بـ (استاذي)، وقال ذات مرة: (لو لم اكتشف الادب، لكنت اصبحت شاعراً او مغنياً للقصائد الطويلة).
وفي عام 1951، ذهب الى اسطنبول وبدأ منذ ذلك التاريخ العمل في جريدة الجمهورية الشهيرة، اكثر من عشرة اعوام، محاولاً التخلص من اعماله وهو صبي – وكان آنذاك اكتشف الماركسية في مدينة (ادنا) وسجن عدة اعوام لاتهامه بنشر الماركسية وافكارها، واتخذ آنذاك اسماً للكتابة وهو يشار كمال.
وفي عام 1962، انضم الى الحزب العمالي اليساري التركي، وقد عمل قائداً فيه حتى تركه للحزب بعد اجتياح السوفيت جيكوسلوفاكيا عام 1968.
وعلى الرغم من تركيز كتبه على حياة الفلاحين الصعبة وشجاعة الثوار، الذين ينبثقون من بينهم، كما ان اعماله تركز على مظاهر تدمير البيئة: حرق الغابات، تجفيف المستنقعات وذبح الدلافين، هي من الامور السيئة التي تعبر عن الطمع.
ويشار كمال، الصحفي الشاب، لعب دوراً بارزاً في ايقاف التدمير المبرمج لضريح ارميني تأريخي في كنيسة الصليب المقدس – في جزيرة اختامار في شرق تركيا – والارمن في رواياته شخصيات لطيفة، وفي عام 2013، منحه وزير ثقافة ارمينيا وساماً للتعبير عن شكره للكاتب الذي وقف مع الثقافة الارمينية ولشجاعته ايضاً، وايضاً لاشادته بالقيم العالمية التي تقف مع العدالة والحرية والكرامة والانسانية.
وان كان ليشار كمال رفيق من نوعه فهو شاعر تركيا الاكبر ناظم حكمت، والذي كان شيوعياً ايضاً وتوفي في موسكو عام 1963، اثر ملاحقته في وطنه، وقد رفض كلاهما الاسلوب الثقيل واللغة الرسمية الشكلية للأدب العثماني، وبدلاً عن ذلك كتب الاثنان باسلوب حيوي متجدد، ظهر واضحاً في اعمالهما، تتضمن القصص التقليدية والاساطير.
وفي عام 1996، نشرت مجلة ديرشبيغل الالمانية مقالاً يؤيد حق الكرد في الانفصال عن تركيا، ثم جاءت بعد ذلك مقالة لندن جورنال وهي تتحدث عن الحكومة التركية.
وقد عاش يشار كمال طويلاً ليشهد تبني الحكومة التركية الديمقراطية وتغير من اسلوب تعاملها مع الكرد في تركيا، وفي اعوامه الاخيرة انهالت عليه التكريمات، ومنها اعلى وسام تركي وهو (الجائزة الرئاسية والثقافية العليا) وكان ذلك في عام 2008، وفي ذلك الوقت، بعد استقرار شهرته العالمية بزغ جيل جديد من الكتاب الاتراك، ينتمون الى المدينة وليس للمناطق الزراعية، التي بدأت بالافول، وعندما فاز اورهان باموك – الاشهر بينهم – بجائزة النوبل في عام 2006، تبخرت فرص يشار كمال، وكان الروائيون الجدد يعترفون بفضل يشار كمال عليهم.
حياته الخاصة
تزوج يشار كمال ثيلدا سيريرو، وهي من عائلة يهودية بارزة في اسطنبول في عام 1952 وقبل وفاتها في عام 2001، ترجمت الكثير من اعماله الى اللغة الانكليزية ومنها (ريح من السهل) وهي ثلاثية في عام 2011، وطبعت من قبل جامعة بيل، وتزوج في عام 2002 من ايسي سميحة بابان.
وفي (انهم يحرقون الاشواك) ينظر فلاح يخفي الخارج عن القانون (سليم ممد) ويتطلع اليه وهو نائم ويصفه باسلوب جميل، ويقول لزوجته: (في ذلك الرجل قلب شجاع، وعقل جيد والكثير من المشاعر الانسانية، ان قلبه كبير ولذلك فان الاغوات والحكومة يخافان منه، وكانت هناك 500 عصابة في الجبال، ولكن ذلك الامر لم يهم الحكومة بشيء، واهتمامهم وخوفهم كان من "سليم ممد").
عن: الديلي تليغراف