TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ترويض (فيفـا)

ترويض (فيفـا)

نشر في: 25 فبراير, 2015: 03:12 ص

عندما يكون لديك هدف ما عليك إلا أن تبحث وتجتهد ثم تسلك أفضل وأقصر الطرق للوصول اليه.. وتلك الرؤية لم تأتِ من فراغ، بل هي حقيقة خبرها الكثير من أصحاب فن السياسة والدبلوماسية الذين امتهنوا لعبة الإقناع والاسترضاء ودهاء الوسيلة من اجل تحقيق الغاية والاحساس بنشوة الانتصار الفكري وخاصة عندما تكون المنازلة ضمن معركة استرداد الحقوق المسلوبة.
ويلعب اختيار ( اللحظة الحاسمة ) دوراً في تفعيل الخطط وتعزيز الزخم الموجه نحو فـك رموز النجاح وكسب الأصوات المؤيدة والمؤثرة في صنع القرار الذي تبحث عنه.
معضلة الحظر الكروي المفروض على العراق منذ سنوات طوال باتت لغزاً محيراً بعد أن سقط الكثير من الأعذار التي كنا نتوهم أنها عقبات منطقية يتحجج بها الاتحاد الدولي لمواصلة تطبيق قراره من دون أن نجد انفتاحاً واقعياً يُساير الأوضاع الأمنية التي شهدت في فترات طوال استقراراً ملحوظاً كانت فيه البلاد أكثر أمناً من مناطق عدة لم تعرف انتقاداً ولا تحذيراً ولم يتجرأ (فيفا) أن يلوِّح لها بورقة الحظر !
تلك القناعة أصبحت أكثر وضوحاً بعد أن شهدت بعض البلدان اضطرابات وانفلاتاً أمنياً وخاصة في ملاعبها أدّت الى سقوط ضحايا وسالت دماء غزيرة لم يُحرِّك إزاءها رئيس الاتحاد الدولي ساكناً ولم ينتفض لسلامة اللعبة، بل العكس هو ما صرح به عندما وجه رسالة عبر وسائل الإعلام لرئيس الاتحاد المصري لكرة القدم يحثه على مواصلة الدوري المحلي ويعلن عن تضامنه لاستمرار اللعبة برغم كارثة مقتل العشرات من المشجعين ضمن احدى مباريات الدوري المحلي وقبلها مأساة ملعب بورسعيد وحتى في أوقات اضطراب الأمن العام في كل المدن المصرية لم نجد أي صوتٍ من (فيفا) يُلمِّح الى امكانية أن يتخذوا قراراً مماثلاً لما تعرضت إليه الكرة العراقية !
مَن يتمعن جيداً في تلك التناقضات وأسباب ازدواجية التعامل الذي ينتهجه الاتحاد الدولي من بلــد الى آخر سيصل الى قناعة راسخة مفادها ان الخلل يكمن في شخصية وأدوات ووسائل المفاوض العراقي المتمثل باتحاد كرة القدم والجهات ذات العلاقة التي يبدو أنها تفتقر الى أُسس الترويض واقتناص الفرص والضرب على أوتار المصالح في الوقت واللحظة المناسبة .. وبالمقابل فإنها غيّبت مسألة مهمة وهي تهيئة الغطاء الإعلامي من خلال الترويج المصور لاستتباب الأمن في الملاعب العراقية واجراء ممارسات للطوارئ وبث تقارير ولقاءات مع الجماهير ودعوة شخصيات عربية وصديقة لحضور مباريات الدوري وغيرها من الفعاليات التي سيكون لها تأثير سحري في دفع الاتحاد الدولي لرفع الحظر بعد ان يتخذ هذا الغطاء سنداً قانونياً يجعله في منأى عن أية مساءلة أو انتقاد ربما يوجَّه له في حالة حصول أي خرق أمني يؤثر على سلامة اللاعبين المحليين أو القادمين مع فرقهم من بلدان أخرى.
ومع تلك الاجراءات فإن الخطوة الأكثر أهمية التي ستفتح كل الابواب المغلقة هي التركيز على استقطاب بلاتر لزيارة بغداد باعتباره المرشح الأكثر حظاً في انتخابات الاتحاد الدولي المقبلة ، وان هناك اتفاقاً شبه مؤكد على أن صوت العراق سيذهب له على ألا تكون المطالبة برغبة فردية، بل من خلال التنسيق الجماعي مع اتحادات الدول العربية ورئيس الاتحاد الآسيوي لضمان اقناعه تحت تأثير ما يُسمى ( مصلحته الانتخابية ).
نقول : لا بدَّ لنا من فتح كل المنافذ وإزالة العقبات وكسر جمود العمل الروتيني والتحرر من وسائل التعامل البدائية والانطلاق نحو رحاب الدبلوماسية المثمرة والمنتجة عبر تبسيط الخطوات وتعظيم الاجراءات وايصال رسائل الاطمئنان واستثمار المواقف بأقصى ما يمكن وخاصة في لحظة يكون مَن بيــده القرار في أمسِّ الحاجة إليك !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

 علي حسين يريد تحالف "قوى الدولة " أن يبدأ مرحلة جديدة في خدمة الوطن والمواطنين مثلما أخبرنا بيانه الأخير الذي قال فيه إن أعضاء التحالف طالبوا بضرورة تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي...
علي حسين

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

 لطفية الدليمي كلُّ من عشق الحضارة الرافدينية بكلّ تلاوينها الرائعة لا بدّ أن يتذكّر كتاباً نشرته (دار الرشيد) العراقية أوائل ثمانينيات القرن الماضي. عنوان الكتاب (الفكر السياسي في العراق القديم)، وهو في الاصل...
لطفية الدليمي

قناطر: كنتُ في بغدادَ ولم أكنِ

طالب عبدالعزيز هل أقول بأنَّ بغداد مدينةٌ طاردةً لزائرها؟ كأني بها كذلك اليوم! فالمدينة التي كنتُ أقصدها عاشقاً، متلهفاً لرؤيتها لم تعد، ولا أتبع الاخيلة والاوهام التي كنتُ أحملها عنها، لكنَّ المنعطفَ الخطير والمتغيرَ...
طالب عبد العزيز

الزواج رابطة عقدية تنشأ من دون وسيط كهنوتي

هادي عزيز علي يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram