لم نكن نشأ أن نحذر من تسرّب دخان فتنة جديدة من نوافذ بيت اتحاد كرة القدم هذه الايام وربما يتصاعد بشكل لافت في الاسابيع المقبلة لينذر بكارثة يمتد ضررها أبعد من كرسي الرئيس عبدالخالق مسعود لتشمل مصير الكرة العراقية في منافسات تصفيات كأس العالم وكذلك شقيقه الأولمبي في تصفيات أولمبياد ريو دي جانيرو وحتى مسيرة ناديي أربيل والشرطة في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي مما يعرّض اللعبة الى الايقاف القسري في حال مضى بعض اعضاء الهيئة العامة في حملة إقامة انتخابات جديدة بعد 31 أيار المقبل.
المنطق والحجة والتفكير بعقلية قيادة الجمع لا التهور والمكابرة بروحية الفرد تقتضي من مجلس ادارة اتحاد الكرة المنتخب في 31 أيار 2014 عدم تهميش الأصوات المعارضة لبقاء اعضاء الاتحاد أكثر من مدة الدورة التكميلية بحسب تصريح أمين سر اتحاد كرة القدم السابق طارق احمد قبيل اجراء الانتخابات " أن اتحادنا تلقى إشعاراً رسمياً من الاتحاد الدولي باللعبة بتحديد يوم 31 أيار الحالي موعداً لإجراء انتخاباته الجديدة لاختيار مكتب تنفيذي جديد يقود الكرة العراقية لولاية مكملة مدتها عاماً وشهرين"، هذه العبارة التي تكررت في أكثر من وسيلة إعلامية اثناء اعلان نتائج الانتخابات وكما جاء على لسان عدد كبير من اعضاء الاتحاد في التلفاز والصحافة.
ولا يخفى هناك اشخاص فشلوا في الحصول على مقعد في الانتخابات وغيرهم صُدِم بقلة عدد الاصوات التي نالها بالرغم من وعود الاطمئنان التي انهالت عليه قبل ساعة من بــدء عملية الاقتراع، ويبقى الرئيس السابق ناجح حمود من بين الشخصيات الأكثر جدلاً في الوسط الكروي طوال فترة عمله هو أبرز من تصدّى لملف الانتخابات بتصريح ناري قبل أيام اتهم فيه من يتنصل عن اجراء انتخابات جديدة بعد 31 أيار المقبل انه خائن للأمانة، فعلـَّق الرئيس الحالي مسعود " إن الخائن الحقيقي من أخفى إعلام الهيئة العامة بمدة الانتخابات إن كانت تكميلية أم لمدة 4 سنوات"؟!
هذه المساجلة والاتهامات العلنية ربما تتطور غداً لتصبح ملفاً جديداً تحت مسمى " معارضة 2015 " تنتدب محاميا جديدا يُدوِّن شكاوى المنضوين اليها من الهيئة العامة للاتحاد بذريعة الاستغفال بعدما أدلوا بأصواتهم على أساس دورة تكميلية وليس 4 سنوات، الأمر الذي يصعّد الأزمة على طاولة محكمة كأس الدولية في سيناريو جديد قد يصل الى مرحلة تهدد مصير اللعبة إذا لم يُحسن الاتحاد التعامل مع القضية في مهدها بعيداً عن التوتر والتلاسن ورفع قبضات التحدي.
إصرار رئيس اتحاد كرة القدم عبدالخالق مسعود إنه لا انتخابات قبل أيار 2018 غير كافٍ ومطالب بتقديم وثيقة رسمية من الاتحاد الدولي لكرة القدم تطفئ نار الفتنة، فالحديث عن مقابلته رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر بحضور رئيس الاتحاد الآسيوي سلمان بن ابراهيم وتهنئة الأول له بفوزه في انتخابات تمتد 4 سنوات يبقى حديثاً مطعوناً فيه من بعض اعضاء الهيئة العامة الذين غابت عنهم الحقيقة بفعل فاعل ويتطلب الأمر الآن مواجهتهم بوثيقة دامغة تزيل عن عيونهم غشاوة الرؤية بعدما اصبحوا لا يرون في بيت اللعبة غير الصراع والتنكيل والتهديد وتخوين الناس حتى غدت سمعة الاتحاد في الخارج لا تليق بتاريخه والرجال الأفذاذ الذين تشرفوا بحمل مسؤولياته على عاتقهم في اللقاءات الخارجية ونالوا ثقة ضمهم الى المكاتب التنفيذية عربياً وقارياً ودولياً بعكس ما يحصل اليوم من انحسار دور اعضاء الاتحاد في لجان غير مؤثرة لأنهم – للأسف – أهملوا العلاقات الدولية وصبّ جُل اهتمامهم على المناكفات والتبارز بتصريحات مختلف عليها أساساً من داخل الاتحاد!
إذا أخفق رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود في تقديم وثيقة (فيفا) باستمراره في منصبه حتى أيار عام 2018 فمن الشجاعة والحكمة والثقة بالنفس ان يُبادر لحث مجلس الاتحاد على الدعوة لمؤتمر استثنائي الان وليس تزامناً مع بدء مشوار منتخباتنا وتفادياً لأية مفاجآت تعرضها للتجميد، انسجاماً مع المادة (32) الفقرة) 1 - أ (تنص على " يمكن الدعوة الى المؤتمر الاستثنائي اذا رأى مجلس الاتحاد ضرورة لذلك " واعتقد ان الضرورة مُلحة لوأد الفتنة والمضي بسلام وتجنب أية خطورة تمس المنتخبات في استحقاقاتها القارية المهمة، وليس في هذه المبادرة نية لإضعاف دور الاتحاد او محاولة لإرباك عمله، بل إجراء احترازي وضامن لاستقرار بيت اللعبة، فهناك من يعشق القيام بدور (أسد الغابة) يملأ الأمكنة بالزئير وجمع أشباهه من صُناع الأزمات لكن تراه عند الملمّات يجري كالنعام ليختبىء في أقرب جحر حتى يعاود الظهور في أزمة جديدة!
