لا يمكن ان يرتقي الصحفي في أي بلد ويدّعي انه مساير للإعلام المهني الحديث وشروطه الرصينة في الحياد والنزاهة واحترام الانسان مهما كان محل اختلاف أو جدل إلا بتطبيقه معايير تتواءَم مع الرسالة النبيلة باعتباره ينتمي الى بلاط السلطة الرابعة المؤثرة في البلد، يُراقب بهدف كشف الحقيقة لا برغبة التسقيط، يَنتقد بلغة مؤدبة تترفع عن إهانة المُنتقَد، ويتحمّس من دون تهور لخدمة مصلحة عامة وليس فئة محددة، يُطالب بالحق دائماً لا أن يرتديه قناعاً وقت الضرورة، فكل شيء قابل للتمويه والاخفاء إلا سلوك الصحفي، ما يكتبه هو ترجمان حقيقي لشخصيته وتربيته ومستواه الثقافي ورؤيته للناس في السرّاء والضراء.
للأسف فإن الهجمة الشرسة التي وضعت المدرب القدير أكرم سلمان بين فكّي (خيانة الوطن والتقييم السلبي) هي من صنيعة الصحافة التي انتخى بعض ممثليها بلغة الغطرسة للدفاع عن تلاميذ سلمان بتقزيمه أمامهم وإهانة تاريخه المحترم ودفن سمعته في مقابر المشبوهين وكأنه يراد بأبناء العراق المغتربين ألا يقرَبوا من المهمات الوطنية مستقبلاً حتى لو كانوا رموزاً تتفاخر بهم اللعبة بذريعة إنصاف المدربين الشباب ومكافأة بعض "المزوّرين" ممن يرتبطون بعلاقات وثيقة مع متنفذين في الاتحاد حتى لو كانوا لا يصلحون للقيام بدور "ممرنين" على ذمة بعض اعضاء اللجنة الفنية.
عجبي.. كيف ننشد التخطيط العلمي والتنظيم الصحيح والتدبّر بضوابط العمل الاحترافي لمنظومة كرة القدم وهناك من يعتمد السخط الجماهيري و(قلة أدب) البعض في موقع الفيسبوك الاجتماعي معياراً ودليلاً لتنبيه اتحاد اللعبة من الاستمرار في خياره لسلمان لأنه لا يصلح للمنتخب الوطني؟! هل أصبح الشارع الرياضي دستور كرة القدم الى الدرجة التي يسقط عضو اتحاد في فخ الحملة ويتوّعد بتغيير المدرب لأن الجمهور غاضب ومعترض وثائر وجلّ من يكتبون في الموقع الاجتماعي أو من يمتهنون الصحافة الرياضية بأعمار احفاد أكرم سلمان ولا يخجلون من تقييمه سلبياً ويشوّهون صوره بعلامة (X) حمراء تماشياً من الانفلات الاخلاقي لثلة من مرتادي المواقع والمنتديات الذين لا يتورعون من اظهار وقاحتهم دون اي اعتبار لمقامات الناس الذين قدموا عصارة جهودهم للبلد وجاؤوا اليوم ليلبوا النداء استجابة لطلب المعنيين وليس توسلاً لفرصة كما يتحينها البعض ويتآمر من أجل تحقيقها!
صراحة، كان الكابتن سلمان معي على الخط البارد ظهر أمس وأبدى استغرابه لمجاهرة البعض من الصحفيين الرياضيين الذين يكنّ لهم التقدير والاعتزاز بأنه ليس رجل المرحلة وعدم صلاحه لقيادة الأسود في تصفيات تعد الأهم ضمن أجندة الكرة العراقية هذا العام، داعياً الجميع للتحلي بالحكمة في إبداء الآراء، مؤكداً عدم سعيه للتفرّد بالمهمة وحده، بل هناك منهج واضح لعمل جمعي مع مساعدين مشهود لهم بالكفاءة والحرص على تحقيق غاية المشاركة في التصفيات، ونافياً في الوقت نفسه ما نُسب اليه من اشارات بتراجعه في قرار الموافقة على تدريب المنتخب الوطني خشية من حملات الانتقاد التي تؤجَّج نيرانها من بعض الصحفيين ممن تخلوا عن دورهم الرئيس في دعم توجهات الاتحاد والملاك التدريبي واللاعبين استثماراً للوقت، وأكد عدم ممانعته في خدمة العراق لمهمة المونديال بصفة مستشار طالما ان الغاية من تلبية الواجب مشاطرة الجماهير حلم كأس العالم للمرة الثانية بعد نجاحه بنسبة كبيرة مع المدربين د.عبدالقادر زينل مدير المنتخبات الوطنية آنذاك وأنور جسام والراحل واثق ناجي في وصول أسود الرافدين الى مونديال المكسيك 1986 في اصعب الظروف.
وإيماناً من المدرب أكرم سلمان بأن العمل تحت أي عنوان مع المنتخب الوطني يُعد تشريفاً له، نقترح أن تكون دعوة الكابتن سلمان بصفة (المستشار) وتتم تسمية المدرب المرشح من قبله بالمدير الفني بمعية نزار اشرف وعماد هاشم ضماناً لنجاح طاقم فني منسجم ومتعاون ومتفاهم في تنفيذ برنامج الإعداد للتصفيات، وغايتنا من هذا المقترح ليس إذعاناً للهرج والمرج الذي اجتاح المواقع الالكترونية وبعض الصحف، بل لسحب البساط من صُنّاع الأزمات ورماة الحجر على الثمار النظيفة في شجرة الحياة العراقية التي تعجّ بالمتطفلين والمغرضين وراكبي الموج العاطفي بلا عقل او بصيرة.
سلمان ورماة الحجر!
[post-views]
نشر في: 28 فبراير, 2015: 02:53 ص