تشكل الساحات علامة او سمة مميزة لكل مدينة . وبغداد واحدة من المدن التي تعتز بساحاتها الشهيرة التي ارتبط البعض منها بتاريخ بغداد السياسي والاجتماعي والثقافي. بعد ثورة 14 تموز لوحظ اهتمام الزعيم عبد الكريم قاسم بشكل الساحات وتعددها وتنظيمها وترتيبها وزيادة اعدادها، حتى اطلق عليه لقب "ابو الساحات"، لاهتمامه المفرط بها. اليوم نجد حال ساحات بغداد كحال احيائها، تشكو الاهمال وعدم الاهتمام، والمشاريع التطويرية لم تنفعها بقدر الضرر الذي سببته لها. حال الشارع العراقي الان وكثرة عدد السيارات والزحام اليومي الذي يرهق الناس، يتطلب اعادة النظر بعدد من الساحات ومساحتها وشكلها الهندسي. 

 

 

تعاون مفقود

الإعلامي امير الزيدي قال انه "من خلال التغطيات الاعلامية التي نعملها، نجد من الضروري ان يكون هناك تعاون بين دوائر المرور وامانة بغداد لتنظيفها والاهتمام بها لتكون سمة مميزة." مضيفا: "على دائرة التصاميم او الجهات المعنية في الامانة اعداد خطط لتطوير وتأهيل الساحات بشكل جديد يتلاءم مع الوضع الحالي للشارع العراقي." 

وبيّن الزيدي: ان الكثير من الساحات تعاني من تراكم النفايات. مع عدم الاهتمام بالنباتات والاشجار المغروسة التي يعاني اغلبها من عدم الاهتمام او السقي المبرمج لها. وخير دليل على ذلك حدائق ساحة التحرير التي تقع في قلب العاصمة بغداد.

في تحقيقات سابقة ضمن ملف "العاصمة المهمّشة" ، اشار البعض من المتحدثين الى ساحات بغداد، وما تعانيه من اهمال واجحاف حوّل البعض منها الى ساحات جرداء تعيق السير وحركة المرور اكثر من تنظيم وتنسيق وتسهيل السير وذلك بسبب مساحتها الكبيرة قياسا الى عدد الشوارع التي تتصل بها، او تتفرع منها، وساحة التحريات واحدة منها، اذ ترتبط بها 7 شوارع رئيسية وفرعية تربط اجزاء مهمة من العاصمة ببعضها البعض.

التخطيط المسبق 

المواطن حيدر الشيخ أشار الى ان ساحة التحرير من الساحات القديمة والأكبر في العاصمة بغداد لاسيما انها تضم اهم واكبر نصب في العراق والمنطقة: نصب الحرية. مبينا: بالإمكان ان تتحول هذه الساحة الى متنزه كبير تعود العوائل البغدادية لارتياده. بعد ان يتم تاهيل المناطق المحيطة به وتحويلها الى مركز تجاري او اقتصادي مهم.

الشيخ بين ايضا: ان انعدام التنسيق بين دوائر الدولة وخاصة بين امانة العاصمة والمرور العامة افقد هذه الساحات وساحة التحرير بشكل خاص رونقها، فالفوضى تعم محيطها، والاهمال والتخريب يشوهان داخلها. 

ساحات تمثل التاريخ 

الموظف سمير عبد الامير اوضح ان ساحات بغداد تعاني من الإهمال، فقد كانت ساحة الميدان مثلا واحدة من أقدم الساحات وأشهرها اذ تشكل بناياتها واجهة تراثية وحضارية ارتبطت بالعاصمة وتاريخها. مستطردا: ساحة المتحف كان الاجدر ان يكون حالها افضل الان لكن التقصير الواضح بعمل الامانة والدوائر المعنية جعلها في صورتها البائسة الحالية. 

واشار عبد الامير : ترى لماذا تهتم الامانة بشارع المطار بشكل خاص وتهمل الساحات ،وخاصة الشهيرة، والتي لاتقل اهمية عن شارع المطار. هذه الساحات تمثل تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والثقافي وارتبط البعض منها بحركات التحرر الوطني.

سقوط الصنم

في العديد من دول العالم التي شهدت انتقالات وتغييرات سياسية من نظام الى اخر، سواء تلك التي حدثت بفعل ثورة او تدخل عسكري، تتحول الساحات والشوارع التي شهدت الانطلاقة الاولى للثورة او لحظة سقوط النظام وزواله الى علامات وسمات خاصة لهذه الدول من خلال الاهتمام المفرط بها. الا في العراق فساحة من الفردوس شهدت لحظة تاريخية كبيرة متمثلة بسقوط الصنم وانتهاء مرحلة كلفت العراق الكثير الكثير. تترك هذه الساحة وتهمل وتهمش وبشكل ربما يكون متقصدا. فمن غير المعقول ان تعجز مؤسسات ودوائر الدولة عن تحويل هذه الساحة الى معلم حضاري وشاهد على تلك اللحظة التاريخية. من خلال ايلائها اهتماما استثنائيا. مع اقامة نصب يحكي مسيرة وتاريخ العراق.

تظاهرات التحرير

الاعلامي صبيح المرياني ذكر في حديثه: لا توجد في بغداد ساحات مميزة وجذابة تثير الانتباه.ساحة التحرير مثلا التي تتوسط العاصمة من تلك الساحات المهملة وتكاد ان تنسى لولا تجمعات الاعلاميين والتظاهرات التي تنظم بها بشكل دائم. مضيفا: لابد من استنساخ التجارب العالمية في هذا المجال وتطبيقها على ارض الواقع وتحويل هذه الساحات الى اماكن عامة متحضرة وزاهية.

الحدقجي

ابو كريم فلاح متقاعد كان يعمل (حدقجيا) في احدى ساحات بغداد يقوم الان بالعمل في تنظيم وادمة حدائق البيوت يقول: في السابق كان هناك فلاح يهتم ويعتني بمزروعات ونباتات الساحات والحدئق العامة، وكانت هناك زيارت دورية من قبل مهندس مسؤول عن قاطع بلدي معين. مضيفا: للاسف الان تعاني اغلب ساحات بغداد من الاهمال ليس بشكلها فحسب بل بكيفية الاعتناء والاهتمام بالنباتات والمزروعات التي تضيف رونقا خاصا لكل ساحة وحديقة.

حمامات فائق حسن 

ساحة الطيران التي تشكل مركزا اخر لبغداد بعد ساحة التحرير، هي الاخرى لم تنل الاهتمام الكافي، فما طور منها، بتبديل الحجر او السياج الذي تتوسطه سارية العلم العراقي، لم يكن بالمستوى المطلوب لساحة مثل الطيران، تربط شوارع مهمة من العاصمة بالمركز التجاري الاكبر في العراق متمثلا بالشورجة والسنك. مع تسيدها الطرف الثاني من نفق التحرير الشهير.

ساحة تحتضن جدارية كبيرة ومهمة ممثلة بجدارية فائق حسن يجب ان تكون بمستوى هذه الجدارية الكبيرة، والتي تمثل مرحلة مهمة من حياة العراق. ساحة الطيران التي تنطلق منها يوميا مئات السواعد العاملة التي تشيد وتبني في كل اجزاء بغداد يجب ان تنال اهتماما اكبر وعناية اكثر لتكون علامة مميزة من علامات بغداد التي ننتظر ان نراها بشكل اخر.

ساحة الوثبة

السير من منطقة الباب الشرقي الى ساحة الوثبة التي تقع في الثلث الاول من شارع الرشيد . تتوسط ساحة الوثبة ، وحسب تعليق ابو مروان ، عمارات وابنية عالية اتخذت مخازن لبيع المواد المختلفة والبضائع خصوصا الملابس الرجاليه والرياضية وتميزت بموقعها التجاري كحلقة وصل بين جانبي الكرخ والرصافة اضافة لوجود اورزدي باك ومحال الخياطة وشركة التامين الوطنية . لكن مع الاسف هذا ما آل اليه مصير "ساحة الوثبة" الجميلة اليوم، وبعد 10 سنوات على التغيير، وميزانيات بمليارات الدولارات، لتصبح مرآبا لوقوف عربات النقل التي يســحبها البشر، كما انها الساحة التي تربط شارع الرشيد بالاسواق المختلفة من البضائع والسلع، ومن تلك الاسواق مثلاً، سوق الزجاجيات وسوق الصابون وسوق العطارين وسوق الملح، ومن الجهة المقابلة الممتدة الى شارع الكفاح يقع سوق التمن وسوق الدهانة.

سجون الساحات

بعد سقوط النظام اشتهرت ساحات ،ومنها ساحة النسور، حيث وردت بحكايات الاعتقال والسجون السرية التي شيدت تحتها، واشتهرت مرة ثانية بحادثة الشركات الامنية والحادثة الشهيرة التي اودت بحياة مجموعة من الناس بينهم اطفال. هذه الساحة والتي تشكل نقطة وصل مهمة بين منطقة المنصور وشارع الزيتون وكراج العلاوي. هي الاخرى تعاني ما تعانيه ساحات بغداد . لكن لهذه الساحة خصوصية اشير اليها انفا، فمن المفترض ان تاخذ بالحسبان ولو بشكل جزئي. فتاريخ الكثير من الناس ومعاناتهم دون تحتها كما شهدت شوارعها اراقة دماء عراقيين على أيدي عناصرشركات امنية ومرتزقة.