حين تصل الأم الى أعلى حالات التذمر و الانزعاج من ممارسات وسلوك احد ابنائها، تطلق عليه لقب "ابو الدروب " وتعممه على الاقارب والمعارف والجيران ، وتبقى لعنة اللقب تلاحق صاحبه حتى الموت ، ومن "صفات ابو الدروب " انه فاشل في دراسته ، لا يستقر على مهنة معينة ، يجيد اساليب النصب والاحتيال لتحقيق مكاسبه الشخصية ، مشاكله الكثيرة انعكست على وضعه الاجتماعي، فظل ضمن فيلق العزاب فلا احد يغامر باعطائه امرأة وتكون "زوجة ابو الدروب" بامكان هذا النموذج الحصول على الزوجة الصالحة ، وانجاب الذرية حين يستجيب لنصائح الام ويكفر عن ذنوبه ويقسم بأغلظ الايمان بانه سيكون عنصرا فاعلا في الاسرة بالتخلي عن مكسراته.
على المستوى الاسري من المحتمل جدا ان يحدث التحول ويسدل الستار على الماضي بكل سيئاته ، لاسيما حين يبتسم الحظ ، ويتوفر المال الكفيل بمنح مالكه مرتبة اجتماعية مرموقة تجعله في مصاف آخر ، وصاحب قول وكلمة مؤثرة داخل عائلته ، فيصبح "رمزا اسريا" لحل المشاكل والازمات ، وتقديم المساعدة لمن يحتاجها ، وتكتمل صورة الورع والتقوى بحمل المسبحة من نوع مية وواحد واداء الصلاة في اوقاتها ، ومادامت الامال والتطلعات مشروعة ، ومضمونة بالدستور يستطيع هذا النموذج سواء كان صادقا او مدعيا ان ينضم الى حزب متنفذ ليبدأ صفحة العمل السياسي ، وليس من المستبعد اطلاقا ان يتبوأ مراكز قيادية ، فيكون قائد الجماهير ، وباصواتهم يستطيع الوصول الى البرلمان ، فيكون ممثلا للشعب وصاحب امتياز للدفاع عن حقوقهم ، وحينذاك لا احد يستطيع ان يذكره بالماضي ، ويشير من بعيد او قريب الى ان عضو مجلس النواب كان يحمل لقب ابو الدروب.
مرحلة ما بعد الغزو الاميركي للعراق افرزت نماذج ينطبق عليها القول" فلان ابو درب " ويطلق على شخص يجيد ممارسة التضليل والتسويف وحرف الحقائق ، والخروج من المشكلة باقل الخسائر وربما بدونها ، و"ابو درب " يتمتع بمواصفات وامتيازات تبعد عنه الشبهات ، ويمتلك نفوذا واسعا في اوساط عمله المهني والسياسي ، بامكانه اشعال فتيل ازمة سياسية تصل الى مرحلة النزاع المسلح ، وفي اللحظة الاخيرة يتراجع عن التصريح ويعقد مؤتمرا صحفيا يعلن فيه ان ما نسب اليه مجرد فبركة ، تقف وراءها جهات تنفذ اجندات خارجية ، وورقة الفبركة اصبحت وصفة في الحياة السياسية العراقية ، فحين يشعر" ابو درب" انه ارتكب خطأ كبيرا يتهم منافسيه بتشويه صورته الناصعة البيضاء ويلوح باللجوء الى القضاء لكي يلقن المفبركين درسا بالاخلاق ، وابو درب في بعض الاحيان وتعليقا على تصريحاته النارية يقول ان المترجم وقع في خطا ولم ينقل حديثه بالشكل الدقيق.
الساحة العراقية وعلى حد قول الاعلامي قيس قاسم العجرش تشهد حاليا نشاط الجيل الثالث من" ابو درب" وهؤلاء هم السبب الرئيس في تراجع الاوضاع الامنية والسياسية واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة ، ولكثرتهم شكلوا "منظمة ابو درب " لرعاية مصالحهم ، والوقوف ضد اية حملة وطنية لاجتثاثهم.
منظمة "ابو درب"
[post-views]
نشر في: 28 فبراير, 2015: 06:00 ص