وا أسفاً لهذا الزمان اصبحت فيه حكايا الجحود للرواد والرموز تلوك بها الألسن بمرارة تضامناً مع شخوصها الأحياء وندماً على إهمال آخرين طالت قاماتهم بشموخ وماتوا أمام مرآى المُهمِلين ممن تناسوا فضلهم وأصمّوا آذانهم عن سماع نداءاتهم ونصائحهم قبل فوات الأوان، فهذا الوطن بقدر ما يكتنز تاريخه رجالاً عِظاماً في شتى الميادين فإنه شهد عقوقاً فجّة في حقوقهم لم يزل الباحثون عن اسبابه حيرى وهم يفقدون بين الحين والآخر نجماً كبيراً في السلوك والخبرة والعراقة.
إن الوقفة المسؤولة التي يسجلها اليوم د.عبدالقادر زينل تمثل نداءً صادقاً نستشعره بين ثنايا تحذيره للقائمين على شؤون الرياضة في بلدنا من استمرار تغييب ممثليه عن صناعة القرار في المكاتب التنفيذية للاتحادين الدولي والآسيوي وما يشكله هذا التحذير من حرص بليغ ربما لا يتكرر احياناً في ظل الظروف العصيبة التي تمرّ بها رياضتنا بأن عليهم التأمل لما يُخطط في الخفاء تارة وفي العلن تارة أخرى حسب مستويات لعبة المخاتلة بين ابطال انتخابات (فيفا) و(آسيا) ، فهو يحرص على انتشال السُمعة من التهميش والاستصغار والضعف امام اتحادات تخوض منافسات الترشّح لنيل أحد مقاعد تنفيذي الآسيوي ليس لبلدانها أي تأثير على خارطة اللعبة مثل غوام وميانمار ولاوس وتيمور الشرقية وبوتان وسريلانكا وغيرها مع احترامنا للتوزيع المناطقي الذي وضعه الاتحاد الآسيوي قبيل بدء الانتخابات نهاية الشهر المقبل.
ان تشخيص واقع الكرة العراقية مدعاة لتفكّر اعضاء الاتحاد انفسهم الى أية مرحلة وصلتها اللعبة بعد غياب ممثلها السابق حسين سعيد عن بيت الاتحاد الآسيوي إثر خسارته من كتلة رئيس الاتحاد الحالي سلمان بن ابراهيم الفائز بالتزكية حتى عام 2019 ، فكيف يُمرر وزير الشباب والرياضة ترشيحه الذي واجه رفضاً شديداً من شخصيات مؤثرة في الاتحاد المحلي وفي الوقت نفسه اضعنا مرشحاً آخر ربما يحظى بتواجد مشرّف في السنين المقبلة لو بذلنا المزيد من الجهد والتخطيط بحكمة لدعم شخصية تتوافر بها شروط الترشح ليس وفق قياسات النجومية حصراً أو الأمور الفنية التي غالباً ما تتقافز الذاكرة الى اسماء لاعبي كرة القدم المعتزلين بينما هناك شخصيات مجتمعية سبق ان خدمت اللعبة وعُرف عنها بالنزاهة والثقافة الرصينة وتمتلك (كاريزما) الاقناع بحجج منطقية لفك طلاسم أية قضية وطنية تواجه مأزقاً دولياً، ما أكثر المشكلات التي واجهتها كرتنا واضاعت حقوقها فيها بسبب غياب المدافع الأمين بالقرب من صانع القرار.
انظروا قليلاً كيف يعمل الاشقاء ويتدبرون أمورهم في هكذا مشاريع انتخابية ؟ قد يرى البعض أن المؤشرات والانطباعات المفترض تعاطي الاماراتيين مع قضية ترشّح ممثلهم لانتخابات المنامة تسوّغ لهم دفع رئيس الاتحاد يوسف السركال لمنافسة غريمه ابن ابراهيم على ولاية السنوات الأربع لو لم تحصل قبل ذلك توافقات وتحالفات مشتركة لتزكية الأخير، فكان قرار الامارات ترشيح رئيس اتحادهم السابق محمد خلفان الرميثي الذي آثر الابتعاد عن أجواء الكرة رامياً ورقة استقالته بشجاعة بعد اخفاق الأبيض في الوصول الى الدور الرابع الحاسم من تصفيات كأس العالم 2014، ويلقى اليوم الدعم الكامل من كبار رجال الدولة للظفر بمقعد المكتب التنفيذي ومنحه الثقة بأنه لم يزل معطاء ومؤثراً ومكسباً لبلده في حين هناك عشرات النجوم الاماراتيين الكبار الذين تُقبّل القارة جباههم احتراماً لعصورهم الذهبية مع الكرة على خطى فلاح حسن وحسين سعيد وحارس محمد وأحمد راضي لم يحظوا بالتأييد ليس لعدم صلاحهم، بل لقناعة أهل الامارات بضرورة توافر صفات القيادة الإدارية والخبرة المهنية وفروسية اتخاذ القرار بالمرشح المطلوب كالرميثي.
لنُحسن الاختيار بالفعل ، ونعدّ العدّة من اليوم فلا يمكن قبول تهاون الجميع في بقاء عضويتنا ضمن عمومية الاتحاد الآسيوي لا حول لها ولا قوة ، ولدينا الكفاءات الوطنية الشجاعة القادرة على التمثيل القاري ليست بحاجة الى تزكية وزير أو شهادة ضمير !
لا تزكية وزير .. ولا شهادة ضمير !
[post-views]
نشر في: 7 مارس, 2015: 03:26 ص