TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نفط واباتشي وداعش

نفط واباتشي وداعش

نشر في: 7 مارس, 2015: 06:26 ص

انه مقال عن العبادي وعبد المهدي وداعش. مقال يحسب انه يلخص اهم ما جرى خلال اسبوع.
وفي مكان ما قرب بغداد، كانت طائرة الاباتشي الاميركية تحلق لمراقبة خطوط القتال قرب الفرقة الاولى جيش عراقي، في اطار تعاوننا مع التحالف العالمي ضد داعش، لكن مقاتلا من الحشد الشعبي اطلق النار باتجاهها. ليست هذه اشاعة على تويتر او الفيس، بل جزء من المرافعة المهمة التي ادلى بها حيدر العبادي امام البرلمان يوم الاثنين، والتي يجب ان يشاهدها كل العراقيين مرارا وتكرارا، لانها واحدة من المكاشفات الصريحة النادرة بين الحكومة والبرلمان. ويمكنكم مشاهدة التسجيل الكامل على يوتيوب تحت عنوان "الدكتور حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء يرد على استفسارات ومداخلات اعضاء مجلس النواب".
العبادي قال انه لا مشكلة لديه فيما حصل وليس واقعا في غرام واشنطن، ولكن ماذا لو قرر قائد المروحية الاميركية، ان يرد على نيران الحشد الشعبي دفاعا عن النفس، وماذا لو حصلت مجزرة من شأنها تخريب الحرب الدولية ضد داعش؟
شهادة رئيس الحكومة هذه توحي بأن دولتنا في اسوأ احوالها، وان علينا ان لا نتاخر في مراجعة ما يحصل، لان داعش وامثالها استفادوا من تفككنا وانقسامنا، والعبادي يتحدث هنا عن تفكك وعدم انضباط في القرار الشيعي نفسه، واذا شئتم ان تدققوا في كلامه فستجدون انه صاغ واحدة من اهم الرسائل العراقية الى "صديقتنا" ايران!
وفي اطار اهم ما حصل خلال هذا الاسبوع، لاحظت المعلقين العراقيين يخوضون في جدل بشأن مرحلة "ما بعد داعش". وهناك عراقيون اخرون ردوا على ذلك بالقول: دعونا نتخلص من داعش اولاً، وسنجد الوقت بعد ذلك لمناقشة الموضوع! النقاش انفتح بسبب العملية الجارية في تكريت والتي يشارك فيها ١٠ آلاف مقاتل من اهل تكريت جنبا الى جنب مع ٢٠ الف شيعي من كل العراق، واسناد من البيشمركة في قاطع حمرين والحويجة، وكل الدماء الشهيدة تسيل لاثبات ان العراقيين قادرون على اصلاح اخطاء "السلطان" نوري المالكي.
وفي الواقع فاننا وطوال ١٠٠ سنة مقبلة، سنحتاج كدارسين للسياسة العراقية، ان نفهم بالتفصيل مرحلة ما قبل داعش، ومرحلة داعش نفسها، وما بعد داعش، لان الماضي والمضارع والمستقبل في هذا الموضوع، سيكون متساويا في خطره. لا يمكن ان نتخلص من داعش بمجرد القتال، وكل الدماء الشهيدة تقدم مجرد فرصة لزعماء الطوائف كي يقدروا التضحيات ويطوروا نقاشاتهم لبناء استقرار، يمنع عودة داعش ثانية. ونحتاج في هذه اللحظة ان نخصص امكانيات للعقول بقدر ما خصصنا امكانيات للمقاتلين، كي نمنع ضياع النصر المرتقب في تكريت، وكي نفهم ما يتطلبه النصر على من قطعوا رأس ثيراننا المجنحة في نينوى.
وفي اطار محاولات تصحيح اخطاء المالكي نفسها، شاءت الاقدار ان يكون عادل عبد المهدي وزيرا للنفط في لحظة انهيار الاسعار. ويسخر مني الناس حين انحاز لعبدالمهدي، لكن دعونا نتذكر ان الرجل كان خصما للمالكي والشهرستاني عام ٢٠٠٩ ومع ذلك فقد كتب يومذاك وتكلم يؤيد خطوة الحكومة في منح التراخيص الاستثمارية لعمالقة البترول، لتطوير انتاج العراق. وبالفعل فقد نجح هؤلاء في اضافة مليون وخمسمائة الف برميل نفطي لانتاجنا، خلال بضعة اعوام، والبقية تأتي تباعا. وكان عبدالمهدي بهذا المعنى "فارسا نادرا" وهو يؤيد خصمه، ونحن نحتاجه الان في دور فروسية جديد، فقد بدأ يعيد النظر في عقود الاستثمار مع الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الامن، التي تعمل شركاتها العملاقة في العراق، لتنضيج علاقتنا السياسية والاقتصادية بالدنيا. وفي هذه اللحظة يتحول العراق الى مفاوض حول المال والطاقة والامن، وتتحول وزارة النفط الى وزارة خارجية حقيقية، وانا سعيد بخبرات عبدالمهدي الذي لم التقه منذ سنتين بسبب اقامتي كمطرود في اربيل، وكنت اواظب على الجلوس كتلميذ بين يديه في بغداد، ليحدثني عن مدارس الاقتصاد السياسي في الغرب، ومذاهب كتابة التاريخ في اوربا، ويمنحني من وقته ساعات اثمرت فهما اكبر لهذا العراق، الممزوج بالجنون والفروسية والتنوع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram