TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإعلام كالماء لا يُمكن حبسه

الإعلام كالماء لا يُمكن حبسه

نشر في: 10 مارس, 2015: 06:19 م

من الميراث السيئ للحكومة السابقة الذي رغبنا في أن تصفّيه الحكومة الحالية في وقت قياسي، هو التعسف في حق الإعلام والتجاوز على حريته المكفولة دستورياً وبموجب عدد من الشرائع الدولية الملزمة للدولة العراقية.
مما عزّز الأمل في أن تتعامل الحكومة الجديدة مع الإعلام على نحو مختلف ان رئيس الحكومة الحالية حيدر العبادي أعلن في أيامه الأولى انه يناهض الرقابة على الإعلام ويؤمن في المقابل بالرقابة الذاتية له.
الإعلام الحر واحد من الشروط الأساسية والدعائم المتينة للنظام الديمقراطي، فلا يمكن التحول الى الديمقراطية مع إعلام موجّه أو مسيطر عليه أو مقموع.
الحكومة السابقة أنشأت سجلاً كبيراً في سعيها لتوجيه الإعلام والسيطرة عليه وقمعه أيضاً. ذلك شمل مهاجمة مقرات وسائل إعلام وإغلاقها خارج القانون وإساءة معاملة الإعلاميين، بما في ذلك اعتقالهم تعسفياً وضربهم علناً لمنعهم من تغطية التظاهرات الشعبية السلمية وسواها من النشاطات الناقدة لسياسات الحكومة، أو التي لم تكن فيها مظاهر للتعبير عن الولاء لتلك الحكومة، فضلاً عن ملاحقتهم قضائياً استناداً الى قوانين شرّعها نظام صدام حسين!
تلك الإجراءات لم تقتصر على وسائل الإعلام المحلية، بل شملت مؤسسات عربية ودولية كقناة العربية وخدمة هيئة الاذاعة البريطانية (BBC) العربية. البعض من هذه الاجراءات ساري المفعول حتى اليوم بالرغم من ان الحكومة الحالية قد أجرت تعديلات واضحة على سياستها تجاه الإعلام.
موقع "العربية نت" وثيق الصلة بقناة “العربية” ومجموعة MBC الاعلامية، على سبيل المثال، لم يزل محجوباً منذ عهد الحكومة السابقة، ولا يمكن فتحه الا بالتحايل على الإجراء الحكومي بالاستعانة ببرامج ومتصفحات مناهضة لإجراءات حظر المواقع الالكترونية. هذا الحظر ليس له أي معنى لأنه من دون أية قيمة بفضل هذه البرامج والمتصفحات. كما ان "العربية" بقناتيها موجودة في الكثير من البيوت العراقية، وتأثير التلفزيون أقوى من تأثير الموقع الإلكتروني، اذا كان وراء حجب "العربية نت" الخوف من دعاية مضادة.
المفارقة الأخرى ان موقع "الجزيرة نت" الوثيق الصلة بقناة “الجزيرة” لا يتعرض للإجراء الحكومي نفسه، مع ان النظرة الحكومية للجزيرة ترى انها قناة غير محايدة، بل يجد فيها البعض انحيازاً لداعش، وقبله التنظيم الأم، القاعدة.
انها لنظرة قاصرة جداً أن يجري التعامل مع الإعلام والتضييق عليه والسعي لمنعه بعقلية نظام صدام.. الإعلام مثل سيل الماء لابدّ أن يجد لنفسه مسرباً أو أكثر يندفع من خلاله ويتسلل الى حيث يريد.
الردّ على الإعلام المخالف أو المعادي انما يكون من جنسه.. الشفافية أولاً والإعلام المهني ثانياً، وكلاهما لدينا مشكلة معه.. الشفافية في عمل دولتنا مفتقدة، والإعلام الوطني المهني نادر ومحدود.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. صادق البلادي

    ليس فقط لايمكن حبس الماء الجاري ، بل أن الماء الرقراق يُفتت الصخر. تحياتي

  2. د عادل على

    حريه الاعلام دليل على وجود الدوله الديموقراطيه وصمام تخليه الغضب بالنسبه لمواطنى الدوله الديموقراطيه---وادا اغلق هدا الصمام فالانفجار قادم---الدول المعروفه بتقاليدها التعدديه والديمنوقراطيه وحريه الاعلام وحريه التظاهر لا تجد فيها ثورة ولا اظطرابا ولا خوفا

  3. صادق البلادي

    ليس فقط لايمكن حبس الماء الجاري ، بل أن الماء الرقراق يُفتت الصخر. تحياتي

  4. د عادل على

    حريه الاعلام دليل على وجود الدوله الديموقراطيه وصمام تخليه الغضب بالنسبه لمواطنى الدوله الديموقراطيه---وادا اغلق هدا الصمام فالانفجار قادم---الدول المعروفه بتقاليدها التعدديه والديمنوقراطيه وحريه الاعلام وحريه التظاهر لا تجد فيها ثورة ولا اظطرابا ولا خوفا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram