عندما دخل الجنرال ديغول باريس منتصرا بعد الحرب العالمية الثانية، كان من بين أوائل التوقعات أن يذهب الى قصر فرساي ليحيي الجماهير التي وقفت طوابير تهتف بأسمه، لكنه غير مسار طريقه ليتوقف امام تمثالين، الاول لكليمنصو الذي وقع وثيقة النصر في الحرب العالمية الاولى، والثاني لنابليون الذي جلس ساهما وهو يوقع على بنود هزيمته، وحين شاهد الحيرة على وجوه مرافقيه، بادرههم بالقول: "المستقبل للمنتصر، لكن علينا ان لاننسى دروس الهزيمة "وكانت تلك بالنسبة لقادة الجيش مفاجأة، فهم كانوا يريدون ان يقولوا للجنرال إنهم خاضوا معارك التحرير من اجل نسيان الماضي، لكن الجنرال يدرك جيدا ان الحروب تخلق الأسى والوحشة في النفوس.
يسأل ديغول رئيس وزرائه بومبيدو: الشعب الفرنسي غير منظم، ويحسن بنا أن نقوده. يعترض بومبيدو قائلا: سيدي الجنرال كلمة قيادة لاتليق بالفمواكن الفرنسي، فأجاب ديغول: إذا كان التعبير لا يروق لك، فاستخدم الكلمة التي تشاء لكن لا تنسى ان بنلؤء الاوطان اصعب من حروب التحرير.
تكررت في الايام الاخيرة ظاهرة لا وجود لها الا في هذه البلاد المغرقة في الخطابات والشعارات، تتلخص في محاولة البعض ان يطمس دور الجيش في معارك التحرير وخصوصا في تكريت وقبلها في ديالى، بحيث غابت صورة قادة عسكريين في العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، فيما اصرت بعض الفضائيات ان تجعل من الجيش الرقم الثاني في المعركة.
عندما كنا ننتقد أداء الأجهزة الأمنية ونطالب بالحفاظ على قيمة الجيش والقوات الأمنية، فهذا لأننا نريد جيشا وطنيا يكون للعراق والعراقيين جميعا بعيدا عن الانتماءات الحزبية، لا جيشا يدافع عن فشل الغراوي ويهتف باسم كنبر، ويأخذ التحية لقادة فاشلين من الذين ظلوا يهزجون بشعارات دعم القوات الامنية طالما هي تتركهم يفعلون في البلاد ما يشاءون..كنا ننتقد الجيش لأننا ندرك جيدا خطورة أن يتورط في لعبة السياسة، فيصير طرفا في معارك يمكن ان تحل بلغة الحوار لا بلغة الحروب.
اليوم وغدا سنرفع شعار "حافظوا على الجيش العراقي من أذناب الفاشلين، ومن السياسيين الفاشلين الذين يحلمون أن تكون هذه القوات داعما لهم للسيطرة على مؤسسات الدولة، حافظوا على الجيش من الذين يتخيلون أن حل مشاكلهم سيكون بإلقاء القبض على المختلفين معهم في الرأي."
لقد كانت الجريمة الأكبر التي ارتكبها رئيس الوزراء السابق هي توريط القوات الأمنية في لعبة السياسة واستخدامها في قمع المناوئين له، تحت شعارات الحفاظ على أمن الوطن وفرض هيبة القانون.
اليوم من حقنا إن نطالب بان يكون للجيش الدور المحوري في التصدى لعصابات داعش والقاعدة،، في هذه اللحظات علينا جميعا نقف احتراما وتقديرا لكل جندي قرر ان يتصدى لسرطان القاعدة، وعلينا ان نكشف زيف القادة الذين هربوا من ساحة المعركة.
قبل خمسة وأربعين عاما نفى ديغول نفسه الى قرية في الجنوب كي يكون بعيدا عن مجرى الاحداث هناك. يكتب في مقدمة مذكراته " لاشيء اهم من بلاد مستقرة “. كان لا يملك اكثر من ان يمازح الفلاحين حول محاصيلهم، ويجلس ليسطر اهم ما خطه سياسي في التاريخ، مذكراته التي اسماها " مذكرات الأمل "، يخبرنا كاتب سيرته بأن الجنرال ظل يضع على مكتبه صوره لرفاقه في حرب التحرير وحين يسأله ضيوفه، وماذا عن السياسيين، يبتسم قائلا: "أنا عسكري وعلمتني تجربتي الغنية في ميدان الحروب، أن الانتصار ليس أرقاماً بعدد القتلى،بل هو ذكريات عن الرجال الذين يتصدرون صورة النصر، ويصرون ان يجعلوا من هذه الصورة عنوانا لحياة جديدة ".
أين صورة ديغول؟
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2015: 06:39 م
جميع التعليقات 6
أحمد بو فهد
يعطيك العاااااااافية أستاذ ..مقال رائع كروعتك وثقافتك الإنسانية
ابو سجاد
ياخي انتم في المدى تحلمون كثيرا وبعيدين عن الواقع وكانكم لستم في قلب الجحيم وانتم مثل المثل الذي يقول الهوش مجعور ويصيح كذاب كذاب يارجل ياديغول ياغاندي يامانديلا ياجيفارا يابطرس الكبير يا جورج واشنطن وين هاي وين ذيج وهل تامل ان يخرج من هؤلاء الطراطير احد
احمد
انت تره ما تخاف الله أستاذ علي أكو واحد يشبه ديغول بدي ثول سفير عراقي ما يفرق بين هنغاريا وبلغاريا ويعتقدهم بلد واحد
أحمد بو فهد
يعطيك العاااااااافية أستاذ ..مقال رائع كروعتك وثقافتك الإنسانية
ابو سجاد
ياخي انتم في المدى تحلمون كثيرا وبعيدين عن الواقع وكانكم لستم في قلب الجحيم وانتم مثل المثل الذي يقول الهوش مجعور ويصيح كذاب كذاب يارجل ياديغول ياغاندي يامانديلا ياجيفارا يابطرس الكبير يا جورج واشنطن وين هاي وين ذيج وهل تامل ان يخرج من هؤلاء الطراطير احد
احمد
انت تره ما تخاف الله أستاذ علي أكو واحد يشبه ديغول بدي ثول سفير عراقي ما يفرق بين هنغاريا وبلغاريا ويعتقدهم بلد واحد