TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > مشروع حداثي لأحياء مركز بغداد

مشروع حداثي لأحياء مركز بغداد

نشر في: 14 مارس, 2015: 12:01 ص

"تتوجه هذه الاطروحة نحو قلب المدينة الحضري ، نحو تراث مدينة بغداد وتاريخها ، نحو كرخها ورصافتها ، ومن خلال بحثي وجدت ان مشروع التنمية المستدامة ، عندما يأتي وقته لينطلق ، فان هذه الانطلاقة من قلب المدينة هي مجرد بداية ، لا بد لها ان تمتد لتشمل كل أنح

"تتوجه هذه الاطروحة نحو قلب المدينة الحضري ، نحو تراث مدينة بغداد وتاريخها ، نحو كرخها ورصافتها ، ومن خلال بحثي وجدت ان مشروع التنمية المستدامة ، عندما يأتي وقته لينطلق ، فان هذه الانطلاقة من قلب المدينة هي مجرد بداية ، لا بد لها ان تمتد لتشمل كل أنحاء العاصمة.
المهندس المعماري مروان فتة

 

- من الدراسات النادرة ، التي هي بمثابة مشروع قابل للحياة ، اطلعت على الاطروحة التي تقدم بها مؤخراً المهندس مروان فتة لجامعة بوخارست ، لنيل درجة الماجستير في التخطيط العمراني . فهذه الدراسة هي في الواقع ، تنطلق من مقدمات واقعية وعقلانية لإعادة الروح الى مدينة بغداد من خلال التوجه نحو اعادة تأهيل مركزها التقليدي .

تقوم هذه الأطروحة على أربعة عناصر هي :
١- إصلاح مجرى نهر دجلة وإعادة بناء القنوات المائية التي ستسهم في معالجة منظومة من المشكلات من بينها شحة الطاقة الكهربائية ، وكذلك أزمة النقل ، عبر الإفادة من وسائل النقل المائي .
٢ - تنمية الشبكة الاقتصادية للمركز ، من خلال اعادة تأهيل الاسواق التجارية القائمة ، وبناء مراكز تجارية جديدة حديثة الطراز ، وتطوير منطقة سياحية جاذبة على ضفتي النهر .
٣- معالجة مشكلة أزمة السكن من خلال تبني اُسلوب البناء العمودي لتشييد مجمعات سكنية مناسبة .
٤- توسيع المساحات الخضراء التي تقل نسبتها حاليا عن 3% في منطقة هي قلب مدينة بغداد .
وتسير هذه الاطروحة باتجاهين متوازيين مهمين ومركزيين هما : المخطط العمراني ، وتخطيط وتحليل التفاصيل المعمارية لكل من المباني التجارية والسكنية والسياحية .
وبعد مقدمة سردية عن تاريخ المدينة وطبيعتها المورفولوجية ، يطرح الباحث السؤال الأهم هنا وهو : كيف نستطيع تدشين مشروع واقعي في بغداد ؟
لذلك ، يسعى البحث نحو معرفة عميقة عن منطقة التطوير ، معرفة تاريخية وتراثية ، تقرأ في النسيج الطبيعي وتطوره عبر الزمن ، ثم معرفة الامكانات المتاحة للمباشرة بعملية التطوير .
- من اجل اغناء بحثه ، يتناول الباحث مجموعة من الأبحاث والدراسات العالمية الحديثة في التخطيط العمراني ، التي أعدها أهم مبدعي العمارة والتخطيط الحضري في القرن الماضي ، من بينها دراسة روي عام 1975 ودراسة فيلدر 1978 وسي بورلن 1980 ودي أنطوني توغنات 1987 وفنتوري 1996 وسواهم .
// ان الرقعة الجغرافية التي حددها البحث كمساحة لمباشرة المشروع والتي تقدر ب 22 , 2 مليون متر مربع ، هي حقاً تمثل مركز مدينة بغداد وقلبها الحيوي ، حيث تغطي اهم مناطقها التاريخية من باب المعظم ، وشارعي الرشيد والجمهورية في الرصافة ، ومنطقة الشواكة ، التي يحدها شارع حيفا في الكرخ ، و التي تمثل المدينة القديمة بكل تجلياتها التاريخية وعصورها الثقافية . وتضم بين جنباتها اهم ملامحها العمرانية ومراكزها التجارية الواقعة على جانبي نهر دجلة .
// يتوخى هذا المشروع الطموح ، عدة أهداف من أهمها : الحفاظ على المباني التاريخية الفريدة ، التي تتوزع على جانبي نهر دجلة ، وتأمين سكن لائق وحديث لسكان هذه المنطقة ، التي تحولت مساكنها تدريجيا آلى خرائب غير مأهولة ، أو مخازن تجارية متهالكة ، لا تتوفر على أدنى شروط الحياة الحديثة ، ويقترح البحث انشاء مجمعات سكنية بديلة ، تبنى عموديا لتستوعب اكبر عدد من هولاء السكان ، مثلما توفر مساحات إضافية ، يمكن استغلالها كفضاءات عامة وخدمية ، على ان تلبي هذه البنايات الجديدة ، الشروط الثقافية للعمارة البغدادية وبيئتها . بالاضافة الى اعادة تأهيل المركز الاقتصادي لهذه المنطقة الحيوية من بغداد ، والتي تضم اهم أسواق بغداد التاريخية ومركز نشاطها التجاري .
// من اجل تحقيق هذه الأهداف ، يقدم الباحث مجموعة من الاجابات العملية ، التي تمليها شروط عمارة الحداثة والتخطيط العمراني المعاصر في العالم ، وهي مجموعة معالجات واقعية ، تستمد واقعيتها من ظروف البيئة ، والمواد المتاحة ، و ثقافة المكان والامكانات المتيسرة ، ومن بين هذه المعالجات يقدم البحث حلولا مستدامة لمشكلة النقص في الطاقة الكهربائية ، الذي تعانيه بغداد بشكل عام ، حيث يقدم حزمة خيارات من وسائل انتاج الطاقة البديلة عبر إمكانية الإفادة من جغرافية المكان وقربه المباشر من ضفتي دجلة ، التي بالإمكان كما يذهب الباحث مروان فتة ، بناء سدود قادرة على توليد كميات من الطاقة تسد حاجة المشروع ، ومن ثم تحويل منطقة السدود هذه الى حدائق توسع هامش المساحات الخضراء واستثمارها كمناطق ترفيهية وسياحية في ذات الوقت .

البيت البغدادي - الحوش والمجاز ودورة الهواء
// يقدم البحث قراءة في الظروف المناخية لمدينة بغداد ، التي تقع ضمن منخفض جوي تقل فيه حركة الرياح ، بخاصة في فصل الصيف وشمسه الحارقة ، من اجل ذلك ، يطرح مقترحا تصميميا يستجيب لهذه الظروف .
// فمن الناحية الشكلية هو يفترض مجمعات سكنية من ثمانية طوابق ، تأخذ من زقورة آور التاريخية شكلها الخارجي، الطابق الأرضي ليس سكنيا وإنما هو من حصة المحال التجارية التي تلبي حاجة المجمع ، حيث تتوزع الوحدات السكنية في الطوابق السبع الاخرى بمساحات وتصاميم مختلفة ، وكل طابق لديه خاصية تصميمية مختلفة عن سواه ، وكل بناية لها طابعها الخاص اعتمادا على نوعية السكان وحالتهم المعيشية ، بالاضافة الى تصميم الهرم المعكوس ، الذي يوفر اكبر كمية من الظل لواجهة البناية ، حيث يعتمد التصميم هنا على إمكانية خلق دورة متكاملة لتيار الهواء ، وإمكانية اعادة تدوير المياه ، وتقليل مساحة التعرض للشمس ، وتوفير مساحة خضراء مناسبة في الفضاء العام الداخلي لكل وحدة .
// من هنا يأتي التصميم ليوفر عوامل بيئية مثالية فمثلا هناك تياران للهواء ، احدهما يأتي من الممرات الداخلية المظللة خارج المبنى ، والآخر بين طرق المشاة الضيقة والتي تحافظ بسبب من هذا "الضيق" على مساحات لا تمكث فيها أشعة الشمس طويلا .
// ان المقترحات التصميمية ، التي وضعت بشكل أساس لمواجهة الظروف البيئية القاسية ، لا تخلو من تلك الجمالية المعمارية حيث تستمد لغتها من فكرة الحوش البغدادي ،والمعالجات التي ابتكرها البناؤون البغداديون لأماكن عيشهم وحركتهم ، تضاف اليها اللمسات الحداثية التي توضحها التصاميم المرفقة هنا .
// لحسن الحظ ، ان نخبة من طلبة الشهادات العليا في العمارة الذين يدرسون اخر كشوفات الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري في بعض اهم الجامعات العالمية ، يباشرون الان مراجعة مقترحات زميلهم بشكل يومي ، وابداء الملاحظات الفنية عليها بالتفصيل ، للوصول بهذا البحث الى نسبة عالية من إمكانية التحقق الواقعي ، نور مكية من الولايات المتحدة ، مروة الدبوني من المانيا ، اروى الجميلي من الامارات ، محمد الصوفي من إيطاليا ، تراث جميل من فرنسا ، احمد ملاك من بريطانيا بالاضافة الى مروان فتة كاتب الاطروحة ، التي حصل بموجبها على شهادة الماجستير من جامعة بوخارست في رومانيا ، هولاء جميعا أسسوا مجموعة أطلقوا عليها (بغداد 21 ) تعمل على تشكيل رؤية معمارية حديثة لتطوير بلدهم وعاصمتهم .
هذه النخبة المبدعة التي تمثل اخر اجيال العمارة البغدادية ، يعمل أعضاؤها من مغترباتهم البعيدة من اجل اعادة الاعتبار لمدينتهم التي للاسف الشديد ظلت توصف ولاكثر من عقد من الزمن ، كأسوأ مدينة للعيش في العالم وتعيش نوعا من الاهمال الذي بات يتهدد هويتها بشكل غير مسبوق . بمشروعهم الطموح هذا ، بتلك البداية الموفقة ، والمفتاح السحري لإعادة إعمار بغداد عبر ضح الدماء في قلبها من جديد ، سيكون بإمكاننا الحديث عن ولادة جديدة لبغداد ، ولادة عراقية تقترحها تلك العقول المبدعة من المعمارين الشباب ورثة مدرسة بغداد للعمارة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التعديل الوزاري طي النسيان.. الكتل تقيد اياد السوداني والمحاصصة تمنع التغيير

حراك نيابي لإيقاف استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين

إحباط محاولة لتفجير مقام السيدة زينب في سوريا

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram