TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غدة طائفية

غدة طائفية

نشر في: 15 مارس, 2015: 09:01 م

في جسم الإنسان مجموعة كبيرة من الغدد ،تفرز هرمونات تساعد على أداء وظائف محددة ، واي اضطراب يصيبها يؤدي الى نتائج عكسية ، وينصح الاطباء المصابين بمرض معين نتيجة قلة او كثرة افراز هرمون من غدة ما الى تناول انواع من الاغذية تساعدهم على تحفيز الغدة المصابة ، لتؤدي عملها بشكل طبيعي ، تضخم الغدة الدرقية ينتشر عادة بين النساء ، لقلة تناول اليود المتوفر بكثرة بالاملاح والاسماك ، عن طريق الغذاء وبعض العقاقير بالإمكان معالجة اضطراب الغدد ، وممارسة اي نشاط بشكل طبيعي حين يتم التشخيص بشكل مبكر واجراء الفحوصات المختبرية قبل استفحال المرض ومضاعفاته .
في حضارة الاغريق القديمة الشهيرة بأعمال النحت والعمارة اعتمد جسد المرأة معيارا لمقاييس الجمال ، الاواني الفخارية والمرمرية الخاصة بحفظ الزهور ، فضلا عن الكؤوس واستخدامها في شرب الانخاب بصحة الآلهة وكبار القادة العسكريين للاحتفاء بالانتصارات تحاكي جسد المرأة بوصفه يحمل صفات التناغم والتكامل والتناسق والانسجام ، والمرأة اكثر تعرضا من الرجل للإصابة باضطراب الغدد ، فينعكس على قوامها ومظهرها وشكلها ، والجهات والدول الحريصة على الجمال تبنت انظمة سياسية اعطت للمرأة الدور الفاعل في القيادة بعيدا عما يعرف بنظام الكوتا المفروض على الرجال تطبيقه وتنفيذه ، بصرف النظر عن مدى ايمانهم بدور النساء في الحياة السياسية والاجتماعية.
التجارب الديمقراطية الراسخة في دول العالم المتحضر ، هل عالجت اضطراب هرموناتها ؟ وضبطت ايقاع نظامها بمراقبة افرازات غددها ؟ السؤال فنطازي ، ولعله يثير الضحك ، لا ينطلق من قاعدة لها اساس في الواقع ، فحزمة تشريعات وقوانين وضوابط تضمنتها الدساتير اعتمدت في ادارة الدولة ، واذا كانت نظرية الاغريق قبل آلاف السنين صالحة لهم ، فإنها بحد ذاتها تجربة توفرت لها ظروفها الموضوعية ، فنجحت في مكان وفشلت في آخر.
الاضطراب السياسي في بعض دول المنطقة العربية اسبابه معروفة ومشخصة ، فالحاكم او حزبه وبطانته واعلامه الرسمي سواء اعتمد البعير او المرأة معيارا للجمال ، يريد نقل السلطة علن طريق الوراثة من الآباء الى الابناء ثم الاحفاد ، ومبدأ التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع من المحرمات ، وخط احمر في كل الاحوال والظروف ، والحاكم في اغلب الاحيان يلجأ الى البحث قوى داعمة من رجال دين ، وشخصيات عشائرية متنفذة ، لتعزيز بقائه في السلطة ، ويتحالف مع دول كبرة معروفة بقدراتها العسكرية فيفتح لها القواعد بأرض بلاده ،تكون مسؤولة وعبر ابرام اتفاقيات طويلة الامد للحفاظ على الامن ،بمعنى حماية الحاكم وافراد بطانته ، واسرته من محاولات الاطاحة بالنظام .
هذا النوع من الحكام مصاب بالخوف نتيجة اضطراب غدته الخاصة المسؤولة عن شعوره بالامن والأمان ، ولا يثق بشعبه الا من كان من ابناء طائفته وعشيرته المقربين، لذلك انتشرت الاصابة بمرض اضطراب الغدة الطائفية في الدول العربية ، وحتى الان لم يتوفر علاجها ، والشفاء منها مستحيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram