TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من أين لنا بحاكم كهذه السيدة؟

من أين لنا بحاكم كهذه السيدة؟

نشر في: 17 مارس, 2015: 06:01 م

البرازيل أكبر دولة في أميركا الجنوبية وأميركا اللاتينية كلها، مساحتها تزيد عن 8 ملايين و500 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها يقترب من 200 مليون نسمة، وهي سابع أكبر قوة اقتصادية في العالم.. هذه الدولة العظيمة تحكمها امرأة، هي الرئيسة اليسارية ديلما روسيف التي تولّت الحكم للمرة الأولى في الأول من كانون الثاني (يناير) 2011 وأعيد انتخابها منذ أربعة أشهر لولاية ثانية.
الولاية الثانية لهذه السيدة قد تكون الأخيرة، وربما لن يكون في مستطاعها البقاء الى نهاية المدة الدستورية لولايتها هذه، فالرئيسة روسيف تواجه الآن وضعاً غير مريح. بخلاف وعودها الانتخابية اضطرت لفرض سياسة تقشف مالي من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات، وقد تظاهر الأحد الماضي نحو مليون و700 ألف شخص في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على إجراءات التقشف.
هذه السيدة التي تُعدّ المرأة الأكثر نفوذاً في العالم لم تتهم معارضيها وسائر المحتجين على سياساتها بالخيانة او بالتبعية للامبريالية والرجعية .. إنها بكل بساطة أعلنت عن تفهمها لدواعي الاحتجاج والتظاهر.. أكثر من هذا إنها أبدت الاستعداد لمحاورة "جميع مَنْ هم مستعدون" للتفاوض معها وحزبها الحاكم حول "إصلاح سياسي واسع" ورزمة إجراءات ضد "انعدام المساءلة والمحاسبة" للمسؤولين الحكوميين المتهمين بالفساد، بل انها سمحت بإحالة وزير ماليتها المتهم بالفساد وتبييض الأموال، وهو من حزبها، الى القضاء.
في أول رد فعل لها على تظاهرات الاحد قالت الرئيسة روسيف "لم أستطع منع نفسي من التفكير في ان النضال من أجل هذه الحرية كان يستحق"، وتابعت "أنا ملتزمة حكم البلاد من أجل 200 مليون برازيلي، أولئك الذين صوتوا لي، كما أولئك الذين صوتوا ضدي، ممن شاركوا في التظاهرات ومَنْ لم يشاركوا".
نعم هذه هي لعبة الديمقراطية على أصولها.. مَنْ يقبل بها ويخوض غمارها عليه ان يقبل بشروطها ويتقيد بقواعدها.. ومن شروط الديمقراطية وقواعدها الاستماع جيداً الى المعارضين وعدم التعسف في حقهم وازدرائهم وكيل التهم الملفقة لهم.. المعارضة قد تكون على حق، والسيدة روسيف نفسها كانت ذات يوم جزءاً من المعارضة وشقّت طريقها في السياسة الى أرفع منصب عبر المعارضة.
مِن هذه السيدة وسواها يتعيّن أن يتعلم حكامنا وسائر سياسيينا.. الحاكم أو السياسي عندما يركب رأسه ويعاند إنما يقود الى بلاده وأمته الى الخراب التام والدمار الشامل، كما هو حاصل في بلداننا العربية والإسلامية.. ما يحدث في ليبيا ومصر واليمن وسوريا، والعراق أيضاً قبل الجميع، إنما أصله وفصله يعودان الى عناد الحكام وعدم اعترافهم بالمعارضة وبحق الناس في أن يكون لها موقف آخر ورأي اخر وفي أن تعارض وأن تسعى الى التغيير.
كم من رجالنا الذين في الحكم تساوي الرئيسة ديلما روسيف؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ابو سجاد

    ياسيدي انت لماذا تنسى دور الشعوب في تغيير المعادلة السنانحن متفقون على ان جميع الانظمة العربية تقريبا دكتاتورية اذن اين هو دور الشعب بكل مايحصل في بلداننا اذن نحن الشعوب العربية اما جهلة ومتخلفين او لم تكن لنا قوة المواجهة

  2. ابو اثير

    هناك أكثر من سيدات سياسية عراقية في مجلس النواب تضاهي السيدة البرازيلية ديلما في أدارة البلاد والعباد ولكن الرجال السياسيين لا يعطوهم الفرصة لأعتلاء مناصب المسؤلية والسبب كما يبدوا عقدة الرجولة عند هؤلاء السياسيين المشحونين بالعقد النفسية ... وألا فأن سيد

  3. ابو سجاد

    ياسيدي انت لماذا تنسى دور الشعوب في تغيير المعادلة السنانحن متفقون على ان جميع الانظمة العربية تقريبا دكتاتورية اذن اين هو دور الشعب بكل مايحصل في بلداننا اذن نحن الشعوب العربية اما جهلة ومتخلفين او لم تكن لنا قوة المواجهة

  4. ابو اثير

    هناك أكثر من سيدات سياسية عراقية في مجلس النواب تضاهي السيدة البرازيلية ديلما في أدارة البلاد والعباد ولكن الرجال السياسيين لا يعطوهم الفرصة لأعتلاء مناصب المسؤلية والسبب كما يبدوا عقدة الرجولة عند هؤلاء السياسيين المشحونين بالعقد النفسية ... وألا فأن سيد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram