عن الشاعر كاظم غيلان عن عريف فصيله في قاطع جلات على الحدود العراقية الايرانية ، عن نون ضاد رأس عرفاء الوحدة فوج المشاة الثاني قال :" اخواني الجنود عليكم باليقظة والحذر ولا تخيفكم تحشكات العدو" يقصد تحشدات ، وانتقلت مقولة نائب الضابط كالنار بالهشيم ، حتى طغت على المفردة الصحيحة ، وتحولت الى مصطلح تداولي ، للتعبير عن اشياء كثيرة ، فحين يضاعف آمر الوحدة عقوبة المذنبين بتدريب اضافي ووضع اطار العجلة في رقبة المذنب وجعله يصعد المرتفعات يفسر الجنود هذا التحول بحصول "تحشكات" بمزاج الآمر نتيجة تأخير رفع اسمه من مقر اللواء ضمن قائمة المرشحين لنيل نوط الشجاعة.
الشاعر كاظم غيلان المعروف بتخصصه بدراسة الشعر الشعبي العراق ، لطالما استخدم مصطلح "التحشكات" في تحليل قصيدة يدعى صاحبها انه حقق فيها فتحا حداثويا ، عجز عن تفسيره الباحثون والنقاد ، شيوع استخدام المصطلح يعبر عن تنديد ساخر بالحروب ومشعليها ، وعلى وفق هذا المعيار انتقلت "التحشكات" الى مفاصل الحياة الاخرى السياسية والاجتماعية والمهنية فالوسط الصحفي شهد ولادة العديد من العكاريك نجوم الفضائيات الحزبية المتعاملين مع الاحداث بمنتهى الحيادية والاستقلالية طبقا للتعليمات والوصايا الحزبية لاغراض الترويج وتسويق شخصيات تتطلع لان تكون رموزا وطنية ، وعلى المستوى الاجتماعي ، وشن حملة واسعة تستهدف الحياة المدنية ، وانتهاك الحريات الشخصية ، انتقلت صالونات تجميل النساء الى المنازل في الاحياء الشعبية ، وانحسر اقبال الفتيات على دراسة فن المسرح والتشكيل .
من انباء التحشكات المتعلقة بتصريحات مسؤولين من دول الجوار تسجيل اقبال واسع في الاسواق المحلية على اقتناء العكل والدشاديش كمظهر من مظاهر التمسك بالعروبة احتجاجا على دعوة موجهة من احدهم للعراقيين للتخلي عن المحيط العربي ، والعملية السياسية المصابة بمرض مزمن شهدت في الاونة الاخيرة حالة من "التحشكات" اثر مطالبة طرف مشارك في الحكومة بتحقيق التوازن بتوزيع المناصب والمواقع بما يضمن تمثيل المكونات الشيعة والسنّة والاكراد في مؤسسات الحكومة ، وهذه القضية مشكلة معقدة تكاد تعادل نكبة حزيران العراقية ، ولتفادي انفجارها شكلت عدة لجان لمعالجتها ، لتقاسم 507 مناصب في هيئات ومستشاريات ، وكل طرف من الحريصين على تحقيق التوازن قدم مرشحيه ، لشغل المنصب المنسجم مع شهادة وكفاءة وخبرة المرشح المدعوم من رئيس الكتلة ، فحصلت "تحشكات" داخل مجلس النواب ، والكتل تمترست في خنادقها الطائفية ، بانتظار اعلان ساعة الصفر، وبمزيد من اليقظة والحذر والتنافس المحموم ، شكل التحالف الوطني لجنة مكونة من ثمانية اعضاء لخوض جولات تفاوضية مع الشركاء للتوصل الى اتفاق نهائي يضمن حقوق الاطراف ومكوناتها في الحصول على استحقاقها من هيئات الحج والعمرة ، والنزاهة والاتصالات ، والمساءلة والعدالة وغيرها ، وحين يتم التوصل الى تجاوز "التحشكات" ومخاطرها يبتسم الحظ بوجوه العراقيين ، وتغمرهم السعادة بمنجزات الثورة البنفسجية .