TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما أهنانا في دولتنا!

ما أهنانا في دولتنا!

نشر في: 18 مارس, 2015: 09:01 م

في البلاد الأخرى التي نصنّف نفسنا في عدادها، أعني ذات الأنظمة الديمقراطية، لو حدث أمر كهذا لقامت الدنيا ولم تقعد أبداً حتى يتراجع أصحاب القرار عن قرارهم ويعتذروا أو تستقيل الحكومة بأكملها وتعلن موعداً لانتخابات برلمانية جديدة، والسبب ان الدولة في تلك البلاد تحترم نفسها ومواطنيها بخلاف الجاري عندنا تماماً.
وما حدث عندنا في الأيام القليلة الماضية مما يمكن ان يقيم الدنيا في البلاد الأخرى ذلك ان الطبقة السياسية المتنفذة قامت بتوزيع جديد لرئاسات الهيئات الموصوفة بانها مستقلة، وهي ليست كذلك ولم تكن كذلك في الواقع.
جاء في الاخبار ان رئاسات هذه الهيئات، وعددها 21 هيئة، قد وُزّعت على "المكوّن الشيعي" بواقع 10 هيئات و"المكوّن السني" 6 هيئات و"المكوّن الكردي" 5 هيئات.
الخطوة التالية المنتظرة تشكيل مجالس هذه الهيئات.. عملية التشكيل ستُطبّق فيها الآلية نفسها فالمكوّن الشيعي سيحتل نسبة مماثلة من مقاعد هذه المجالس وكذا المكوّن السني والمكوّن الكردي.
لا يفكرنّ أحد بان رئاسات هذه الهيئات، وكذا عضوية مجالسها، سيكون العامل المهني هو الأساس في تشكيلها، أي ان المكوّن الشيعي قد اختار أفضل كفاءاته لشغل المناصب العشرة والمكوّن السني فعل الشيء نفسه وكذا المكوّن الكردي.. أبداً، أبداً، هذا لن يحصل ولم يحصل في الماضي.. "المكوّن الشيعي" سيوزع رئاسات "هيئاته" على احزابه وهذه ستختار ممثليها ليس على وفق الكفاءة والخبرة والتأهيل الأكاديمي وإنما على وفق قرب رئيس الهيئة من زعيم الحزب أو سائر أعضاء القيادة .. أحد افراد العائلة، نسيب، نصير أو موال..
هذه المعادلة اللعينة نفسها ستُطبّق على أعضاء مجالس الهيئات. أي اننا في النهاية سنكون بإزاء هيئات حزبية مئة بالمئة لا علاقة لها بأي شكل من أشكال الاستقلال.. وبالطبع فان رؤساء الهيئات واعضاء مجالسها سينفّذون اجندات الأحزاب وزعماء هذه الأحزاب والمتنفذين فيها أصحاب "الفضل" في تعيين رؤساء الهيئات وأعضاء مجالسها في مناصبها التي تعني رواتب عالية وامتيازات تعادل امتيازات الوزراء ووكلاء الوزارات والمدراء العامين.
قضية التعيينات في الهيئات الموصوفة بانها مستقلة هي نقطة في بحر الفساد السياسي في دولتنا، فهناك الآلاف من المناصب (وكلاء وزارات ورؤساء مؤسسات ومدراء عامون وقادة في الجيش والشرطة والأمن وسفراء وقناصل) التي ستمر بالآلية نفسها.. المناصب تتوزع على المكونات، والأحزاب التي تحتكر تمثيل هذه المكونات تتقاسم المناصب في ما بينها فتوزعها على الأقارب والأزلام والموالين. وعلى هذا تكون دولتنا كلها عبر مناصبها الرئيسية والثانوية في ايدي ممثلي الأحزاب الحاكمة واقاربهم والموالين لهم، وهؤلاء في الغالب لا كفاءة لديهم ولا خبرة، وبعضهم لا يحمل حتى الشهادة الجامعية الأولية (بكالوريوس)، بل إن عدداً غير قليل من هؤلاء يعمل بوثائق وشهادات مزورة، فيما الغالبية العظمى من أصحاب الكفاءات والخبرات والشهادات العالية من العلماء والاختصاصيين سيبقون خارج الحسبة!
ما أهنانا في دولتنا! .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. سالم

    لا فُض فوك. والشعب يتحمل لان هو من جاء بهاي الشكولات والغالبية العظمى تبحث عن المصلحة الشخصية والبلد ماضي الى الانهيار بس السؤال هل هناك حل؟ وبيد من؟؟

  2. سالم

    لا فُض فوك. والشعب يتحمل لان هو من جاء بهاي الشكولات والغالبية العظمى تبحث عن المصلحة الشخصية والبلد ماضي الى الانهيار بس السؤال هل هناك حل؟ وبيد من؟؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram