توترت الأجواء وانتشر اللغط والحذر أيضاً وأخذت احتياطات كثيرة في متحف ستيدليك ميوزيام في أمستردام ، وبدأ المشرفون تساعدهم الكاميرات الكثيرة المنتشرة في المتحف على مراقبة الداخلين لمشاهدة الأعمال الفنية والتطلع الى أشكالهم والتدقيق في هيئاتهم . هذا كله لم يحدث من أجل الحفاظ على الأعمال الفنية من السرقة أو الحريق ، بل كان المتحف بكل من فيه يراقب ويشدد السيطرة من أجل منع دخول رسام هولندي غريب الأطوار هو روب كوننغسبروخ ( ولد سنة 1948 ) والذي هدد بأنه سيتبول على لوحتين من لوحات المتحف . هكذا قامت الدنيا ولم تقعد لأن هذا الرسام هدد بذلك ، وقد حدد هدفه هنا بلوحتين معلقتين داخل المتحف تحت حراسة شديدة . وهنا تصدى المتحف لهذا التهديد ومنع الفنان من الدخول بأمر من المحكمة .
إذن وصل الأمر الى المحاكم بسبب لوحتين لم تعجب هذا الرسام غريب الأطوار والذي لا يتوانى دائماً بأطلاق هكذا ردود أفعال على الأعمال التي لاتعجبه أو اللوحات التي يعتقد بأنها هابطة فنياً . بعد فترة من صدور حكم المحكمة حاول هذا الرسام أن ينقض الحكم ويجعله الى صالحة كي يستطيع دخول المتحف دون أية مضايقة ، لكن قرار القاضي كان نهائياً وقال أن هذا الحكم له ما يبرره ، لهذا أصدر قراراً بمنعه بشكل دائم من الدخول بعد أن امتنع الفنان من القبول بحل وسط بينه وبين المتحف، كأن يزور المتحف تحت المراقبة والإشراف ، وقد رفض ذلك رفضاً قاطعاً وكان واضحاً بأنه ليس على استعداد لقبول مثل هذا الحل . لم يعترف المتحف ولا المحكمة بدفاع الفنان وحجته حين قال بأن المتحف عليه أن ينظر الى تهديداته على أنها نوع من السخرية والكوميديا السوداء أو النقد القريب من الهجاء ، وقد أشهر المتحف في وجه المحكمة أدلة سابقة ضد الفنان الذي لديه سوابق مماثلة ، هو الذي أدين أيضاً سنة 2007 في أعمال حرق .
نعود الى اللوحتين اللتين قرر هذا الفنان أن يتبول عليهما في لحظة غريبة ورد فعل عجيب ، وهما لوحة لملكة هولندا بياتريكس لم تعجبه وقال بأن تقنياتها وطريقة رسمها لا تليق بالمتحف ، واللوحة الثانية هي بورتريت كانت قد رسمته الفنانة مارلين دوماس ويظهر فيه وجه بن لادن بطريقة تعبيرية ، وتبدو اللوحة مرسومة بشكل سريع وعفوي . وقد قال هذا الرسام عنها بأنها واحدة من أسوأ اللوحات التي شاهدها في حياته وهي منفذة بطريقة ليس فيها أي شيء من الفن وتقنياته .
والى أن تحل هذه المسألة ، سيبقى المتحف يقظاً وهو يتابع خطوات هذا الرسام الغريب ويتمنى أن لا يتهور ويستبدل طريق التواليت بطريق المتحف .
لقد عادت في ذهني وأنا أتابع موضوع هذا الرسام حكاية صديقي الفنان العراقي الراحل زياد حيدرالذي سجن خمس سنوات في سجن أبو غريب لأنه تبول ليلاً على جداية تمثل بورتريت لصدام حسين نهاية الثمانينات من القرن الماضي ، فعل ذلك تحت نشوة الخمر وهو يخرج من نادي اتحاد الأدباء في بغداد . الطريف أيضاً هو أني سألت زياد بعد خروجه من السجن عن ذكرياته عن الحادثة فقال لي ضاحكاً بأنه قبل أن يكمل فعلته توقفت سيارة شرطة قرب المكان ونزل مجموعة من الشرطة ومعهم ضابط كان يبدو لطيفاً ، وقبل أن يضعوه في السيارة همس الضابط في أذن زياد ( لَك هوَّ إحنه كوه نجيب ناس ترسمه ، تجي انته تبول عليه ؟؟!! ).
رسام هولندي يتبوّل على بورتريت الملكة
[post-views]
نشر في: 21 مارس, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...