اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عيد النيروز من اقصى الجنوب

عيد النيروز من اقصى الجنوب

نشر في: 21 مارس, 2015: 09:01 م

قد يكون المطر الذي هطل بغزارة خلال اليومين الماضيين من عطّلني عن شراء مواد صينية النيروز هذا العام، (كليجة وبرتقال وخس ومكسرات وو) وقد تكون الحفر والاطيان وصعوبة المواصلات بين البيت والمدينة حائلا مضافا، لكن الاكيد هو أن المزاج العام، لم يكن مشجعاً لكي نحتفل بأجمل أعياد البصرة، غير أن الاحتفال بالحياة يأتي من الاحتفال بالعيد. عيد النيروز، الكسلة، عيد الشجرة، عيد رأس السنة الفارسية، عيد الربيع، لم يكن للبصريين عيد بهذا العدد من التسميات، التي لو أمعنا النظر فيها طويلا لوجدنا أن اهل المدينة الجنوبية هذه من أشد الناس تعلقا بالحياة، أكثرهم حرصا على بلوغ البهجة وإدامة الفرح.
في اتفاق مبهم لتكرار السعادة، شبه مطلق بين الطبيعة والناس، أو هو طود من اصرار على استرجاع الجمال، أو لنقل هو نوع من عقد رومانسي بين سكان المدينة الجميلة وبين النهر، شط العرب الخالد، حيث يبلغ المد أعلى مستوى فيه، في يوم الـ 21 من آذار، ظل قائما منذ مئات السنوات. الاشجار تورق في البصرة قبل غيرها من مدن العراق والمنطقة، بما فيها طهران والمدن الجبيلية هناك، كذلك يكون القمر في اجمل حلة له، فهو بدر في غير اوانه. الفراشات منشغلة بفرحها، تنتقل بين وردة وأخرى متعجلة الزمن، والتوت الذي يحمرُّ، متعجلا الالوان والطعوم، الرمان أيضاً تكوّن جلناره، أحمر نارياً، رائحة حبوب الطلع، الطيور البيض التي لبت النداء الصامت، وجاءت تحط على اهلة المنائر وصلبان الكنائس. انا لا اتحدث عن خيال ووهم أو شيء من نستولوجيا، أستعيدها مرة كل عام، إنما أتحدث بلسان ما حولي، ما أجده بين يدي اللحظة هذه.
قبل ساعة من كتابة المادة هذه، كنت تفحصت براعم التوت الصغيرة التي جلبتها من بستان جاري، طعّمتها قبل نحو من شهر، لشجرة توت لم تعجبني ثمارها، كنت أريد تحسين نوعها. البراعم المسكينة التي جلبتها ظلت صامتة الايام الطويلة هذه، أخرسها البرد أو لعلها استشعرت بالغربة، اليوم كانت سعادتي غامرة، لقد تفتقت عن براعم صغيرة، تفلتت من الغصن القديم، وانبجست عن وريقات صغيرة، وريقات تشكلت خضراء مثل كف طفل ولد اللحظة ،يا إلاهي ، لا أستطيع كتمان بهجتي، من لا يشعر بالطبيعة وهي تندفع مستقبلة الكون، لا يتحسس المعنى الذي أتحدث عنه.
اليوم، وقبل ان تهبط الشمس من مغربها، سأحمل بعضي وأتجاوز الحفر والوحول، وسأجلب الخس والبرتقال والمكسرات وستعمل زوجتي ومعها كناتها على تلوين البيض ومقابلة الفرن حتى تنضج صينية الكليجة، هو عيد النيروز. أليس كذلك؟
يقول صاحبي بان الحفلة بالعيد الربيعي ستكون في المساء، ساعة يجتمع الصحب النجب، خلان الصفاء والوفاء، صاحبي الذي اشترى البرتقال والخس والمكسرات وكل ما يليق بيوم بهيج كهذا، سأحمل ما بدا لنا ربيعا وبهجة وسعادات إلى الكورنيش، على شط العرب، هناك حيث لا أحد يجرؤ على فتح (البوكس كولر)، أو صندوق حفظ المواد الطازجة، الذي سنملأه جعة هولندية وأوزو وتكرداغ ووو.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو اثير

    أنشاء الله تبقى البصرة الحالمة الوديعة خضرة ناضرة بأهلها الطيبين الوادعين وترجع لأيامها المزهوة بألق والحب والغناء والفن والشعر والرياضة والثقافة والمسارح والمعارض والمهرجانات الفنية والثقافية والشعرية ويعود العراقيون لقضاء شهر العسل فيها والتمتع بطيبتها

  2. ابو اثير

    أنشاء الله تبقى البصرة الحالمة الوديعة خضرة ناضرة بأهلها الطيبين الوادعين وترجع لأيامها المزهوة بألق والحب والغناء والفن والشعر والرياضة والثقافة والمسارح والمعارض والمهرجانات الفنية والثقافية والشعرية ويعود العراقيون لقضاء شهر العسل فيها والتمتع بطيبتها

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram