باستثناء البنك المركزي وديوان الرقابة المالية، لم تثبت أكثر من 20 هيئة توصف بـ "المستقلة" انها ذات نفع وجدوى، وعليه فان إلغاءها يبدو أنفع وأجدى، في الأقل لجهة توفير مئات ملايين الدولارات تُصرف عليها سنوياً، خصوصاً وإننا في حال مالية لا تسرّ حتى العدو، فيما تلتهم الحرب ضد الإرهاب نسبة كبيرة من الموازنة العامة المُستنزفة بالفساد وبسوء الإدارة.
في الأصل أنشئت هذه الهيئات على غرار ما هو قائم في البلاد الديمقراطية للمساعدة في إقامة وتوطيد نظام ديمقراطي في العراق لم يعرفه في تاريخه، لكنها تحوّلت تدريجياً إلى كذبة كبيرة .. الوزارات مستقلة أكثر من الهيئات "المستقلة"، فكل وزارة مملكة خاصة بوزيرها وحزبه، والهيئات "المستقلة"، بما فيها أهم وأخطر هيئتين، هما مفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة، مُسيّرة من رئاسة الحكومة ومن زعامات الأحزاب المتنفذة فيها عبر رؤسائها وأعضاء مجالسها الذين هم في الغالب أعضاء في هذه الاحزاب وإن ادّعوا العكس.
خصّ الدستور الهيئات المستقلة بخمس من مواده (102 – 108) شدّدت على استقلالية هذه الهيئات وعدم خضوعها لأية سلطة، باستثناء دواوين الأوقاف ومؤسسة الشهداء التي رُبطت بمجلس الوزراء، فيما أخضِعت الهيئات الأخرى لإشراف ومراقبة مجلس النواب، لكننا على مدى السنين العشر المنصرمة لاحظنا تدخلاً واضحاً من الحكومة في أعمال هذه الهيئات، ومن أحزاب نافذة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالأخص هيئة النزاهة ومفوضية الانتخابات وهيئة الإعلام والاتصالات وهيئة المساءلة والعدالة والبنك المركزي. كما تواكلت الحكومة ومجلس النواب عن إنشاء هيئات أخرى نصّ عليها الدستور، وهي ذات أهمية كبيرة في عملية إقامة النظام الديمقراطي، كمجلس الخدمة العامة الاتحادي وهيئة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وهيئة مراقبة تخصيص الواردات الاتحادية.
أصيبت الهيئات "المستقلة" بمقتل منذ البداية عندما أخضعت الأحزاب المتنفذة عملية تشكيلها لشروط تشكيل الحكومة نفسها، فقد تقاتلت هذه الأحزاب جميعاً على تمثيل نفسها في الحكومة واحتكار مناصبها ووظائفها بوصفها غنيمة، ولم يقبل أي حزب من هذه الأحزاب بأن يبقى خارج الحكومة معارضاً، ولم يقبل أيضاً بعدم تمثيله في الهيئات "المستقلة"، فأصبحت رئاسات هذه الهيئات موزعة على الأحزاب، وكذا عضوية مجالسها، ما نسف من الأساس مبدأ الاستقلالية الذي نصّ عليه الدستور.
بعد خمسة أسابيع ستمر سنة كاملة على إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وحتى الآن لم يجر تشكيل مجالس الهيئات "المستقلة" بسبب تنازع الأحزاب المتنفذة على رئاسات هذه الهيئات وعضوية مجالسها.
استقلالية الهيئات المستقلة كذبة كبيرة يتعيّن الانتهاء منها، ومادامت الأحزاب المتنفذة غير راغبة في التخلي عن نفوذها في هذه الهيئات، فالأجدى والأنفع إلغاؤها، ذلك ان عدم وجودها يوفّر للخزينة العامة مئات ملايين الدولارات تمسّ حاجتنا إليها الآن لبناء مستشفيات ومدارس وتشغيل مصانع مُعطّلة وشراء أسلحة وذخائر لمواجهة الإرهاب.. كما إن عدم وجود هذه الهيئات سينهي الكذبة الكبيرة التي عاشت معنا عشر سنين.
كذبة كبيرة عمرها 10 سنين
[post-views]
نشر في: 25 مارس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ام رشا
طبعا كلام معقول جدا لكن سوف يهب الوطنيون المخلصون للدفاع عن موظفي هذه الهيئات التي ان تم حلها سيصبح موظفوها من جوقة العاطلين عن العمل وشكرا.
رمزي الحيدر
ثلاث مقترحات توجد الاول : وكما تفضلت أن تلغى الهيئات المستقلة. الثاني : أن تعطى هذه الهيئات الى ناس مستقلون ، وبهذلك يكون السيد العبادي قد برهن أنه جاد بعمليات الاصلاح ذات الطابع الوطني وليس الطائفي. الثالث: أذا المقترح الاول والثاني لا يمكن تطبيق