TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أغبياء العصر

أغبياء العصر

نشر في: 27 مارس, 2015: 09:01 م

يعجبني من قال إن الغباء موهبة. استوقفتني هذه "الموهبة" التي راج سوقها بشكل ملحوظ. خطر ببالي أن سببها الأول هو الطائفية. الطائفي غبي لسبب بسيط جدا: انه لا يدرك بأنه طائفي. لا بل ويشتم الطائفيين أحيانا ظاناً انه ليس منهم. بس شيفهم حجي أحمد آغا؟
ثم ظننت ان السبب هو الحروب التي ابتلي بها العراق على مدى عقود. والحروب مجلبة للغباء كما تعلمون. لذا ما من حاكم دموي تطربه الحروب إلا وتجد أول أعماله غسل أدمغة الشعب لإفراغها من التفكير المنطقي. تفضلوا راجعوا أغاني الحروب وهوساتها وأشروا بأنفسكم كيف انها في المحصلة ضحك على عقول البسطاء للمتاجرة بدمائهم.
أغلبنا يتذكر ثورة العشرين ويعتز بها. وشحدّه الما يعتز؟ لكن استحلفكم بضمائركم ان تجيبوا بصدق ذلك الذي هوّس: الطوب أحسن لو مكواري؟ أنا أقول انه الطوب واتحمل تبعات قولي. فما الذي ترونه؟
لا انكر أهمية ثورة العشرين كإرث عراقي وطني. لكني أتساءل لماذا لم نتوارث منها تلك الهوسات التي فيها نفحة عقل، رغم ندرتها؟
أتعرفون بأن هوسات أهل السماوة كانت أكثر واقعية وعقلانية من هوسات المناطق الأخرى؟ خذوا عشيرة الظوالم، مثلا، يوم هوّس مهوالها قبل 95 عاما تقريبا: "بس لا يتعلّك بامريكا" محذرا من استنجاد الإنكليز بها. وبعد كل هذه السنين التي تعادل قرنا تقريبا، يأتيك من يهوس للحاكم بأن اسمه هز أمريكا. وآخر يشتري العداوة معها بأي ثمن حتى لو كان انهاراً من الدماء وتلالاً من الخراب!
وفي السماوة أيضا كانت لنا جدة هناك كأنها العقل كله. هاكم اقرأوا كيف تخاطب الناس وكأنها ترسم منهاجا عمليا لبناء انسان عراقي نحتاجه اليوم أكثر من زمانها:
يدور الوكت وتدور الايام ونحصّل على كل المرام
ولا بد نسل لعدانه الاسهام ونحافظ اعله وجوه الاكرام
او نحچــي ابحــريـة الكلام ســـونــــــه فـــرد نيّــــــــه يعــــــلاّم
وخلنـــه ســـوه انــــــــداوم دوام وعــراكنــه ـميشــــوم لـــو كام
استوقفتني في تركيزها على "حريّة الكلام". والاجمل انها تدعو الرب لتوحيد نوايا العراقيين كي يذهبوا للعمل معاً. إنها دعوة لقبر الطائفية والانفتاح على الآخر والإيمان بحريته. رحمكِ الله أيتها القروية المتنورة وانت في تلك الأيام التي لم يكن فيها حولك جامعات ولا مدارس ولا انترنت وموبايلات مع ذلك وضعت اصبعك على داء العراق ودوائه.
يا جدتاه انا معك بأن العراق يصنع المعجزات لو نهض. وان تأخر في نهوضه، فوحق روحك الطاهرة، ليست العلة فيه، بل بأغبياء العصر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram