TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تحنيط الرمز

تحنيط الرمز

نشر في: 28 مارس, 2015: 09:01 م

تحنيط الموتى فكرة قديمة ابتكرها المصريون القدماء ، ويخبرنا العم كوكل بانهم:" كانوا
يؤمنون بفكرة الحياة بعد الموت ، وكانت الديانات المصرية القديمة تقول إن الإنسان لا يمكن أن يبعث في الآخرة إلا بعد أن تعود الروح إلى الجسد ، واعتقد الفراعنة أنه ينبغي تحنيط الميت لحماية جثته من التحلل كي تتمكن الروح من العثور على الجسد لتتم عملية البعث".
في زمن الفراعنة لم يكن التحنيط متاحا لاي شخص ، واقتصر على الملوك وكبار الكهنة والاثرياء ، للحفاظ على الرمز في العالم الاخر ، في ضوء اعتقاد سائد بان المحنط يبعث برسائل الى الاحياء لمعرفة اوضاعهم ومدى تمسكهم بتعاليم وافكار المحنط وخططه التنموية ومشروعه الوطني .
الكشف عن سر الخلود لطالما شغل شعوب الارض قاطبة ، وحين استسلمت البشرية لقدرها واعترفت بان الموت حق ولا يمكن دحره حتى بنجاح استنساخ النعجة دولي ، عكف العلماء والباحثون على اجراء تجارب علمية للحصول على لقاحات ضد مختلف الامراض والعلل ، بعد ان حصدت الملايين من ارواح البشر بالطاعون والكوليرا ، واوبئة اخرى استوطنت في بلدان العالم المتخلف ، وفي مناطق الصراع والنزاعات المسلحة .
المنظمات الدولي المعنية بالحفاظ على الجنس البشري من الانقراض لطالما حذرت من حماقات هواة شن الحروب لتوسيع النفوذ وفرض السيطرة على اكبر رقعة جغرافية لاعتقادها بان دولا كثيرة اصبحت بيئة مناسبة لاوبئة مستوطنة ولدت من الخلافات المتجذرة بين القادة السياسيين وامراء الطوائف ، لاتنفع اللقاحات بعلاجها وانما تحتاج الى قرار دولي يصدر ضمن البند السابع لميثاق الامم المتحدة .
في بلدان تشهد حالات توحي الى بروز مظاهر الانقراض البشري يكون البحث عن الرمز هدفا راسخا في اذهان الكثيرين ، نتيجة الصراع المحتدم للوصول الى السلطة وضمان حقوق المكونات ، واستخدام لغة السلاح بوصفها الصوت الاعلى في حلبة النزاع وفي هكذا اوضاع مضطربة ـ يعجز الحكماء عن وضع حد لها ، تبدو الحاجة الى الرمز سواء كان حيا او محنطا اسهل الطرق لاثبات الوجود.
بعد الغزو الاميركي للعراق ، والقضاء على ما تبقى من الدولة ، استجابت شريحة واسعة من المجتمع لتقبل فكرة الرمز ، الزعماء بالعشرات ، والاحزاب بالمئات ، وتشريعات تنظيم الحياة السياسية غائبة ، بانتظار توافقات اصحاب الحل والربط لاعلان موافقتهم لتأخذ طريقها الى السلطة التشريعية ، ليمررها البرلمان ثم تنشر بالجريدة الرسمية ، فيقطع العراقيون شوطا مهما في القضاء على الامراض المستوطنة .
الوباء السياسي ، اشد فتكا بالجنس البشري من الامراض الوافدة والمستوطنة ، تعجز حتى وزارة الصحة عن معالجته ، ولتفادي الخطر وجعله في منطقة ضيقة يجب مفاتحة خبراء وعلماء تجربة استنساخ النعجة دولي لاختراع لقاح ضد الاوبئة السياسية ، واصدار نشرة مصورة تحذر من الاستجابة لدعوات الرموز فهم سبب الداء ، وتفشيه في المنطقة العربية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram