تحنيط الموتى فكرة قديمة ابتكرها المصريون القدماء ، ويخبرنا العم كوكل بانهم:" كانوا
يؤمنون بفكرة الحياة بعد الموت ، وكانت الديانات المصرية القديمة تقول إن الإنسان لا يمكن أن يبعث في الآخرة إلا بعد أن تعود الروح إلى الجسد ، واعتقد الفراعنة أنه ينبغي تحنيط الميت لحماية جثته من التحلل كي تتمكن الروح من العثور على الجسد لتتم عملية البعث".
في زمن الفراعنة لم يكن التحنيط متاحا لاي شخص ، واقتصر على الملوك وكبار الكهنة والاثرياء ، للحفاظ على الرمز في العالم الاخر ، في ضوء اعتقاد سائد بان المحنط يبعث برسائل الى الاحياء لمعرفة اوضاعهم ومدى تمسكهم بتعاليم وافكار المحنط وخططه التنموية ومشروعه الوطني .
الكشف عن سر الخلود لطالما شغل شعوب الارض قاطبة ، وحين استسلمت البشرية لقدرها واعترفت بان الموت حق ولا يمكن دحره حتى بنجاح استنساخ النعجة دولي ، عكف العلماء والباحثون على اجراء تجارب علمية للحصول على لقاحات ضد مختلف الامراض والعلل ، بعد ان حصدت الملايين من ارواح البشر بالطاعون والكوليرا ، واوبئة اخرى استوطنت في بلدان العالم المتخلف ، وفي مناطق الصراع والنزاعات المسلحة .
المنظمات الدولي المعنية بالحفاظ على الجنس البشري من الانقراض لطالما حذرت من حماقات هواة شن الحروب لتوسيع النفوذ وفرض السيطرة على اكبر رقعة جغرافية لاعتقادها بان دولا كثيرة اصبحت بيئة مناسبة لاوبئة مستوطنة ولدت من الخلافات المتجذرة بين القادة السياسيين وامراء الطوائف ، لاتنفع اللقاحات بعلاجها وانما تحتاج الى قرار دولي يصدر ضمن البند السابع لميثاق الامم المتحدة .
في بلدان تشهد حالات توحي الى بروز مظاهر الانقراض البشري يكون البحث عن الرمز هدفا راسخا في اذهان الكثيرين ، نتيجة الصراع المحتدم للوصول الى السلطة وضمان حقوق المكونات ، واستخدام لغة السلاح بوصفها الصوت الاعلى في حلبة النزاع وفي هكذا اوضاع مضطربة ـ يعجز الحكماء عن وضع حد لها ، تبدو الحاجة الى الرمز سواء كان حيا او محنطا اسهل الطرق لاثبات الوجود.
بعد الغزو الاميركي للعراق ، والقضاء على ما تبقى من الدولة ، استجابت شريحة واسعة من المجتمع لتقبل فكرة الرمز ، الزعماء بالعشرات ، والاحزاب بالمئات ، وتشريعات تنظيم الحياة السياسية غائبة ، بانتظار توافقات اصحاب الحل والربط لاعلان موافقتهم لتأخذ طريقها الى السلطة التشريعية ، ليمررها البرلمان ثم تنشر بالجريدة الرسمية ، فيقطع العراقيون شوطا مهما في القضاء على الامراض المستوطنة .
الوباء السياسي ، اشد فتكا بالجنس البشري من الامراض الوافدة والمستوطنة ، تعجز حتى وزارة الصحة عن معالجته ، ولتفادي الخطر وجعله في منطقة ضيقة يجب مفاتحة خبراء وعلماء تجربة استنساخ النعجة دولي لاختراع لقاح ضد الاوبئة السياسية ، واصدار نشرة مصورة تحذر من الاستجابة لدعوات الرموز فهم سبب الداء ، وتفشيه في المنطقة العربية.
تحنيط الرمز
[post-views]
نشر في: 28 مارس, 2015: 09:01 م