الحراك المدني في البصرة يتحرك بعجالة الايام هذه، وهو قادر ،على الرغم من مطالبة بعض القوى الحاكمة منه التريث، في رسالة بمقاصد مبهمة أو غير مفهومة من قبل أتباع وجماهير التيارات هذه، مرحلة جديدة من النضج السياسي والفكري تتشكل واضحة، يتصدى لها رجال مدنيون، يئسوا من أداء الكتل والتيارات الدينية الحاكمة اليوم، وما تشهده المدينة من حراك سياسي على يد هؤلاء يبعث برسائل هامة إلى ابناء المدينة، تنبههم فيها إلى أن السنوات الـ 12 التي انقضت باتت كافية لاستخلاص نتيجة نهائية، تفصح وبجلاء عن انتهاء صلاحية الكتل هذه لقيادة امر المدينة.
من خلال ذلك، وفي طرح متوازن، بيّنَ تجمع البصرة المدني -وهو تيار أعلن عنه حديثا - فكرته الخاصة عن ما يتوجب فعله خلال المرحلة القادمة، بعد ان بلغت أحوال المدينة مراحلها العالية في سوء ادارة ملفات كثيرة، ليس بينها ملف الخدمات حسب إنما الملفات كلها، الاقتصادية والاستثمارية والامنية والزراعية والصناعية، غير أن ملف إيجاد إدارة ناجحة مؤهلة في البصرة هو الشغل الشاغل لتجمع البصرة المدني، الذي يجد قادته أنه المفتاح الأول في سلسلة المفاتيح الضائعة، التي جعلت من المدينة في اعلى قائمة الفساد الإداري والمالي والخدمي داخل العراق.
أحد قادة تجمع البصرة المديني( رمضان البدران) لخص فكرة الاقليم قائلا: بان إدارة الاقليم تبدأ من انتخاب مجالس إدارية في القرية والناحية فالقضاء وتنتهي بمركز الاقليم، في معادلة مقلوبة لإدارة الدولة، وفي محاولة لإنهاء التفرد وسيطرة الاحزاب الدينية والشمولية، التي غالبا ما تكون قياداتها في بغداد وكربلاء والنجف وتتحكم بشؤون البصرة، حيث يوضح بأن الخلل لا يكمن في الدستور إنما في تفسير الاحزاب هذه له.
في وقائع جلسة مؤتمر التأسيس أشار الدكتور عادل الثامري، الذي ترأس الجلسة إلى أنه تلقى رسالة اعتراض واضحة من احد الاحزاب الدينية الفاعلة في حكومة البصرة المحلية، تنصح بعدم التطرق إلى قضية إقليم البصرة، لكن مبعوثا من تيار ديني حاكم آخر حضر وقائع المؤتمر أعرب عن تأييده لقضية الاقليم، غير انه جعل من قضية التوقيت عائقاً، طالبا توخي الدقة في اختيار الزمن المناسب للإعلان عنه، المبعوث تحدث عن رسائل (إيجابية) حملها من زعاماته الذين عُرفوا بتحولات وتنقلات واسعة في ولاءاتهم بين الكتل، هل تنبه المؤتمرون ؟ اعتقد بذلك، فالقضية لا تحتمل البراءة.
ابتعد منظمو المؤتمر عن التقاليد الكلاسيكية في افتتاح مثل هكذا اعمال، فلا هتافات يسقط ويعيش، ولا تزلف أو مديح لأحد، ولا استهلال طللي، إنما كانت الموسيقى علامة المؤتمر الفارقة، كذلك كان وجود الجيل الجديد من الشباب عاملا مضافا يحدثنا باننا نشهد ولادة تيار مختلف، لا يعتمد التضليل والخداع السياسيين، ولا يتهجم على أحد، إنما يدلل بالوقائع على ما تعاني منه المدينة عبر السنوات الماضية من نكوص وتراجع وعلى الاصعدة كافة .
في الورقة الاقتصادية التي قدمها الدكتور عبد الجبار الحلفي كشف عن ارقام فلكية في التراجع والتدني فقد قال بأن البصرة تنتج وتحتفظ في باطن أرضها ما يعادل ثلثي الانتاج والاحتياطي العراقيين من النفط، وانها تختزن اكثر من 90 مليار برميل نفط، وان الحكومة الفدرالية انقلبت وخرقت الدستور لأنها لم تنسق مع حكومة البصرة في كتابة عقود جولات التراخيص، وان الغاز المصاحب الذي يغطي سماء البصرة تسبب بآلاف الاصابات السرطانية بين السكان، والحكومة الفدرالية لم تراع صحة المواطن البصري، وهنالك أطفال بعمر عشر سنوات مصابون بأكثر من ثلاثة أنواع من السرطانات، وهنالك 22 موقعا ملوثا باليورانيوم في البصرة، ونتيجة لهبوط أسعار النفط في السوق العالمية فأن الحكومة مطالبة بدفع 29 مليار دولار مقابل مطالبتها شركات النفط الاجنبية تقليل انتاجها بحدود 300 ألف برميل .
وفي انتباهة ذكية أخيرة من الدكتور جاسم الحبجي أشار إلى أن مطلب إقليم البصرة لم يعد مطلبا سياسيا، إنما هو مطلب شعبي، وهنالك أكثر من تجمع مدني في البصرة وما الموقف الرافض الذي تتبناه الاحزاب الحاكمة اليوم من فكرة الاقليم إلا لأنه سيحرمها من اموال البصرة.
المدنية قادمة من البصرة
[post-views]
نشر في: 28 مارس, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
ابو اثير
الموفقية والنجاح لأهل البصرة النجباء في مسعاهم في توحيد الجهود الخيرة في أقامةألتجمع المدني البعيد عن المذهبية وألأحزاب ألأسلامية وسياسيي الصدفة والطارئين على مدينة البصرة وبالتوفيق أنشاء الله .