TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شيوعي يحارب التنين

شيوعي يحارب التنين

نشر في: 30 مارس, 2015: 09:01 م

المسرحي الراحل ابن محافظة الديوانية رحيم ماجد كغيره من اعداد كبيرة من المثقفين العراقيين كان يتعاطف مع الحزب الشيوعي ، وخلال وجوده في بغداد طالبا في اكاديمية الفنون الجميلة ، كان يجعل من القسم الداخلي مكانا للاحتفال بذكرى تاسيس الحزب مع زملائه البعثيين من الحزب الحليف في سنوات الجبهة الوطنية ، بعد الانتهاء من الاحتفال وتبادل التهاني ، يتوجه الجميع الى نادي عمال وموظفي مصلحة اسالة الماء لمواصلة السهرة وشرب نخب تلاحم القوى الوطنية ودعم حركات التحرر ، ورسم ملامح بناء نظام اشتراكي يضمن مستقبل الاجيال المقبلة .
نادي الاسالة بيت بغدادي قديم يقع في منطقة الوزيرية مكون من عدة غرف ، رحيم كان يفضل طاولة تقع في حمام قريب من سطح المبنى ، ادارة النادي لم تكلف نفسها بتحوير المكان ، واكتفت برفع الحنفيات ، لكنها حافظت على انابيب الدوش ، بدأت الفقرة الاولى من الاحتفال بالحديث عن دور الفن في تعميق العلاقات الجبهوية ، والاتفاق على انتاج عمل مسرحي مشترك يتناول اهمية وحدة الموقف الوطني ودور القوى السياسية في مواجهة الامبريالية ووقع الاختيار على نص مسرحي عالمي "التنين" للكاتب يفجيني شفارتس شريطة اعداده ليكون مضمونه منسجما مع الحالة العراقية، وحين حصل الاتفاق ، انتقل الحاضرون الى الغناء ، ومع ارتفاع صوت المخرج الراحل اثناء اداء اغنية" جذاب دولبني الوكت" فسر زملاؤه اختيار هذه الاغنية بالتحديد، للتشكيك بالمواقف ، وعلى طريقة العراقيين في رفع الصوت لاقناع الاخر بالرأي لم يتوصل الحاضرون الى حسم الجدل ، واثناء الشد والجذب امتدت يد رحيم ماجد الى مكان حنفية الدوش فسقط الماء مباشرة على الطاولة ، فانتهت الحفلة بحادث لم يتوقعه احد ، فخربت" الكعدة " بدوافع تحقيق مكاسب سياسية ضيقة ، لصالح طرف يدعي الايمان بالعمل الجبهوي.
اصر الراحل رحيم ماجد على تقديم عرضه المسرحي لان "التنين" تلخص توجهه الفكري ومغامرته الفنية ، وبمشاركة زملائه المسرحيين في محافظة الديوانية قدم العرض بالهواء الطلق في حدائق جمعية التشكيليين العراقيين بحي المنصور في بغداد ، وسط حضور واسع من الجمهور ، المخرج جعل بطل المسرحية يرتدي البذلة الزرقاء في اشارة واضحة ومباشرة الى الطبقة العاملة ، وانتصارها على التنين آجلا ام عاجلا ، بانتهاء العرض هناك من وجه الى المخرج سؤالا لماذا جعلت بطل المسرحية شيوعيا وتجاهلت حليفه البعثي ، واين الجبهة الوطنية في مسرحيتك ، فرد المخرج على صاحب السؤال "تريديني ارفع العلم العراقي وصورة البكر حتى ترضى على المسرحية".
هذا المقطع من سيرة المخرج الراحل رحيم ماجد ربما تكرر في تجارب الاخرين ، والرجل بعد "تفليش الجهة الوطنية" ظل يواصل عمله مشرفا فنيا في مديرية تربية المثنى ، بوصفه لم يكن منتميا لاي حزب سياسي ، ولكن سجله في مديرية الامن العامة كان يحتفظ بتقرير يتهمه باعداد مسرحية تتحدث عن شيوعي يقتل التنين ، في زمن الطناطلة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram