حتى أدنى الوظائف في دولتنا لا يشترط في طالبها أن يتقدّم بوثيقته الدراسية فقط، وإنما أيضاً كتاب رسمي بصحة صدور الوثيقة، مخافة التزوير الذي غدا ممارسة شائعة النطاق في دولتنا، خصوصاً في الاثنتي عشرة سنة الماضية، حتى ان المئات من شاغلي الوظائف العليا والمتوسطة قد عُيّنوا بوثائق دراسية مزوّرة، والمفارقة ان أغلبهم من أتباع الأحزاب الإسلامية التي يعرقل نوابها ووزراؤها صدور قانون أو اتخاذ إجراءات بمعاقبة مرتكبي هذا الجرم وإزالة تبعات جرمهم.
مفوضية الانتخابات الموصوفة بانها مستقلة، ولم تكن كذلك في أي وقت، كان لها دور في تولّي مزوري وثائق دراسية مناصب تشريعية، فهي بضغط من الحكومة، السابقة خصوصاً، لم تدقق بما فيه الكفاية في وثائق المرشحين المزوّرين، أو انها تغافلت كرمى لعيون الحكومة.
واحدة من الحالات التي تجاوزت فيها مفوضية الانتخابات على القانون هي حالة مشعان الجبوري الذي قبِلت المفوضية بترشيحه وخوضه الانتخابات واحتلال مقعد في مجلس النواب مرتين من دون أن يقدم وثيقة دراسية مصدّقة. النائب عواد العوادي (كتلة الأحرار) كشف أخيراً عن ان مشعان قدّم وثيقة سورية لم يجر معادلتها من جانب دوائر الدولة الرسمية لا قبل الانتخابات ولا بعدها، ما يعني عدم صحة الشهادة وعدم شرعية وجود مشعان في مجلس النواب.
بالطبع جزء كبير من المسؤولية عن هذه الحالة وسواها من حالات الخروج على القانون يقع على عاتق رئاستي البرلمان، الحالي والسابق، فمن مهام وواجبات رئاسة مجلس النواب التثبت من صحة وقانونية الإجراءات المتعلقة بعضوية الأعضاء وبخاصة الذين تُثار في حقهم اعتراضات أو تُقدّم معلومات تفيد بالتزوير وسائر أشكال انتهاك القانون.
النائب العوادي شغل نفسه بشهادة مشعان، وكان الأولى أن ينشغل أكثر بقضية أخطر تتعلق بمشعان، وهي دوره المشين في دعم الإرهاب والترويج له والتحريض عليه يوم كان يعيش في سوريا ويدير قناة تلفزيونية، بدعم مباشر من نظامي بشار الأسد ومعمر القذافي.
كان مشعان يشتم الحكومة والعملية السياسية ليل نهار، وكان يحرّض على الإرهاب ويهلل للعمليات الإرهابية التي يسقط فيها العشرات من العراقيين يومياً، بل كانت قناته تعلّم كيفية صنع المفخخات والعبوات الناسفة.. أي إن مشعان مسؤول مسؤولية مباشرة عن قتل المئات من العراقيين وجرح الآلاف وعن تدمير ما لا يُعدّ ويُحصى من الممتلكات. يوتيوب وفيسبوك حافلان بالوثائق والأدلة، صورةً وصوتاً وبالألوان الزاهية!
مشعان هذا الذي كان محكوماً من القضاء العراقي بتهمة الفساد الإداري والمالي، أعيد الى البلاد بتسهيلات لا نظير لها من الحكومة السابقة، وألغيت الأحكام الصادرة في حقه وسُهّلت له عملية الترشّح في الانتخابات واحتلال مقعد في البرلمان، وتواطأت مفوضية الانتخابات في الأمر فلم تطلب منه معادلة شهادته أو كتاباً بصحة الصدور.
السيد العوادي.. التزوير جريمة، نعم، لكن الإرهاب جريمة أكبر وأشد وأفظع وأشنع، وكان من اللازم أن يستفزّ دور زميلك في مجلس النواب، مشعان، في الإرهاب ضميرك ووجدانك أكثر من شهادته السورية غير المُعادلة.
شهادة مشعان أم إرهابه!
[post-views]
نشر في: 30 مارس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
هل تستطيع يا سيد عدنان ان تثبت لنا ان اعضاء البرلمان الحاليين والسابقين اقل اجراما وفسادا ووقاحتا من مشعان المجرم ثق ياسيدي كل هؤلاء على نفس الشاكلة قتلة وفاسدين وخونة ولولا ذلك لما تجرا هذا القاتل ودخل العراق ووقف امام ضحاياه وهو يتحداهم فعليك ان تفصل ب
احمد
مع الاسف ان بلدنا اصبح قادته من الحرامية والسراق والمزورين والكثيرين منهم يتحدثون باسم الدين ولكن العيب ليسب بهم وانما بنا نحن الشعب علينا ان نكون اكثر جراة في القيام بثورة ضد هولاء المزورين والقتله للشعب العراقي