كنا نقرأ كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) في بداية تفتح زهور شبابنا لنسدد خطواتنا جيدا في طريق ملؤه الأمل بالمستقبل..اصبح الكتاب (موضة) يتداولها الشباب لطرد القلق والحصول على حياة افضل رغم ان متاعبنا وهمومنا واسباب قلقنا في ذلك الوقت كانت نقطة في بحر بالقياس لما يحصل لشبابنا حاليا، فهم يعيشون مرحلة اكبر بكثير من القلق...انها مرحلة اليأس الذي بات يقودهم احيانا الى الانحراف او الانتحار!!
ظل الحبل متدليا خلف مخيم النازحين من محافظة ديالى ليشهد بلوغ الشباب العراقي هذه المرحلة فقد أقدم فتى في الثالثة عشرة من عمره فقط على الانتحار بشنق نفسه احتجاجا على تاخير عودة النازحين الى مناطقهم..يقول رفاقه الفتيان انه ضاق ذرعا بالمعيشة في مخيم يخلومن ابسط وسائل الراحة ويطفو على مياه المجاري لذا وجد في الانتحار وسيلة للخلاص ولايصال رسالة ما الى المسؤولين لينتبهوا الى ما آلت اليه احوال النازحين والى ضرورة عودتهم الى ديارهم...
يقول فرويد ان الانتحار هو عدوان تجاه الداخل وهو انطفاء لضوء الامل تماما في نفق الحياة لتصبح مظلمة ورهيبة ولاتعود للتمسك بها ضرورة..ويمكن ان يكون الانتحار هروبا من مواجهة الواقع رغم ان الهروب هنا لايعني الجبن بل العكس فالخروج من الحياة أمر لايخلو من شجاعة لأن للحياة طعما لذيذا مهما حفلت بالصعاب..انتحار الفتى هنا اذن هو رسالة ذات مغزى لأنه يقول لكل العالم من خلالها حتى ولو لم يقصد ذلك ان مايحصل في العراق جريمة كبرى بحق الانسانية فالبعض صار يغادر الحياة رغما عنه كهذا الفتى وذلك الشاب الذي احرق نفسه بالبنزين في العام الماضي خلف احدى الكليات احتجاجا على رسوبه في الكلية بسبب الضوابط القاسية لبعض الاساتذة، وتلك الفتاة التي استقبلها مستشفى اليرموك جسدا متفحما بعد ان سكبت النفط على ثيابها واحرقت نفسها للخلاص من الزواج القسري، او رب الأسرة الشاب الذي شنق نفسه في احدى المحافظات الجنوبية لعجزه عن اعالة اسرته...ربما تعددت الاسباب والموت واحد ووسيلة اختيار الموت انتحارا هي واحدة ايضا...
انهم يبعثون رسائل ساخنة وأليمة الى المسؤولين لينقذوا شبابهم من الموت المجاني والتشرد من المنازل الآمنة ومن السقوط تحت مستوى خط الفقر والخضوع لأعراف المجتمع القاسية في وأد الفتيات بالزواج المبكر والقسري ودفعهن بالتالي الى اختيار الانتحار احيانا كوسيلة للخلاص..
قال أحد رفاق الشاب المنتحر شنقا انه سيضطر هو ورفاقه الى الانتحار ايضا اذا لم يعيدهم المسؤولون الى منازلهم وحياتهم في مناطقهم..انه لايبالغ او يقلد مسلسلا تركيا بل يبلغ رسالة خطيرة الى من يهمه الأمر عسى ان يهمه الأمر حقا وينتشل الشباب من مرحلة اليأس القاتلة حقا فيعيد اليهم الاحساس بحب الحياة والتعلق بها...انها رسالة خطيرة حقا فهل تسلمها أحد؟...
رسائل من العالم الآخر
[post-views]
نشر في: 6 إبريل, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عادل السرحان
انهارسائل مؤلمة الى أناس لايعيشون معنا بل هم في عالم آخر لايعبهون بموتنا ولا بألمنا هذه الرسائل ستذهب أدراج الريح نتجرع ألمها وعندما تصلهم ويقينا انها تصلهم يكبسون زر شفت آند دليت الذي يهتمون ببقاءه شغالا في نفوسهم .