في التاسع من نيسان عام 2003 تعرض العراق الى زلزال من نوع آخر لا يمكن قياسه بمقياس ريختر الشهير ، فالاطاحة بالنظام السابق بعملية عسكرية نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة كانت حدثا عده مسؤولو الادارة الاميركية وقتذاك، بانه سيكون بداية مرحلة الانتقال من النظام الشمولي الى فضاء الحرية والديمقراطية وارساء قواعد بناء دولة مدنية تحترم حقوق الانسان وتحقق التنمية ، وتعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.
جندي المارينز انتبه في اللحظات الاخيرة الى وضع العلم العراقي بدلا من الاميركي على تمثال صدام بساحة الفردوس قبل اسقاطه بعجلة مدرعة ، وسط حضور اهالي الاحياء القريبة للاطلاع على مشهد لم يرد حتى في احلامهم ، وسائل الاعلام من فضائيات عربية واجنبية كان مراسلوها يقيمون في فندقين قريبين من الساحة نقلوا الحدث مباشرة ، فتوفرت فرصة للمشاهدين في دول خارجية لمشاهدة سقوط التمثال ، قبل العراقيين لاسباب تتعلق بتدمير محطات الطاقة الكهربائية، ونزوح اغلبهم الى مناطق اخرى خارج العاصمة.
زلزال تسعة اربعة بدأ بسقوط التمثال ثم تسارعت الاحداث، فحرمت من كان حاضرا في ساحة الفردوس من تأمل المشهد ورسم تصوراته الخاصة لمرحلة مقبلة ، ارتسمت على الوجوه ملامح تساؤلات كبيرة ، ربما لم تجد اجوبتها حتى بعد مرور اثني عشر عاما على الحدث ، الدبابات والمدرعات اغلقت معظم شوارع العاصمة ، وبعضها تمركز بالقصر الجمهوري ، غاب المسؤولون واختفى رجال الاجهزة الامنية مع عجلاتهم، ووزير الاعلام محمد سعيد الصحاف توارى عن الانظار.
ارتفعت سحب دخان الحرائق في سماء بغداد بيوم الزلزال، اول مبنى تعرض للحرق مقر اللجنة الاولمبية ، والمشهد على الارض يكشف عن انتشار مسلحين ، وبداية صفحة السلب والنهب ، الكراسي المتحركة في الدوائر الرسمية، حملت اجهزة الكومبيوترات والمكيفات المسروقة ، لم تسلم دائرة حكومية من السرقة ، امام انظار قوات الاحتلال الاميركي، وبوصول نزلاء مستشفى الرشاد الشماعية الى ساحة التحرير ، انتقل الجنون الى الآخرين ، فاندحر العقل ، وفضل الانزواء الى حين اختفاء اصوات اطلاق النار .
اذاعة قوات التحالف كانت تبث اخبارها بصوت مذيعة لاتجيد نطق اللغة العربية تتبعها باقة من الاغنيات العراقية القديمة ، تعود المذيعة لتقديم نصائح وارشادات للمستمعين بالابتعاد عن مواقع العمليات العسكرية ثم زفت بشرى وصول الجنرال كارنر ومساعدته بربارة لادارة شؤون البلاد، فيما واصلت وسائل الاعلام تسليط الضوء على عمليات السلب والنهب ، وتوجه قوة عسكرية اميركية لحماية وزارة النفط.
زلزال تسعة اربعة خلف تداعيات في الساحة العراقية ابرز مظاهرها اندلاع العنف الطائفي ، والانقسام الطائفي ، وهيمنة نخب سياسية على المشهد فشلت في ادارة البلاد ، وجعلته كعصف مأكول ، تولت مهمة كتابة الدستور فجعلت العراقيين يطبخون الحديدة منتظرين تناول المرق ، وقد يتذكر احدهم كلمات اغنية تقول "جيب الورق جيب القلم خل نكتب هموم وندم" مع باقة من اغنيات اخرى .
زلزال تسعة أربعة
نشر في: 8 إبريل, 2015: 09:01 م











جميع التعليقات 1
ام رشا
أستاذ علاء ليته كان زلزالا حقيقيا وطمرنا لكي لا نرى مشاهد الخراب والسرقه وتقاتل العصابات فيما بينها على الغنائم و تدمير كل ما هو جميل بكل ما أوتيت من قوة، مشاهد فاقت جميع التوقعات ،ليته كان زلزالا حقيقيا لتسابق الناجون لإنقاذ المصابين ونقلهم إلى المشفى و