TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اللا معقول في بغداد

اللا معقول في بغداد

نشر في: 8 إبريل, 2015: 09:01 م

ليس معقولاً أبداً، مرة واثنتين وثلاثاً وعشراً، بل حتى ينقطع النفس، أن تظلّ بغداد محكومة بالأشغال الشاقّة المؤبدة في ظل النظام السياسي الحالي الذي ترك عاصمتنا ترزح تحت حكم ثقيل كهذا لم يجرؤ حتى نظام صدام، على سوئه الشديد وعداوته المستحكمة للمدنية، أن يفعل ببغداد ما يجري فيها الآن.
يتبدّل أمين بغداد، ويتغيّر محافظ بغداد ومجلس المحافظة، وتتجدد الآمال مع كل تبدّل وتغيير بأن يُفكّ إسار العاصمة ويُطلق سراحها، ولا يحدث شيء، فيضرب الإحباط واليأس أهل بغداد وزوّارها ويأكلهم الحزن على مدينة عظيمة يذوي جمالها ورونقها اليوم بعد الآخر وتكاد أن تسلم الروح بعد معاناة شديدة الوطأة وطويلة الأمد مع مرضها ومع القيّمين على أوضاعها.
غير معقول وغير مقبول أن تبقى بغداد مطمورة بالأزبال على هذا النحو.. غير معقول وغير مقبول أيضاً أن تظلّ أرصفة شوارعها مُحتلة من الباعة الثابتين والمتنقلين لا يتركون مجالاً لسائر على قدميه أو متبضع .. غير معقول وغير مقبول كذلك أن تتغاضى أمانة بغداد ومحافظة بغداد ومجلس محافظة بغداد ودوائر الصحة في بغداد ووزارة الصحة بقضّها وقضيضها عن هذا الفتك المروّع بالصحة العامة.. مطاعم بغداد غير صحية وكذا مقاهيها.. بل إن الأكل غير الصحي، ولا تردد في القول بانه ملوّث، يُباع في شوارع بغداد ودرابينها وساحاتها مكشوفاً للغبار والملوثات والحشرات في عربات تجوب قلب العاصمة وضواحيها أمام أبصار مسؤولي الصحة والأمانة والمحافظة!
الأمور على صعيد النظافة والصحة تسير من سيئ الى أسوأ في بغداد، فذبح الحيوانات يتمّ على الأرصفة وفي الساحات، وبيع اللحم يجري في محال غير مستورة، بينها وبين الشروط الصحية طلاق باتّ وبائن، فيما تحظى الأحذية مثلاً بمعاملة فخمة في الفاترينات الزجاجية ناصعة الشفافية!
والآن فان بعض أحياء العاصمة يتحوّل الى مراعٍ للماشية.. الرعاة يهشّون أغنامهم وماعزهم وسواها من مزبلة الى مزبلة عبر الشوارع والأزقة، فتُصبح قطعانهم وتُمسي مصدراً للأمراض والأوبئة وللروائح الكريهة، وللمزيد من الأزبال (مخلفات هذه القطعان المنثورة على الأرصفة وفي الدرابين) .. الماشية في بغداد تتغذى على أكوام النفايات، واللحم الذي نأكله في بغداد تدخل هذه النفايات في تكوينه!
يا لفخرنا بعاصمتنا في عهدنا هذا، ويا لسعادتنا في بغداد التي نتغنى بتاريخها المديد ونباهي بمجدها التليد.
يا لسعادتنا بالأمناء والمحافظين وأعضاء مجالس المحافظة والأمانة الذين تعاقبوا على كراسي الحكم في بغداد فجعلوا منها العاصمة الأوسخ في العالم ومن أهلها السكان الأقل سعادة بين سكان عواصم العالم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدنان فارس

    يروح مختار وتجي مختارة.. وبغداد مليانة زبالة!..... لعل أمينة بغداد الجديدة تقرأ مايكتبه عدنان حسين عن العاصمة التي بأمانتها!.... الأمور على صعيد النظافة والصحة تسير من سيئ الى أسوأ في بغداد، فذبح الحيوانات يتمّ على الأرصفة وفي الساحات، وبيع اللحم يجري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram