عندما قلت وقال غيري: لقد نهض العراق، ما كان ذلك من باب التمني انما كنت اراه كذلك بعينيّ. لم اكتف بالزهو وانا انظر الى هامته ترتفع بل والى قدميه اللتين تتمشيان بثقة نحو النصر. لاحت لي تحتهما رؤوس الفتنة وبؤر الحثّ على الطائفية تنسحق وتتهشم. ضيّع الطائفيون صول جعابهم كما الدواعش الذين تطهرت تكريت من دشاديشهم الأفغانية المقرفة.
ما أجمل الأيام التي تأتيك بأخبار تزيدك ثقة بتوقعاتك. وما احلى التوقعات عندما تلامس خط اليقين. وأي يقين أصدق من ان ترى، لأول مرة، حاكما عراقيا ينزع الخوف الطائفي من قلبه: يسحب اقسام البندقية بيده ويسلمها مبتسما لمقاتل عراقي دون النظر لانتمائه الطائفي. هكذا فعلها حيدر العبادي، على الهواء، في الانبار على ارضها ووسط أهلها. وما أروع النيّة العراقية حين تصفو.
أحسنت الفضائيات فعلا بتركيزها على لقطة تسليم العبادي بندقية لمقاتل من أبناء عشائر الانبار: ها هي بيدك محشوة بالرصاص وها انا اسحب لك اقسامها بيدي فتوكل على الله. لا اظن ان حاكما عراقيا من قبله جسد الثقة بين الشيعي والسني بهكذا طريقة. لو كان بجيب المواطن الذي يقترب من صدام قلم رصاص لقتلوه، مهما كان مذهبه، خوفا على "الريّس". أما الذين أتوا من بعده فلا أقول غير: بهيه .. بهيه. ما الذي جعل العبادي لا يخاف من ان يسدد هذا الذي تسلم البندقية وهي جاهزة للرمي ومحشوة بالرصاص الى صدره؟ لا امتلك الجواب القطعي ولا اريد ان أجيب بالنيابة عنه. لكن تواجده المباشر في ساحات القتال بشكل شبه دائم يجبر حتى اعداءه على الاعتراف بصدق نواياه. ولو لم يكن كذلك لدعا أبناء العشائر الى الخضراء ليزودهم بمسدسات "مفضّضة" نقش عليها اسمه كما كان يفعل الذين من قبله. الأفعال في ساحات القتال وعلى الأرض الملتهبة لا يمكن أن تقارن ببطولات الخطب الباهتة خلف جدران المدن المسوّرة بأقوى الدفاعات وأغلى المكيفات. ولا بـ "أبطال" الساحات الخضر التي تعلو في سمائها روائح شواء السمك المسكوف كل أربعاء والمدفوع ثمنها من المال العام.
حين انتهت لقطة الثقة العراقية الصادقة تتبع قلبي خطى ذلك المقاتل الذي تسلم بندقيته. صرت اراه قد عاد الى اهله مرفوع الرأس قبل ان يودعهم صوب مقارعة الدواعش. مشى وكأني أسمعه يقول لأمه: أصبح عندي الآن بندقية.
يا الله.
العبادي يسحب الأقسام
[post-views]
نشر في: 10 إبريل, 2015: 09:01 م