لم يكن أكثر المتفائلين بقدرة المؤسسات الرياضية والأمنية على نجاح (كلاسيكو) الجوية والزوراء يتصورون انتهاء المباراة بالصورة التي آلت اليها بشكل مُبهر بعدما تفاعل الجمهور الوفي والحريص على سمعة الكرة العراقية مع اهداف اللقاء وشعاره المتناغم مع مطامح جميع العراقيين ألا وهو رفع الحظر عن ملاعبنا بدءاً من بغداد الحبيبة الى أقصى ملعب في مساحة بلدنا.
ولم يكن هذا النجاح ليتحقق بالصورة التي طمأنتنا على سلامة الاجراءات التي اتخذت من وزارة الشباب والرياضة في المقام الاول ثم الدعم المباشر من وزارة الداخلية واتحاد كرة القدم وناديي القوة الجوية والزوراء وبقية الدوائر المساندة لكرنفال (ملعب الشعب) لولا تعاضد جهود الجميع من دون ان ينسب النجاح لأحد فالأهداف الوطنية تتجرد من الفئوية والتفرد والأجندات المصلحية طالما انها تسمو من اجل استعادة الحق للعراق.
والشيء بالشيء يذكر لابد على المعنيين بتلك الفعالية الجماهيرية ان يستمعوا ويقرأوا ويشاهدوا اصداءها من الاعلام والمحليين والمتخصصين بشؤون اللعبة او الدعم اللوجستي " الأمني " بالدرجة الاساس لتأشير ما يثار من نقد صريح بغية عدم تكرار الاخطاء . وشخصياً استغربت لما نشره أحد الزملاء انه يعجب " لإهمال بعض الاعلاميين جمالية (الكلاسيكو) وما شهدته المباراة من انضباط شبه كامل للجمهور برغم ان حضوره تجاوز 40 الف متفرج وتمسك (البعض) بنقاط سود لإفساد ما تحقق في النهاية " ، وتناسى زميلنا ان تلك النقاط السود ربما تنسف جهود الوزارة والاتحاد والمساندين لهما في مناسبة أخرى ما لم ينتبه الجميع لها ولعل أهمها عدم السماح بإدخال الالعاب النارية التي يعدها الاتحاد الدولي من المواد الخطرة اثناء المباراة وسبق ان عوقبت اتحادات واندية عالمية جرّاء ما تعرض اليه اللاعبون من اصابات افقدت إحداها عيون حارس مرمى روسيا ايغور اكنفييف أمام مونتينيغرو آذار الماضي واضطرار الحكم ادخال جميع اللاعبين غرفة تبديل الملابس حتى إجلاء الجمهور الذي اطلق من جهته الصاروخ الناري وتكرر المشهد في الشوط الثاني فأعلن الحكم إلغاء المباراة في الدقيقة 67 وبعدها قرر الاتحاد الأوروبي احتساب النتيجة لصالح روسيا مع تغريم مونتينيغرو 50 الف دولار واقامة مباراة الاياب بلا جمهور ، وآخر ما شهدته الملاعب توقف مباراة الأهلي السعودي وسابهان الإيراني للسبب ذاته، فكيف أوعز الحكم صباح عبد استمرار المباراة من دون ان يبالي لخطورة ما اطلق احد المشجعين صاروخاً بالقرب من مرمى الجوية وكأن الأمر طبيعي ؟!
الأمر الآخر لم توفق قناة العراقية الرياضية في المحافظة على الهدف الرئيس من إقامة المباراة وسط حشود الجماهير ، فقد طاردت كاميرا القناة الحالات السلبية بصورة مبالغة في حالات دخول المشجعين ومظاهر الالعاب النارية وإلتفاف رجال أمن الملعب حول بعض اللاعبين الذين حاولوا التعاطف مع انصارهم ، بينما أخفق النقل التلفازي في تقديم لقطة قريبة من خلف المرمى لحالة تسكين لاعب الزوراء اشرف عبدالكريم كرته قبل ايداعها مرمى الجوية واعلان الحكم صباح عبد إلغاء الهدف بداعي "لمسة اليد" بصورة تنم عن تسرعه باتخاذ القرار وبطء حركته وتأثير تقدمه في السن في اطلاق صفارته غير السليمة بشهادة عدد من رجالات التحكيم الذين استأنسنا بآرائهم، فضلاً عن إمضاء عبد خمس سنوات في الملاعب بعد ابتعاده عن الشارة الدولية خلافاً للضوابط المعتمدة التي لا تجيز استمرار الحكم لأكثر من سنتين بعد انتهاء مشواره الدولي، والمسألة الأخرى تهرّب الحكم السابق رعد سليم من الإدلاء برأيه عن الهدف الملغي بالرغم من أن وجوده في قناة الرياضية العراقية بصفة – خبير التحكيم – وكنا ننتظر منه القول الفصل في الحالة الفنية الأكثر جدلاً في المباراة فبررها ( ان الحكم ربما أخذ بقرار مساعده الثاني ) فما التحليل المرتقب من الخبير إذا لم يكن قادراً على اعطاء رأيه بما حدث ؟!
نتمنى ممن نعنيهم هنا في سطورنا سواء أكانوا مؤسسات أم أفراد أن يعيدوا النظر في الاشارات النقدية آنفة الذكر من اجل تفادي الاخطاء وتقديم صورة مغايرة عما واجهوها في (الكلاسيكو) الأجمل في دوري الكرة الممتاز هذا الموسم ، فعيون المتربصين في الخارج توثق جميع الحالات التي تدخل في سياق افشال مهمة رفع الحظر وابقاء ملاعبنا اسيرة قرار (فيفا) كلما سعينا لإعداد ملف متكامل لإعادة دوران الكرة الدولية على ارضنا، علينا أن ننتبه ونحمي مشروعنا الوطني من الإهمال والأخطاء التي لا تغتفر!
(كلاسيكو) النار والحظر
[post-views]
نشر في: 11 إبريل, 2015: 09:01 م