TOP

جريدة المدى > عام > الشعر والقصة والموسيقى سفراء المهجرين في معرض أربيل للكتاب

الشعر والقصة والموسيقى سفراء المهجرين في معرض أربيل للكتاب

نشر في: 12 إبريل, 2015: 12:01 ص

لأن الأدب والموسيقى ارتبطا منذ القدم بتاريخ المعاناة والوجع ولأنهما خير من يصور المعاناة الانسانية ويوثقها بصورة بعيدا عن التاريخ الذي يكتبه اصحاب السلطة ودكاكين الكتابة التي تعتاش على هباتهم وما يكتبون من تاريخ يريده السلطان هكذا. ولأن معرض اربيل لل

لأن الأدب والموسيقى ارتبطا منذ القدم بتاريخ المعاناة والوجع ولأنهما خير من يصور المعاناة الانسانية ويوثقها بصورة بعيدا عن التاريخ الذي يكتبه اصحاب السلطة ودكاكين الكتابة التي تعتاش على هباتهم وما يكتبون من تاريخ يريده السلطان هكذا. ولأن معرض اربيل للكتاب بات كرنفالا ثقافيا معرفيا ولأنهم حازوا عل اهتمام جلسات المعرض البحثية والحوارية كان لابد ان يكون للشعر والموسيقى دور بنقل معاناة المهجرين. 

وعلى هامش المعرض اُقيمت جلسة ادبية موسيقة، بعنوان أدب المهجرين اشترك فيها الشاعر زهير بهنام بردى/ قراءات شعرية، القاص جمال نوري/ قراءات قصصية، المرواتي الدكتور عمار أحمد/ ألحونات، القاص نواف خلف السنجاري/ قراءات قصصية، القاص هيثم بهنام بردى/ إنثيالات. قدّم الجلسة وأدارها القاص والإعلامي حسين رشيد، الذي قال في مستهلها: وأنا أبحث عن جملة ابدأ بها الجلسة قبل دقائق من التقديم وعبر لحظات جاءت , العراقيون طاعنون بالتهجير والغربة، نعم هكذا منذ تأسيس دولتهم والتهجير يتجدد كل عقد او آخر. وقد تكون الاخيرة أقصاهن. بعده اُفتتحت الجلسة بالحونات المرواتي عمار احمد الذي عزف وغنى مقاطع شعرية قصيرة، ليقرأ بعد ذلك الشاعر زهير بهنام بردى عددا من قصائده وهذا مقطع من إحداهن.
حين أنام أنسى المصابيح مضاءة كي تشعر بالنعاس
أستلقي وأرى امرأة سوداء تختلس النظر ببطء كي لا أكون وحدي
أسترجع بعضاً مما حدث لي من خلاف مع قطة مشاكسة
في معرض اُقيم على ساحل فوق هامش بقايا صحف
تقول نفس الكلام بأقل جودة من أمس يستهلك سريعا
في سن الشعر أقمت جمهورية شهية للحياة
وبأبهى كابوس أطلقت تماثيلي تهذي في فم السماء
وبمثل هذا الضوء أشـد كأعمى أوتار موسيقي وأجيء اليك
أتعثر بعلبة دموع وأقول لنفسي ابتسمي المقاعد ممتلئة
لنحمل الجسد طاسات ونغسل الواح الجمال كأنّا ماء.
كما قرأ القاص جمال نوري عددا من القصص القصيرة جدا منها هذه القصة التي تتحدث عن مجزرة سبايكر.
إطلاقة ...
لم تسعفه الخطوات الاخيرة وهو يتجه نحو حافة النهر الصخرية من ان يجمع افكاره او ان يقنع نفسه في الأقل على استيعاب وتيرة الاحداث المتسارعة التي حصلت له قبل ساعات وأدرك بما لا يقبل الشك ان طلقة واحدة ستدوي بعد قليل من مسدس أخرس تنقله الى فصل آخر من عذابات الحرمان ... يصحب ذلك ارتعاشة طارئة تصيب الأمواج المتدفقة في النهر فضلا عن خفقة جناح فاشلة لطائر نورس وحيد يضل طريقه ويرتطم على حين غرة بصوت الإطلاقة الوحيدة التي تجعل الجسد المتوثب يهوي بقوة على حافة النهر الصخرية ...
اما القاص نواف خلف السنجاري فقد قرأ عدداً من القصص القصيرة جدا، التي تتحدث عن مأساة الايزيديين وما حلَّ بهم.
خـلاص
بأصابعهِ المُزرَّقـة رسمَ الطفلُ فوق قماش الخيمة بيتاً, مدفأةً وسرير. حين هطل الليل الماطر, تقدمَ الصغيرُ بقدمين حافيتين واجتاز عتبة اللوحة كناسكٍ يدخل المعبد. تمدد فوق السرير الدافئ, اختبأ تحت اللحاف الوثير, وغفا في الحال، كان يحلم بحقيبة مدرسية, كرة, تلاميذ, ومدرسة..
بزغَ الفجرُ ليزيح الستار عن خيمةٍ خاليةٍ من الأحلام, يملأها أنين امرأة مريضة, وبالقرب منها تستلقي جثة ملاك.
طفلــة
مزّقوا ملابسها, وبعثروها تحت رايتهم السوداء.. انقضّوا عليها كالوحوش, دنسّوا جسدها الطاهر بأيديهم القذرة, تناوبوا عليها... فجأة.. ارتجف الجسد البضّ المُغتَصب, خرجت منه حمامة بيضاء, وحلَـَّقت عالياً الى السماء.
واختتم القاص هيثم بهنام بردى الجلسة بقراءة انثيالات من أدب المهجرين كما اسماها وهذا مقطع منها.
من خيمة تتآصر مع القيظ والجوع والحزن تطايرت أوراق لملمتها ذاكرتي فوجدتها معنونة باسم (بغديدا مضاءة إلى الأبد) ومذيلة بإسم (سارة موسى) ولكونها صادقة تلهج بعمق مأساة مدينة هادئة هجرت في ليلة ظلماء آثرت أن أدونها بعض مقاطعها هنا....
إحدى الأوراق تقول:
كم اشتقنا إليك يا بغديدا
سنرجع يوماً مهما طال الأمــد
لن نفقد الأمل... أمل العودة إلى الديار
وثانية تقول:
قادمون..
راجعون..... يا بغديدا
رغم أن عودتنا إليك بطيئة
سنصل..
لا بد من ذلك
وثالثة ورابعة وخامسة......
(حين)
•حين عاينت مكتبتي الأثيرة لآخر مرة، كانت الدموع تزخ من عيون كتبها مطراً مدراراً، ينبئ بقحط وشيك، وحين مددت أصابعي متناوشاً كتاباً يتحدث عن الحضارة سمعت نحيب أقرانه المتراصين على جانبيه وعلى مــد البصر على الرفوف المتقاطرة المليئة بعصارة الفكر الإنساني وهي تمد أكفها وتستغيث.... لا تتركنا.
•حين قبّلت بوابة دارتي للمرة الأخيرة، أبصرتها شيخاً طاعناً في السن يذرف الدمع السخين على فراق أكباده وهو يتسّقط في ذاكرته وحشة أيامه القادمة من دون ابنه الضال الذي ضيعته الجائحة.
(كم)
•كم هو صعب أن تحتوي مقلتاك كراديس البشر وهم يتماهون مع الخيم التي تتلاعب بها ريح التهجير القسري، فهذا طفل يحبو باكياً باحثاً عن دميته التي تُركت في فناء بيته، وتلك فتاة تبحث عن خواطرها وخلجاتها التي سطرتها بمداد من محبة عذرية نقية، وذاك شاب يحاول لملمة وبناء نياط وجوده الممزق، وهناك شيخ عاجز محمول على ظهر حفيده يحاول أن يتصور مدينته التي استبيحت وان يقتنص ذكريات سنينه التي هربت، وتلك عجوز تختصر تفاصيل حياة مدينتها التليدة في ترادف حبات سبحتها بين أصابعها وهي تبتهل الى الرب أن يترأف بهذا القطيع التائه وتبكي مدينتها التي صارت أثراً بعد عين. ومَن يصدق ذلك الشاب وهو يروي للناس مردداً.... البارحة ليلاً زارني بيتي في العراء بالمخيم، كان يبكي بحرقة ويهمس بأذني،... لماذا تركتني؟ لماذا لم تضعني في شلوٍ ووضعتني في صندوق سيارتك، وبكى بحرقة أم ثكلى، ثم رنّم هذا المقطع لدرويش.
آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
وأنا لست مسافر..
وتصادت جوقة بيوت مدينتي المستباحة وهي ترتل بخشوع
الشمس أجمل في بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام.... هناك أجمل
فهو يحتضن العراق.
مسك الختام كانت عودة أخرى للمرواتي عمار احمد وألحونات شعرية.
بعدها ختم مقدم الجلسة: حتما سيأتي اليوم الذي نحتفى فيه بكم في بغدايدا، وتكريت، والموصل وبعشيقة، وكل العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram