لي صديق عسكري متقاعد أثق به وألجأ إليه كلما أقلقني حدث عسكري، كما الطبيب الصديق الذي نسأله الرأي حين ينتابنا عرض مرضي نخاف ألا يكون جدياً. مع يقيني التام ان داعش راحلة من العراق وان نهايتها الأخيرة ستكون بالموصل، إلا ان ذلك لا ينفي خوفي حين أسمع بهجمات داعشية هنا وهناك، كما حدث في الانبار قبل ليلتين.
البارحة، قصدت صاحبي المتقاعد مستفهماً عن الهجوم الأخير الذي استهدف قرية البو فراج وغيرها من قبل الدواعش. وجدته مسترسلا بالتمتع بناركيلة من الوزن الثقيل، سحب منها نفساً قوياً وطلب مني النظر الى الماء الذي (يبقبق) في قنينتها الزجاجية، ابتسم وقال لي: ان سير المعارك كماء النركيلة هذا يصعد وينزل فلا تخف، المهم هو ان تراقب الجمرة المتوقدة وان لا تدعها تنطفئ. والجمرة، بحسب وصفه، هي الروح المعنوية لمقاتلينا التي صار من الصعب خفوتها بعد تحرير تكريت.
أغلبنا، إن لم أقل كلنا، لمس بوضوح ارتفاع معنويات جنودنا الذين أذهلوا المحللين المحترفين بما حققوه من نصر كبير على مشارف تكريت ووسطها، لكني أرى قليلا منا يمتلك صورة واضحة عن انكسار معنويات العدو. السبب، كما أراه هو حرص إعلام داعش، وبكل ما يستطيع، للحفاظ على تلك الصورة التي أظهرته بأنه قوة لا تٌقهر وان مقاتليه لا يعرفون الخوف، صورة سحقها ابطال جيشنا تحت أقدامهم وما عاد لها من قيمة.
الانبار ستلحق بتكريت، داعش يعرف هذا اكثر منا، وهذه هي التي يقال عنها "يشهد لها العدو قبل الصديق". ولأنه يعرف، فلا طريق أمامه غير المغامرة. ومغامرة الذي يعرف انه خاسر انتحار. والانتحار ديدن الدواعش كما تعلمون، وإن وجدناهم انتحروا فراداً في تكريت، فالأنبار ستشهد انتحارهم الجماعي، موتة كلو.
صبراً يا البو فراج، وصبراً يا ابن الأنبار الشهم، فإنها والله ليست اكثر من "شهكة" موت داعشية. انهم مثل الافاعي التي حين تحس بحرارة الموت تخرج من زواغيرها فيسهل سحقها.
شد حيلك يا خوي، وهاك مني ما قاله شاعرنا مظفر النواب لتضعه حرزاً على زندك:
لا يا خوي .. لا يا زين
لا تمشيش راكَـ الراكَـ
يا ابن الحرة، ما يستوحش التفّاكَـ
يا ابن الحرة، لا بد ما تفرخ الكَاع
هذا عراكَـ.
شهكـة مـوت
[post-views]
نشر في: 12 إبريل, 2015: 09:01 م