TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تغيير صفة

تغيير صفة

نشر في: 13 إبريل, 2015: 09:01 م

منذ اربع سنوات او اكثر، تحاول صديقتي تغيير صفتها من (عضو مشارك) الى (عضو عامل) في نقابة الصحفيين دون جدوى..جلبت لهم كل مايثبت استمرارها في العمل كصحفية وخاضت اختبارا استحدثته النقابة للأعضاء الجدد ومازالت تجري وراء السراب بعد ان ابلغوها بأن معاملتها مفقودة وعليها ان تعيد الكرة..
ومنذ ثلاث سنوات او اكثر، تحاول زميلتي تغيير صفتها من (محررة) الى (مترجمة) في الدائرة الثقافية التي تعمل فيها للحصول على مخصصات الترجمة وتحسين راتبها المتشظي مابين (سلفة المائة راتب) وسلف زميلاتها الموظفات، ولكي تصحح اخطاء يرتكبها الموظفون الاداريون في الدوائر ويجني الموظف المسكين ثمارها لاذعة المرارة، مازالت تتنقل كالنحلة من مكتب مدير الى آخر ومن موظفة جديدة لاتفهم شيئا في اختصاصها الى موظف قديم لايعترف بالتكنولوجيا ويبحث في الاضابير المغطاة بالتراب عن اوراق لاوجود لها....
بعض المتسولين لم يبذلوا جهدا كبيرا لتغيير صفتهم من (متسول) الى (نازح) ودون ان يطرقوا ابواب الدوائر الرسمية أو يتابعوا معاملة متعثرة..لقد نجحوا وبسهولة في حمل صفة (نازح) والتشبه به في اللباس واللهجة سواء أكان عربيا من سوريا او عراقيا من الانبار او الموصل او صلاح الدين، لدرجة ان فتاة تدور في احد تقاطعات منطقة الجادرية تحمل في يدها ورقة كتب عليها (نازحة) لكي تختصر عدد الدعوات التي يلهج بها لسانها طوال النهار والتي تحاصر بها الركاب والسابلة لتحصل على المال..
يدرك من يقف خلف تشغيل هذه المتسولة من الذين يمارسون التسول كتجارة استثمارية ويحققون ثروات منه ان التسول يخضع ايضا لـ (الموضة) ولتغيرات الزمن، وفي بلد يعيش العديد من ابنائه حالة الفقر وينتظر موظفوه سقوط مقصلة تخفيض الرواتب على رؤوسهم لم يعد المتسولون يحققون نفس الارباح السابقة، واذن فلا ضير في ان يتحولوا الى (نازحين) –حسب الموضة – لـ (يكسروا قلوب) الآخرين، فأصعب شيء يعانيه المرء هو الخروج من داره والجهل بمصيره وفقدان مصدر رزقه وهكذا يمكن ان تحصل (النازحة) على مساعدة دون ان تتعب لسانها بدعوات اكثر..
يقال ان اسوأ الاوطان هو وطن يعطيه الانسان عمرا ويبخل عليه بساعة صفاء واسوأ الازمنة هو الذي يفعل فيه الشر باسم الخير والخير باسم الشر، وهو الذي تختلط فيه اقدار الناس فيصبح الصغير كبيرا والكبير صغيرا...هكذا اختلطت الأوراق وانقلبت الاقدار فتحول الآمنون الى (نازحين) يسهل استغلال (مأساتهم) لتحقيق مكاسب اكثر ليس للمتسولين فقط بل للمسؤولين عن ملفات اغاثة النازحين والعاملين على اعادتهم الى مناطقهم وكل من اثرى على حسابهم..
النازحون الحقيقيون بدورهم، فاق صبرهم الحدود فمن سكن منهم القرى فعشاؤهم (خباز) وماؤهم (علقم) ومن عاش في المدن فقد غابت عنه جميع اسباب الراحة والاستقرار والتصقت به صفة (نازح) التي حولته الى مواطن من الدرجة الثانية في أعين البعض وصاروا يتوقعون منه ان يصبح متسولا او سارقا او نصابا...لايدرك هذا البعض ان كل مايحدث حاليا هو (تغيير صفات) أما الصفات الحقيقية فتضيع وسط الفوضى وقدرة الانسان على استغلال اخيه الانسان!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram