بلا جدل، تعتبر رواية جورج أورويل – 1984 أشهر رواية في إنكلترا في القرن العشرين، التي تحولت الى فيلم سينمائي في عام 1984، تمثيل ريتشارد بورتن وجون هيرت ومن إخراج مايكل راد فورد.
"كان يوماً مشرقاً بارداً في شهر نيسان، والساعات تدق الثالثة
بلا جدل، تعتبر رواية جورج أورويل – 1984 أشهر رواية في إنكلترا في القرن العشرين، التي تحولت الى فيلم سينمائي في عام 1984، تمثيل ريتشارد بورتن وجون هيرت ومن إخراج مايكل راد فورد.
"كان يوماً مشرقاً بارداً في شهر نيسان، والساعات تدق الثالثة عشرة، فواصل في الزمن، ولا واحة في الايام المتتالية، بعد الآن." مقطع من كتابه، "من الفجر خارجاً في باريس- (1933)، وإلى "مزرعة الحيوان" – 1945، كان جورج اورويل، غير منسجم مع مجتمعه.. وحتى في طفولته كان اورويل مبهوراً في تخيلاته عن المستقبل، والتي كتبها إج. جي ويلز (والدوس هكسلي بعدئذ).
واخيراً وفي نهاية حياته القصيرة، حقق أحلامه (1984)، والرواية التي تعتبر بلا جدل أشهر رواية إنكليزية في القرن العشرين. والنظرة التشاؤمية لأورويل. كانت لها جذور عميقة في آرائه السياسية والاعوام التي تلت بعد الحرب في اوروبا الغربية، والتهديد بدولة استبدادئية، والرقابة والمدافع بعيدة المدى وغيرها من الامور التي تنبأ بها وبعد الحرب العالمية الثالثة، اصبحت بريطانيا مهبط الطائرات الاول في دولة اميركا السوبر، في اوكسينيا، التي في صراع مع يوراسيا وإيستاسيا.
وفي الرواية نجد وينستون سمث، صحفي سابق تم تعيينه من قبل وزارة الحقيقة، لاعادة كتابة مقالات الصحف القديمة، بما يتلاءم مع مواقف الحكومة الجديدة، ومواقف الديكتاتور القوي، الأخ الكبير، وهو على علاقة مع جوليا، المنشقة عن الحزب.
وعندما تنكشف علاقة وينستون وجوليا، القصيرة من قبل "شرطة التفكير" وتتم إحالتهما الى غرفة التعذيب رقم 101، تحت يدي اوبراين القاسي، الذي يقول لهما: "هل تريدان صورة عن المستقبل، إذن تخيلوا جزمة تدوس بقوة وجه إنسان – والى الابد. وبعد مسح دماغ الاثنين واستسلامهما. وينتظر وينستون تنفيذ الاعدام ليكن "آخر رجل في اوروبا"، وكانت هذه العبارة العنوان الاول لمسودة الرواية.
إن حبكة 1984 شيء ، وافكارها شيء آخر وفي خلال الاعوام الـ 65 منذ طبعها، غدت عبارات مثل : "الاخ الكبير يراقبك، آخر الانباء، ثنائي التفكير، جريمة التفكير، ليس بانسان، "سيطرة الحقيقة" غير قابل للانفصال، حقيقة السيطرة، ملازمة للغة الانكليزية، واورويل شخصياً، وحسبما يقول النقاد، "الضمير الشتوي لضمير جيله" وتحول في نظرهم الى قديس.
ان الظروف التي ترافقت مع كتابة 1984 تجعل قراءتها مروعة. وكان عنوان، "آخر رجل في اوروبا" في تفكير أورويل منذ الحرب الاهلية الاسبانية.
وروايته التي تدين بشيء الى رواية يفيجيني زاوراتن، وتأثر اورويل ايضا بمؤتمر طهران 1944 وكان يعمل مراسلا صحفيا آنذاك، وكتب الى صحفي في الاوبزرفر، "أنه يعتقد ان ستالين وتشرشل وروزفلت، خططوا لتقسيم العالم في مؤتمر طهران.
وكان اورويل يعلق اهمية على عمل ديفيد استور في الغارديان منذ عام 1992، كونه ناقداً للكتب الجديدة الصادرة، وايضا بسبب عمله لاحقاً مراسلاً صحفيا، كما ان استور اشاد "بإخلاص اورويل للعمل وتهذيبه". واصبح بعدئذ طوال الاربعينيات نصيره عبر ان الاربعينيات وصديقاً له.
إن عمل اورويل الابداعي، استفاد من علاقته بالاوبزرفر، إذ كان آنذاك يكتب رواية "مزرعة الحيوان" وما أن قاربت الحرب على الانتهاء، كان اورويل اوشك على الانتهاء من روايته، ومع تداخل عمله الصحفي والابداعي، تضفي تلك المرحلة الزمنية اجواء داكنة وتعقيدا اشد للرواية التي كانت في خاطره. وكانت هناك تأثيرات اخرى على العمل، ومنها تبني اورويل آنذاك ريتشارد مع موافقة زوجته "إلين" ولكن اجواء عشوائية الرعب في الحياة اليومية في لندن، خلال الحرب، طرحت آثارها ايضا على الرواية، مع التقدم في كتابتها. وجاء بعدئذ ما هو الأسوأ، وكان ذلك في شهر آذار عام 1945، عندما تم تعيينه للعمل في صحيفة الاوبزرفر من اوروبا. وفي خلال تلك الأيام، تسلم اورويل خبراً عن وفاة زوجته إلين.
وهنا ظهر ديفيد أستور، وكانت عائلته تمتلك جزيرة بعيدة اسمها جورا، وكان فيها منزل، قدمه أستور لاورويل لتمضية العطلة فيه. وفي شهر أيار 1946، كان اورويل مايزال يجمع الاجزاء الممزقة من حياته، ولكنه استقل قطاراً الى جورا في حركة جريئة. لم تكن صحته على مايرام، إذ ان شتاء 1946-1947 ، كان من أسوأ الفصول في خلال ذلك القرن، وكان هو يشكو باستمرار من امراض البرد باستمرار، ولكنه انقطع، على الاقل، من الاجواء الادبية في لندن، وبدأ العمل في الرواية الجديدة.
وكما قال لأحد اصدقائه، "اختنقت تقريباً في العمل الصحفي، بدأت اتحول الى برتقالة ممصوصة" إن جزءاً من المصاعب جاءت من نجاح "مزرعة الحيوان" . فهو بعد أعوام من الاهمال، انتبه العالم الى نبوغه، وبدأ يتذمر قائلاً: "كل واحد يأتي اليّ"، وكان آنذاك يتحدث مع آرثر كوستلر، واكمل حديثه ،مضيفاً : "كل واحد منهم يطلب محاضرة مني. وان انضم الى هذا او ذاك، وانا لا أحب ذلك، أريد ان اكون حراً من كل تلك الامور، وان اجد وقتاً للتفكير ، ذلك لان كتابة رواية امر فظيع".
وفي جزيرة جورا وجد نفسه حراً لإكمال روايته، ويقول عن تلك المرحلة: "كتابة رواية جديدة أمر فظيع، متعب، ولا يقدر واحد منا تحمل ذلك ، ما لم يكن مُقاداً من قبل عفريت، لا يقدر المرء على مقاومته"، ثم تأتي كلمة اورويل الشهيرة "النثر الجيد مثل لوح زجاجي للنافذة".
ومن ربيع 1947 وحتى وفاته عام 1950، يقاوم أوريل أورويل اشد الآلام التي ممكن تخيلها. في البداية، كان عليه تحمل "الشتاء القارس، كفاح متواصل، مثل نوبة من مرض مؤلم جداً ولا يقدر احد ما تحمل ذلك العمل ، ما لم يكن مدفوعاً من عفريت لا يقدر على مقاومته، وكانت عزلته مؤلمة ايضاً، خاصة ان جمال الطبيعة كان شرساً وأخاذاً، والحياة فيها كانت بدائية، بدون كهرباء، واستخدم أورويل وحدات غازية من الكالور من اجل الطبخ او تدفئة الماء، واستخدم الكيروسين للاضاءة وكان ما يزال مدخناً بلا توقف مستخدما التبغ في لف سكائره، وكان لديه (راديو على البطارية)، وسيلة للاتصال مع العالم الخارجي. وأخيراً تمكن أوريل من السيطرة على عمله، وفي نهاية عام 1949، قال لناشره، "اعتقد اني قد انهيت ثلث العمل من المسودة. وكنت في حالة صحية سيئة. في هذا العام (الصدر كالعادة): وفي تشرين الاول 1947 قال للناشر انه في حاجة الى ستة اشهر أخرى من أجل مراجعة العمل وصقله. وبسبب تدهور صحته أدرك ان الرواية تحتاج الى إعادة النظر فيها – ثلثين منها على الاقل، وقبل مجيء الكريسميس اعلن اصابته بالسل.
وفي عام 1947، لم يكن هناك دواء للسل، وكان الاطباء ينصحون ريجيماً متواصلاً وهواءً نقياً، وتم نصحه بأخذ دواء جديد، ولكن النتيجة كانت فظيعة، (تقرح في الفم والحنجرة، فقدان الشعر، تقرح الجلد وفقدان اظافر اليدين والقدمين). ومع مجيء آذار 1948، بعد علاج ثلاثة أشهر، بدأ اختفاء مرض السل.
وتسلم اوريل رسالة من ناشره، يحدد فيها نهاية العام لصدور الرواية الجديدة!
وكتب اورويل ايضا للناشر: "ان الرواية تقع في 125.000 كلمة. انا غير سعيد بالكتاب، ولكني غير راض بها تماما. اعتقد ان فكرتها جيدة، ولكن في تنفيذها كانت في حاجة الى ان تكون افضل، مالم اكن اعاني من تأثيرات مرض السل.
واضاف ايضاً: "اني غير واثق من العنوان 1948، أو آخر رجل في اوروبا وقد افكر بشيء آخر في الاسبوع القادم او الذي يليه.
وفي سباق يائس ضد الزمن، بدأت صحة اورويل بالتدهور ولكنه في منتصف شهر كانون الاول، اصبح نحيلاً غير قادر على السير، انصرف الى كتابه، مستعينا باقداح القهوة والشاي والتدفئة بواسطة الكيروسين، مكافحاً ليلاً ونهاراً وفي تلك الايام، عاد اورويل الى حماسه القديم محتجاً لدى الناشر. "في الحقيقة لم اكن استحق كل هذا الجلبة والاهتمام. ان التأخير جاء بسبب تعبي من الجلوس بشكل مستقيم، ولا اقدر على الطباعة بشكل نظيف او انهاء طباعة عدة صفحات في اليوم.
ووصلت النسخة المطبوعة من رواية اورويل الاخيرة الى لندن منتصف شهر تشرين الاول، كما كان وعده.
وما ان قرأها ناشره ووربيرغ، ادرك في الحال، ان الرواية (واحدة من افظع الكتب التي قرأتها في حياتي)، وكذلك قال زملاؤه.
وكتب ووربيرغ في مذكرته الخاصة بدار النشر (إن لم نستطع بيع ما بين 15-20 ألف نسخة، فإننا نستحق القتل).
وطُبعت رواية (1984) في الثامن من حزيران عام 1949 (وبعد ذلك بخمسة أيام في الولايات المتحدة الامريكية. وهي نشرت في لندن من قبل دار (سيكير وواربورغ)، وفي نيويورك عبر دار هاركوت براس، التي كانت تواقة لعرضها في المكتبات، بأسرع ما يكون. وقد انتشرت الرواية في أرجاء العالم وعدّت من افضل الاعمال الادبية، حتى ان وينيستون تشرشل، أخبر طبيبه أنه قرأها مرتين .وتداعت صحة اوريل، وفي تشرين الاول عام 1949 وفي سريره في مستشفى الجامعة، تزوج سونيا برونيل وكانت تلك اللحظات مليئة بالسعادة، وتباطأ في السير نحو العام القادم 1950، وفي الساعات القليلة من اليوم الحادي والعشرين من كانون الثاني عانى من المرض. في المستشفى وفارق الحياة وحيداً.
وعنوان اورويل يبدو غامضاً، ويقول البعض انه يشير بذلك الى ذكرى مئوية جمعية (فابيان) التي تأسست في عام 1884. والبعض يقول انها اشارة الى رواية جاك لندن، "العقب الحديدي"، عندما تصل الى الحكم حركة سياسية الى السلطة في عام 1984، او ربما يشير الى واحد من افضل الكتَّاب بالنسبة اليه، GK جيستيرثون، وكتابه "نابليون نوثينغ هيل" التي تدور احداثها في عام 1984 وفي طبعة اعماله الكاملة (20 كتاباً) ، ادّعى بيتر ديفيدسون ان اوريل استمد عنوانه من عام 1948 بعد تغيير بسيط فيه، مع عدم وجود دليل على ذلك.
يقول ديفيدسون، ان اوريل لم يكن راضياً عن عنوانه الاول "آخر رجل في اوروبا" وان ناشره هو الذي اختار العنوان – فريد ووبيرغ، انه سيكون عنواناً تجارياً افضل للرواية.
ثلاثة كتب اخرى لجورج اورويل أعيد طبعها:
* نزولاً وانتشاراً في باريس ولندن (1933)
* مزرعة الحيوان – 1945
عن الغادريان