TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من فريدمان الى الحسيني

من فريدمان الى الحسيني

نشر في: 14 إبريل, 2015: 09:01 م

تقوّس في القدم منعه من ان يحقق حلمه الاثير، ويصبح احد ابطال منتخب الاورغواي، لكنه مع مرور السنين اكتشف ان العالم لا يختلف عن ملعب كرة القدم، فقرر ان يصبح صحفيا في محاولة للبحث عن اجابة على سؤال يؤرقه: "لماذا نرى السياسيين يتحدثون لكنهم لا يقولون شيئاً؟ والمدارس تعلم الجهل، والقضاة يعاقبون الضحايا، ورجال الشرطة لا يكافحون الجريمة لأنهم مشغولون بارتكابها.. والإفلاسات تصبح مجتمعية بينما الأرباح تكون خاصة جدا".
عندما اهدى الرئيس الفنزويللي تشافيز الى اوباما نسخة من كتاب غاليانو "الشرايين المفتوحة لاميركا اللاتينية" كانت العبارة الواضحة على الغلاف تقول: "كانت هزيمتنا دوما مضمرة في انتصار الآخرين، ولقد أنتجت ثروتنا دوما فقرنا من خلال تغذيتها ازدهار الآخرين".
تعلم غاليانو وهو في الصحافة، كيف يكتب رواية تاريخ هذا العالم، وشيئا فشيئا اصبح شهيرا في معظم ارجاء اميركا اللاتينية، التي طارده جنرلاتها لاكثر من اربعة عقود، لقد بدأ حياته كما بدأها عشرات من الادباء، في مدينة نائية، ثم في اضواء الصحافة ثم في المنافي، لكن اليأس لم يدب فيه، وعندما سئل قبل سنوات ما الذي يخشاه اليوم بعد رحيل الجنرالات اجاب: "أكثر ما أخافه هو أن نعاني جميعاً من فقدان الذاكرة، لذلك فأنا مهووس بالتذكر".
قبل ايام التقى اوباما بالصحفي الاميركي توماس فريدمان وكان السؤال الذي يشغل صحافة واشنطن: ترى متى ستنتهي هذه الدوامة، لم يكن لدى الرئيس سوى تطمينات بان الغد سيكون افضل؟ كيف ياسيدي؟ سنوات وانت تخبرنا بان الارهاب سيلفظ انفاسه الاخيرة، ثم نفيق في اليوم التالي، فإذا التي سقطت هي مصفى بيجي من جديد، ولكن، مَن يهمّه أمر هذه البلاد، ومَن يعرف على وجه الضبط إذا كانت نساء الموصل سيتحولن الى سبايا، أم الرجم ارحم؟
لا يهم. سوف نعرف، ينبغي علينا ان نعرف، ففي الوقت الذي يصغي به قادة أوربا لما سيكتبه مشاهير صحافتهم، ينشغل قادتنا بفتح ابواب طائراتهم العسكرية لصحفية لطيفة وظريفة، ويصرون على اغلاقها بوجه جميع وسائل الاعلام.
في كتابه اصوات الصمت يكتب غاليانو: بعد ان سلّحوه بتلك البرمجة، سكبوا خريطة العراق في دمه، رمت الطائرات من القنابل ما يوازي خمس قنابل ذرية من حجم قنبلة هيروشيما وكانت الدبابات تدفن الجرحى وهم احياء، وقد سحق الكابتن ماك ڤاي عددا منهم في كثبان الرمال. علموه ان يقول عن الاعداء انهم " اضرار جانبية"، نال ماك النجمة البرونزية.
لدى عودته، لم يقدم احد على نزع برمجته، في اوكلاهوما قتل ١٦٨ شخصا بينهم نساء واطفال " انهم اضرار جانبية" قال، لم يعلقوا ميدالية جديدة على صدره، حقنوه بحقنة مميتة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. قحطان جاسم

    علي حسين صحفي واديب بارع ..انه يمنحنا متعة القراءة واعمدته الصحفية تحولت الى مصدر الى المعرفة وليس مجرد خبر سياسي عابر، كما يحدث في الصحف الباقية.. اعمدته ونصوصه الصحفية تضع اساسا لكتابة صحفية مختلفة ممتعة وذكية ..شكرا لك ايها الصحفي البارع..

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram