بعد أن ابتسمت قرعة كوالالمبور للأسود " للمرة الأولى منذ عام 2003 في الأقل" بوجود أربعة منتخبات لم تشكل في يوم ما مصدر قلق لنا في مختلف الظروف والمناسبات، فإن أكثر ما يشعرنا بالتوجس أن تسود لغة الاسترخاء بين اللاعبين لاسيما إن جلّهم يفتقد إلى خبرة التعامل مع هكذا مباريات تتسم بفوارق فنية كبيرة بيننا وبين المتنافسين.
ومع خشيتنا من أن يُسهم الإعلام الرياضي في ترسيخ مفهوم تأهل أسودنا المبكر إلى الدور الثالث الحاسم في ضوء أرجحية منتخبنا كأفراد ومجموعة من خصومهم، نتمنى من الملاك التدريبي بقيادة أكرم سلمان أن يضع هذا الأمر في مقدمة مفردات عمله للمرحلة المقبلة وعدم الإفراط بالتفاؤل لكي يبقى الجميع على أهبة الاستعداد وفي خط واحد من مستوى المسؤولية والحذر لأية نتيجة وخيمة قد تُصدم آمال تأهلنا وتضعنا في عنق زجاجة قاتمة إذا ما تهاون البعض أمام منتخب تايلاند أو اندونيسيا أقرب الخصوم اختباراً معه في السنين الأخيرة حيث فزنا عليه بصعوبة ضمن تصفيات بطولة أمم آسيا في دبي السادس من شباط 2013 بهدف يونس محمود ، وبالرغم من حسم جولة الإياب بهدفين في جاكرتا جاءا خلال الشوط الأول إلا إننا عجزنا عن زيادة الغلة في الشوط الثاني ما يعني إن هناك تطوراً كبيراً في منتخبات اتحاد دول جنوب شرق آسيا (أسيان) وهي فيتنام وتايلاند واندونيسيا فضلاً عن الصين تايبيه من منطقة شرق آسيا مع تفاوت واضح في أداء ومستوى وتصنيف كل منتخب.
الرسالة موصولة إلى اتحاد كرة القدم بالمضي في ذات السياسة الناجحة عبر التوأمة ( الستراتيجية - الفنية ) مع المدرب أكرم سلمان في انتقاء المباريات التجريبية التي يحتاجها المنتخب ليتسنى للاعبين التعايش مع الأجواء التي نلاعب فيها المنتخبات الأربعة مثلما أسهم اختيار منتخب الكونغو الديمقراطية وما تحقق من فوز مستحق عليه في تحسين تصنيفنا واغتنام بطاقة المستوى الأول مع منتخبات آسيا الكبيرة وابتعادنا عن مواجهة الصعاب في هذا الدور تحديداً.
برغم سهولة المواجهات الثمان في الدور الثاني، إلا أن اتحاد كرة القدم مطالب بتهيئة مستلزمات التحضير الناجح للمنتخب في التصفيات ودعم توجه المدرب أكرم سلمان بلقاء المنتخب الياباني وما يفرزه الاحتكاك معه من فوائد كبيرة لعل في مقدمتها ملاءمة خطة سلمان مع اسلوب اللعب لمنتخبات شرق آسيا وتنمية خبرة اللاعبين الشباب تحسباً للمفاجآت الواردة في رحلة المنافسة، فالأخطاء التي ارتكبت امام الكونغو الديمقراطية لا يسمح بتكرارها اليوم لاسيما في الخط الأمامي الذي يتطلب من المهاجمين ان يؤدوا واجباتهم بمنتهى الجدية ويؤكدوا صواب اختيار سلمان لهم وإلا فان هناك عشرات المهاجمين محلياً وخارجياً ينتظرون اشارة الملاك التدريبي وجاهزون لأداء المهمة بصورة أفضل من الموجودين حالياً.
لن نبالغ في رسم حدود نهاية رحلة الأسود في تصفيات مونديال روسيا 2018 ، لكن مع الجدية في التمرين والتركيز بانتزاع جميع نقاط التصفيات نكون قد وضعنا نصف تذكرة روسيا في جيبنا ويبقى نصفها الثاني الأصعب الذي يحتاج الى استقتال منقطع النظير عند التأهل الى الدور الثالث الحاسم، وكل ذلك يتوقف على حُسن تدبير شؤون المنتخب سواء من اتحاد اللعبة أو الملاك التدريبي ناهيك عن انهاء الملابسات المتعلقة بمسابقة دوري الكرة الممتاز في وقته المتفق عليه 30 أيار المقبل ليقف الجميع خلف الأسود وهم يبدؤون مسيرتهم المشرّفة في تحقيق حلم الجماهير بالوصول الى كأس العالم للمرة الثانية.
نُلفت عناية المدرب سلمان الى ضرورة مراقبته للاعبي المنتخب في منافسات الدوري المحلي والمحترفين خارجه ليس بحدود المستوى فحسب، بل التوقف عند القدرات البدنية وتحديد سرّ البطء الملازم لأغلب اللاعبين ممن ترهلت اجسادهم ولم يعد بمقدورهم الالتحام قانونياً لانتزاع الكرة من الخصم وكذلك التردد في متابعة الهجمات نتيجة الشعور بالخمول اثناء المباراة لأسباب صحية لابد من الخوض فيها مثلما فاجأ مدرب المنتخب الياباني البوسني وحيد خليلودزيتش الأمة اليابانية أمس الأول الثلاثاء باستخراج وثيقة نِسب الدهون العالية في اجساد لاعبي الساموراي اثناء مؤتمر صحفي موجهاً النقد القاسي للاعبين أنفسهم لإهمالهم التغذية الصحيحة، الأمر الذي عدّه النقاد الرياضيون في اليابان جرس إنذار مبكر يجب معالجته قبل ضياع حلم الوصول الى المونديال للمرة السادسة على التوالي.
الاسترخاء بلاءُ الأسود
[post-views]
نشر في: 15 إبريل, 2015: 09:01 م