تتابعون حضراتكم، مثما يتابع جميع العراقيين، حكايات السلطان سليمان القانوني وحريمه " الفاتنات "، في أي حال، لن أُعيد عليكم رواية احداث المسلسل الذي اثار حفيظة " السلطان " أردوغان، واعتبره يسيء لأجداده الذين قضوا حياتهم ركعاً سجداً!!
تخبرنا كتب التاريخ ان الوزيرالعثماني إبراهيم باشا كان رجلاً يهوى "الموظة " وحين دخلت الجيوش التركية الى بغداد، اصدر فرمانا بأن توحد ألبسة الرأس، وان يرتدي الجميع الطربوش الذي سمّي في العراق "الفينة".
عاش «الطربوش» في دوائر الحكومة العراقية الى ان حل فيصل ملكا على العراق، عام 1921،، فقرر ان يكون لباس الرأس لموظفي الدولة السدارة، وأطلق عليها اسم " الفيصلية ". وقد طاف بين اصدقائه وكبار موظفي الدولة قائلا: " اخلعو " الفينة " فنحن نحتاج الى لباس وطني " وحين رفض البعض، ومنهم ساسون حسقيل، دعوة فيصل، طلب حيدر رستم من الملك ان يصدر قانونا بمنع " الفينة " قال فيصل لمستشاره " الذي لانستطيع تغييره بالاقناع، لن ينفع معه الإكراه " وراحت الطرابيش تخلع من دون امر ومعتمروها يستبدلونها بالفيصلية. وكثيرة كانت حجج فيصل للتغيير. وكان أهم ما في حكمه، في اعتقاد المنصفين من المؤرخين، تلك الموهبة في الإقناع، والرغبة في بث بشائر التقدم والرقي.. رأى فيصل أنه لكي تنهض هذه البلاد لا يمكن أن يتحول الحاكم الى سلطان عثماني جديد، وكان أول ما رفضه القصور السلطانية، ويوم زاره امين الريحاني في بيته الصغير تعجب كيف لملك لايملك قصورا مثل تلك التي شاهدها في مصر، فكان جواب فيصل حاسما: " جئنا لنعمر الاوطان لا لنبني القصور" ، ولم تكن في بغداد آنذاك منطقة خضراء لايدخلها العراقيون إلا بإبراز وثائقهم الثبوتية،
الإصلاح رؤية ومعرفة، والحاكم الصالح لا ينتظر أن تسمع منه الناس، كلاما في النهار، وآخر يمحوه في الليل، لأن الناس في طبعها تنتظر ان يقول لها الحاكم كلاما معقولا هادئا مطمئنا، وعندما تكتشف أنه لايعرف حتى في الجغرافية، ويصر على ان لإيران فضلا كبيرا على بلادهم لانها مصدر للمياه وشريان لحياتهم ، يخامرها شعور بالخيبة، القادة الحقيقيون هم الذين يتجنبون الضحك على عقول البسطاء، لن اكرر عليكم الامثلة التي صدعت رؤوسكم بها، وأعني لي كوان وديغول ومانديلا وغاندي وغيرهم العشرات.
يا سادة كنا نحلم بإزالة الحدود بين ابناء البلدان العربية، فاذا بنا اليوم نطالب اهالي الرمادي بأن يجلبوا معهم كفيلا ضامنا حتى يدخلوا بغداد، او يعودوا مطئطئي الرؤوس والهامات الى جحيم داعش.
ياسادة لامفر يريدون منا ان نتحول الى شعب يجلس امام شاشات التلفزيون، نصفه يتابع مغامرات السلطان وحريمه، ونصفه الآخر مشغول بحل ألغاز " جغرافية " ابراهيم باشا، والنصف الثالث يشاهد النزوح الكبير لأهالي الرمادي، لكنه في الوقت نفسه يتغنى بالتوازن والشراكة الوطنية ويشتم اميركا لأنها استقبلت العبادي بالترحاب
جغرافية إبراهيم باشا
[post-views]
نشر في: 17 إبريل, 2015: 09:01 م