TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "طز" في العراق

"طز" في العراق

نشر في: 18 إبريل, 2015: 06:01 م
غاب عنا جميعاً، في حمى أنشودة رافد جبوري والبحث عن اناشيد مخبأة، ان نزوح عوائل الرمادي هو الاكبر والاقسى، منذ ان اعاد لنا "الخليفة" منهج قطع الرؤوس واحراق الاحياء تيمنا بالسلف "الصالح". 
لايهم، فقد تظاهر ممثلو الانبار بمناسبة ان عدد الذين ينتظرون "الكفيل" على ابواب بغداد تجاوز المئتي الف، لكن مسؤولا حكوميا يوصينا بالقول: " ياجماعة لا تبالغوا ا لرقم اقل بكثير انه 150 الف فقط لاغير"، رجاء لا تبالغوا في التحدث عن أعداد القتلى والمشردين، ان العدد الحقيقي لم يتجاوز الثلاثة ملايين، هنيئاً للسيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العد والفرز والحساب ز، هذه دقة يا سيدي، لكن لأغراض الدقة أيضا، فإن عدد الذين يعيشون في الخيام بلا ناصر ولا معين وسرقت الاموال التي خصصت لهم، تجاوز الرقم الرسمي بمئات الالاف، ياسيدي المسؤول، حفظْتَ شيئًا، وغابتْ عنك أشياءُ، ففي حسابات الامم المتحضرة هناك دقة اخرى غايتها ان لايشرد مواطن، ولايقتل انسان، ولا تقف امرأة عزلاء منكسرة تستعطف حرس حدود العاصمة ان يتجاوزوا السؤال التقليدي: هل لديك كفيل؟.
لا يهم فقد احتج نواب الانبار "الكرام" على ما يجري في محافظتهم، وقرروا نقل العرض "الاحتجاجي" من مكانه الحقيقي، محافظة الانبار الى المنطقة الخضراء. 
كان وزير الدفاع الفيتنامي الجنرال جياب يُعطي للعالم انطباعا بأنه رجل مكفهر صعب المراس، فيما يخبرنا كاتب سيرته أن العسكري الذي لقّن الأميركان أقسى دروس الهزيمة، كان مازحاً ساخراً يلجأ إلى الدعابة في أحلك الأوقات.. وذات مرة أبلغ مراسلة التايم وهو يضحك "أننا لسنا أقوياء لإخراج نصف مليون جندي أميركي من البلاد، لكننا نريد كسر شوكة الحكومة الأميركية عبر استخدام قوتنا البشرية الصغيرة في مواجهة آلة حرب عملاقة ".
في ذروة الدفاع عن النفس البشرية وحريتها، يتحول كل شيء إلى تصميم في مواجهة الطغيان، عن هذه المواجهة يقول جياب في مذكراته: "من يريد أن ينتصر في معركة الحياة عليه أن يدرس تاريخ وطنه جيدا.. أن يعرف كل شيء عنه، ان المستقبل سباق وبقاء، مع الناجحين لا مع الخاملين. سباق نحو المراتب الأولى. والخاسر، من سينقرض في النهاية".
وفي البلاد ايضاً جدل حول المحكمة الاتحادية وفقهائها، فالبعض يرى ان العراق يجب ان يضع فقيها في كل مكان، والبعض الآخر يرى ان هذا يقوض الدولة المدنية، والاثنان يتحدثان عن القوانين التي لا تلمسها الناس ولاتراها، ووسط هذا الجدل نشرت احدى الصحف حديثا لسياسي عراقي يريد ان يطمئننا انه لا يعترف بالعراق أو بغيره، وإنما هو يتلقى اوامره من جهة اخرى. 
يا سيدي لسنا في حاجة إلى اعترافك الكريم، ولا تذكرنا بما قاله يوما مرشد الاخوان المصريين " طز في مصر". 
اما انتم يا نواب الانبار لسنا بحاجة الى تظاهراتكم، نحن في حاجة إلى أن يكون كل عراقي رقما ادميا محترما، لا أن يكون المئتا الف نازح رقماً يثير الخلاف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ياسين عبد الحافظ

    ماذا لوطزينا بالعراق على طريقة المرشد؟ ماذا لو ضاع البلد كما يتوقع هاشم العتابى؟ اعتقد ببساطة اننا غير قادرين (فى الوقت الحاضر على الاقل)للتصرف والتصور لهكذا اسءلة ،ولا اشعر بالنقص او العيب او الشعوربروح الهزيمة للعجز الذى اوصفه، وخصوصا اننا بالكاد بداءن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram