اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المُستورَد يَهـزِم " صُنِـعَ في العراق " بمؤامرة !

المُستورَد يَهـزِم " صُنِـعَ في العراق " بمؤامرة !

نشر في: 20 إبريل, 2015: 12:01 ص

2-2
في الأعوام التي سيطر فيها تنظيم القاعدة الإرهابي على بعض الأجزاء من محافظات ديالى والأنبار ونينوى وكركوك، أصدر فتوى بتحريم التعامل مع المنتجات الإيرانية وخاصة الألبان والحلويات. بعد فترة وجيزة من ذلك أصدر بعض الحكومات المحلية والجهات في مناطق ال

2-2

في الأعوام التي سيطر فيها تنظيم القاعدة الإرهابي على بعض الأجزاء من محافظات ديالى والأنبار ونينوى وكركوك، أصدر فتوى بتحريم التعامل مع المنتجات الإيرانية وخاصة الألبان والحلويات. بعد فترة وجيزة من ذلك أصدر بعض الحكومات المحلية والجهات في مناطق الفرات الاوسط والمحافظات الجنوبية تعلميات تقضي بمقاطعة المنتجات السعودية والتركية والقطرية، الأمر الذي يستدعى سؤالا ملحاً: تُرى لو توفرت الصناعات الوطنية وخاصة الغذائية هل سنشهد هكذا دعوات وفتاوى؟
في سنين ماضية كانت معامل الموصل تنتج وتوزع الى كل أرجاء البلاد، كذلك الحال لمعامل البصرة وكربلاء وبعقوبة، واطارات الديوانية، ومعمل ألبسة النجف، وسكر ميسان، وزجاج الرمادي ومصانع السمنت في الكوفة وكبيسة وبادوش والسليمانية، وعشرات إن لم تكن مئات المعامل والمصانع التي عززت الوحدة الوطنية بما تنتجه من بضائع وسلع.

معامل ومصانع
كانت المنشأة العامة لمنتوجات الألبان في أبو غريب تضاهي منتجات مصانع عالمية إذ كان خبراء صناعة الالبان في اوروبا يندهشون لما يرون من نظافة ونوعية ممتازة تضاهي أرقى مصانع الالبان في اوروبا. مع تنوع المنتجات من الحليب المعقم والمطعّم بأنواع الفواكه (الموز والبرتقال والليمون والفراولة) والكاكاو والزبد والأجبان بأنواعه واللبن، حتى العبوات مفخرة للصناعة العراقية في الجودة والنظافة والشكل.
لقد شهد البلد إغراق السوق بمنتجات مستوردة بعد عام 2003 بأسعار تنافسية جداً لا تستطيع اية شركة او معمل انتاج وطني الوصول إليها او التنافس معها، وبالطبع يقف خلف ذلك ساسة وتجار، يمكن ان نطلق عليهم تجار أزمات!
حسن التميمي مدير قسم في معامل تعليب بعقوبة تحدث عن وضع وحال المعامل الآن: في فترات سابقة كان المعمل مع شركة مصانع كربلاء يسد الحاجة المحلية، لا بل ويصدر منه ايضا، فقد كانت المنتجات تحظى بتطابق الانتاج العالمي، لكن بسبب الظروف الأمنية التي عصفت بالمحافظة، وعملية التخريب التي يمكن ان تكون مقصودة للصناعة الوطنية حولت هذا المعمل وغيره من المعامل الى عالة على كاهل الدولة، مثلما ذكر وزير الصناعة والمعادن.
اما اسماعيل حسين مدرس متقاعد فقد تحث بلوعة عن حال السوق العراقية، مستطرقاً الى الاسواق المركزية وأورزدي باك وشركة الألبسة الوطنية ومعمل خياطة النجف وغيرها من معامل كانت تزين البيت بما تنتجه من سلع غذائية واستهلاكية، مشيراً الى أن شركة الصناعات الكهربائية في ديالى ومنتجاتها من المرواح والمكواة ومبردات الهواء وغيرها من سلع كانت تمثل رمزاً للوحدة الوطنية وعنواناً للانتاج الوطني، منوِّهاً الى وجود أيــدٍ خفية تعمل على تعطيل وتدمير الصناعة الوطنية لمصالح اقتصادية وربحية خاصة والأمر لا يبتعد عن الاتفاق السياسي !

أوامر حكومية
بعد التغيير في عام 2003 واستلام أحزاب وقوى المعارضة الإسلامية الحكم في البلد، وانتشار الفوضى والخراب في مفاصل الحياة كافة لأسباب عــدة منها أجندات إقليمية مُريبة هدفها النيل من مكانة العراق وإضعاف قوته مع جهلاء وضعاف نفوس ومتضررين من التغيير وساسة، فتح الفساد شهيتهم للسرقة، سعى كل هؤلاء بجهد واضح وتخطيط مُتقن لتخريب اقتصاد البلد وجعله سوقاً واستنزاف وارداته المالية وتعطيل خبراته البشرية الكبيرة، فتعطلت الكثير من منشآته الصناعية العملاقة، البتروكيمياويات، الحديد والصلب، الفوسفات، الأسمدة، الصناعات الكيمياوية والميكانيكية والكهربائية وصولا إلى صناعة الورق والتعليب والطابوق الجيري والإسمنت وغيرها التي كانت تنافس الكثير من مثيلاتها في المنطقة.
كانت كل تلك الصناعات تديرها شركات وطنية رابحة رفدت الاقتصاد الوطني بواردات مالية كبيرة ومن أهم تلك الشركات الشركة العامة للصناعات البتروكيمياوية في البصرة التي تنتج الكثير من المواد المصنعة ونصف المصنعة التي تدخل في صناعات تكميلية أخرى، برغم توقف هذه الشركة العملاقة القسري بأمر مركزي من الحكومة منذ أكثر من عامين لأسباب مجهولة! ترك هذا التوقف ظلاله على المنتسبين الذين هم من ذوي الخبرات التقنية الكبيرة والنادرة في هذا الحقل الصعب من الصناعات الرابحة حتى وصل الأمر إلى قطع رواتبهم منذ أربعة أشهر برغم كونهم موظفين على الملاك الدائم ويسددون ضرائبهم ومستحقات تأمينهم بشكل صحيح ومستمرين في الدوام بلا توقف أو تلكؤ!

(كومشن) وعلب الماء؟!
عن واقع حال الشركة تحدث أحد الموظفين (مدير فني) الذي فضَّل عدم كشف اسمه : لم يكن سبب إيقاف تشغيل معامل الشركة تقنياً قط ، فقد كانت تعمل بطاقة مقبولة وكان هناك إنتاج فعلي ملأ سايلوات الخزن، مصنع الأثلين ينتج بطاقة مقبولة كذلك مصنعا البولي أثلين والأغطية الزراعية والمنتج يصدر إلى الأسواق بانسيابية، مضيفا: لكن بغتة صدر أمر حكومي بإيقاف التشغيل.
المدير الفني يوضح : أنا أتحدث عن شركة تمويل ذاتي فكيف تموِّل هذه الشركة نفسها إذا أُريد لها التوقف؟ لقد تولدت لدينا قناعات دامغة أن الوزارات المتعاقبة هي من أرادت تعطيل الشركة هذه وأخواتها بقصدية واضحة، وقد يسأل سائل عن غاية تلك الوزارات للجنوح إلى هذا التعطيل؟ وأنا أقول بقناعة أكيدة إن السبب هو فتح السوق العراقية وإغراقها بالمنتج المستورد لأن الكثير من المتنفذين تحولوا إلى تجار وموردين، وفي حالة دوران عجلة الإنتاج في البلاد وعودة المنتج المحلي سيُكسد تجارتهم. مشيراً إلى أن الكثير من البضائع الرديئة حاضرة في أسواقنا بشكل فاضح والاستيراد الحكومي يوفر (كومشن) ممتازاً للفاسدين والمرتشين! الحال هذا لا يُحـد بالواقع الصناعي وحسب، بل تعداه إلى الزراعة فها نحن نستورد كل شيء من دول كنّا نصدر لها الكثير من منتجاتنا. من المضحك المبكي إننا نستورد الماء المعبأ من دولة صحراوية مجاورة لا تمتلك جدولاً صغيراً ولم تحلم بامتلاكه في يوم ما، والنتيجة : طوابير من العاملين بلا رواتب.

كهرباء وطنية وأخرى رجعية!
منذ تسعينيات القرن الماضي وقضية الكهرباء لم تحل وربما لن تحلَّ قريباً وقد يكون الفساد بالمشاريع اول الأسباب وسوء التخطيط وعدم وجود الرؤية العلمية لإنشاء المحطات واختيار النوعية الجيدة والملائمة للأجواء والحالة العراقية.
هيثم احمد مهندس كهربائي يوضح أن بالامكان حل مشكلة الكهرباء بوقت قياسي جداً، لكن الفساد يمنع ذلك، وعن أي نوع من الفساد يقصد؟ قال: بعد عام 2003 تحوَّل السوق العراقي الى سوق مفتوح فدخلت مئات الآلاف من مولدات الكهرباء مختلفة الأحجام والأنواع، وبالطبع هناك شركات كبرى تصنع وتورد ادوات هذه المولدات الى البلد عبر تجار ووسطاء اغلبهم يعمل في الوسط السياسي. ولك أن تتصور الأمر اذا تم اصلاح الكهرباء الوطنية أين ستذهب هذه الشركات ومولداتها والأدوات الاحتياطية؟
وبالطبع الأمر لم يتوقف عند هذا الحــد بالمولدات فقط وهذا ما اشار اليه لقمان عبد جعفر تاجر في الشورجة عكـد النصارى: تجار الجملة يستوردون ما قيمته ملايين الدولارات من اسلاك كهربائية وما يُعرف بـ(الجوزات والبلكات) التي لم تترك بيتا عراقيا إلا ودخلته، مضيفاً: ان استيراد هذه الاسلاك يأتي على حساب المنتوج الوطني المتمثل بمعمل الاسلاك الكهربائي في الناصرية ومرتبط ايضا بحل ازمة الكهرباء التي باتت لغزاً محيراً.
كاظم عبدالمحسن اقتصادي لخص الأمر بوجود نوايا سياسية بتحويل شركات ومنشآت الدولة الى القطاع الخاص بعد اعلان موتها وانتفاء الحاجة منها، وما قاله وزير الصناعة بهذا الأمر خير دليل على ذلك. مستطرقاً الى الإجراءات الحكومية بهذا الشأن وتعمدها إيقاف شركات القطاع العام لصالح المنتوج المستورد الذي لا يخلو من صفقات سياسية تجارية تهدف الى إغراق السوق المحلية ببضائع مستوردة الكثير منها رديء ولا يصل لمستوى البضاعة والسلع التي تنتج او كانت تنتج في المعامل والمصانع العراقية. مبيناً أن الأمر في النهاية يصب في صالح القطاع الخاص الذي نسمع مطالبات سياسية يومية بضرورة تنشيطه ودعمه؟ّ!

 

 

فارزة

الموقف العام من الوحدة الوطنية من الممكن أن يكون متطابقاً بين القطاعين (العام والخاص) إلا أن هناك فرقاً واحداً لابد من أخذه بالحسبان. ففي الوقت الذي نستطيع الإطمئنان الى ان القطاع العام المملوك للدولة يمارس دوره التوحيدي وشــد أواصر الوحدة الوطنية حتى النهاية وفي جميع مراحل نشاطه، نجد أن القطاع الخاص من الممكن أن يتراجع عن هذا الموقف فيما لو بدأ بالنمو الى الدرجة التي يبدو فيها النشاط الاقتصادي الوطني لا يكفي لاستيعاب طاقته وإمكانياته المتصاعدة، لذلك نجده يتطلع للنشاط العالمي ومع تصاعد قدراته يتصاعد ادراكه لمحدودية النشاط الاقتصادي الوطني امام النشاط الاقتصادي العالمي وبالتالي فإنه سيبدأ بالإهتمام اكثر فأكثر بالعالمية ويفقد اهتمامه أكثر وأكثر بالوطنية وسيبدو الوطن امامه مثل أجير مهمته تقديم الحماية فإن لم يتمكن هذا الأجير من القيام بهذا الدور فإن اختيارات أخرى من الممكن اللجوء إليها وجميعها لا تقع ضمن دائرة الموقف الوطني. وعلى العموم فإن من مصلحة القطاع الخاص في البداية أن يكون البلد موحداً ، لذلك نجده مكافحاً عنيداً عن وحدة تراب الوطن لأن هذه الوحدة هي الشرط الأساس لوجود سوق وطنية كبيرة .. فقط عليه أن يجعلها سوقاً محميّة بشكل جيد من اختراق الأنشطة الاقتصادية الأخرى الخارجية لتتحول الى جنة لتصريف منتجاته، ففي مرحلة كهذه نجد القطاع الخاص الرأسمالي بطلا قوميا ووطنيا شديد المراس ولكن الأمر لن يكون كذلك دائما خاصة عندما يجد هذا القطاع الخاص مصلحته بالنشاط ضمن الأُطر العالمية وفيها يجد المزيد من الأرباح عندها يبدأ بإخضاع الطابع الوطني لمصالح الرأسمال العالمي كما يفعل الكثير من سياسيي بلـدنا في الوقت الحالي، ولكننا نجد على الجانب الآخر القطاع العام يمارس دوره التوحيدي من خلال ضخامة المشروع بسبب ضخامة التمويل وهو بالتالي يمكن أن يتحول الى مصدر لتمويل الصناعات الأخرى وســد احتياجات كل الشعب من منتجاته وبشكل مناسب تماما من حيث السعر والجودة وهو ما يخلق شعوراً بالقناعة لدى الجميع بأهمية الإنشداد والإنتماء له لأن الجميع يشعر بأنه مُلك له.. وفي مشاريع القطاع العام تسقط صفة الشراهة للربحية العالية من خلال التلاعب بموضوعة العرض والطلب واستغلال الحاجة للمنتوج. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. مصطفى

    استاذنا الكريم .. منذ عشر سنوات وانا اكتب في المواضيع الي طرحتها في المقال وكاني لم اكتب شيئا .. لا توجد موامرات ولا يحزنون كل الموضوع ان كلفه انتاج معظم السلع المستورده داخل العراق اعلى من كلفه استيرادها بسب اما ان تكون هذه السلع عاليه التكنلوجيا او

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram