نعم خسرناك يا أبا مي وأبا فارس خسرناك نحن اصدقاءك ومحبيك اعضاء فرقة المسرح الفني الحديث التي كنت احد اعمدتها ، بل خسرك جميع فناني المسرح والسينما والتلفزيون ، لا بل واكثر خسرك العراق كله إذ كنت رمزاً بل نموذجاً لمبدعيه. كنت فنانا شاملاً ابدعت في مختلف الحقول الفنية وتفوقت في جميع اعمالك بل واجتذبت جماهير غفيرة من المتلقين وستظل ذكراك وذكرى ابداعاتك عالقة في الاذهان لسنوات طوال.
خسرنا (خليل شوقي) لا يوم وفاته بل قبل ذلك بسنين يوم اضطر الى الهجرة خارج وطنه تفادياً لقهر السلطة الغاشمة وابتعاداً عن ملاحقة رجال الأمن ومراقبته ومضايقته هو وابنائه وبناته وكلهم من المبدعين فنذكر (مي) في أدوارها المسرحية ونذكر (فارس) في ادواره التفزيونية. كان (خليل شوقي) يحب عمله حباً جماً ويتفانى في تنفيذه. ومن حسنات اعماله موافقته على دمج مجموعته الفنية (المسرح الفني) التي اسسها بعد الثامن من شباط عام 1963 لكي يقدم معها سهرات درامية تلفزيونية، بعد ان كانت السلطة آنذاك قد الغت تراخيص جميع الفرق المسرحية الاهلية لاعتقادها بان تلك الفرق تقف بالضد منها ، وبعد حين تم الدمج مع اعضاء فرقة المسرح الحديث التي منع عملها انذاك وتشكلت حينئذ (فرقة المسرح الفني الحديث) والتي بقيت احدى ابرز الفرق المسرحية الخاصة في العراق والتي حققت حضوراً متميزاً في اوساط المسرح العربي حتى عام 2003 عندما توقفت عن العمل بسبب الظروف الأمنية المتدهورة.
في مجال التلفزيون فقد بدأ (خليل شوقي) عمله مخرجاً لسهرات تمثيلية اسبوعية يتعرض فيها لأحوال العراقيين ومعاناتهم وتطلعاتهم نحو حياة افضل ، وكانت تلك التمثيليات اكثر جذباً للجمهور من غيرها بسبب شعبية موضوعاتها وتلقائية ادائها وصدقية طروحاتها وكان عنوان تلك التمثيليات (من نافذة الحياة) مطابقاً لمحتوياتها.
في مجال السينما كان اداؤه متميزاً وجذاباً في الفيلم العراقي (الضامئون) من اخراج (محمد شكري جميل) ولم يكن المتفرج يصدق ان (خليل شوقي) يمثل الدور بل يعيشه وكذا الحال في الفيلم الآخر (الفارس والجبل) حيث اقف الى جانبه امثل دوراً آخر في الفيلم.
وفي التلفزيون ايضاً كان (خليل) في دوره (عبد القادر بيك) في المسلسلين (الذئب وعيون المدينة والنسر وعيون المدينة) الشخصية المعقدة صاحب العاهة والمتجبر والبخيل والظالم وكلها امثله لما هو موجود في المجتمع العراقي فقد كان طبيعياً في ادائه الى حد التصديق. وما زال أبناء الشعب يستذكرونه ويقارنون بين المستوى الفني المتقدم للمسلسلين مع مستوى الاعمال الدرامية التلفزيونية في ايامنا هذه ويقولون اين تلك من هذه في موضوعاتها اللصيقة بالمجتمع العراقي وفي فكرها التقدمي وفي شكلها الفني المتميز.
وفي الفن المسرحي كان لخليل شوقي الباع الطويل ، فبالاضافة الى كونه تقنياً جريئاً فهو ممثل متميز ومخرج متقدم ويكفي ان نستذكر بعض ادواره المسرحية البارزة. في مسرحية (بغداد الازل بين الجد والهزل) من تأليف واخراج الراحل (قاسم محمد) وانتاج (فرقة المسرح الفني الحديث) مثل دور احد البخلاء القدماء بكل اتقان وباقناع تام. ودوره (مصطفى الدلال) في المسرحية الشعبية (النخلة والجيران) لقاسم محمد لا يمكن ان ينسى. مثل (خليل شوقي) دور (يوليوس قيصر) في مسرحية شكسبير الشهيرة بكل دقة وكانت من اخراج استاذنا (حقي الشبلي). وكان تمثيله في مسرحية (الرهن) من اخراج (سامي عبد الحميد) متميزاً.
وهكذا (خليل شوقي) كونه فناناً شاملاً قد لا يتكرر وفقدانه خسارة كبيرة لا يمكن ان تعوّض.
العراق خسر
[post-views]
نشر في: 20 إبريل, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...