TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراق خسر

العراق خسر

نشر في: 20 إبريل, 2015: 09:01 م

نعم خسرناك يا أبا مي وأبا فارس خسرناك نحن اصدقاءك ومحبيك اعضاء فرقة المسرح الفني الحديث التي كنت احد اعمدتها ، بل خسرك جميع فناني المسرح والسينما والتلفزيون ، لا بل واكثر خسرك العراق كله إذ كنت رمزاً بل نموذجاً لمبدعيه. كنت فنانا شاملاً ابدعت في مختلف الحقول الفنية وتفوقت في جميع اعمالك بل واجتذبت جماهير غفيرة من المتلقين وستظل ذكراك وذكرى ابداعاتك عالقة في الاذهان لسنوات طوال.
خسرنا (خليل شوقي) لا يوم وفاته بل قبل ذلك بسنين يوم اضطر الى الهجرة خارج وطنه تفادياً لقهر السلطة الغاشمة وابتعاداً عن ملاحقة رجال الأمن ومراقبته ومضايقته هو وابنائه وبناته وكلهم من المبدعين فنذكر (مي) في أدوارها المسرحية ونذكر (فارس) في ادواره التفزيونية. كان (خليل شوقي) يحب عمله حباً جماً ويتفانى في تنفيذه. ومن حسنات اعماله موافقته على دمج مجموعته الفنية (المسرح الفني) التي اسسها بعد الثامن من شباط عام 1963 لكي يقدم معها سهرات درامية تلفزيونية، بعد ان كانت السلطة آنذاك قد الغت تراخيص جميع الفرق المسرحية الاهلية لاعتقادها بان تلك الفرق تقف بالضد منها ، وبعد حين تم الدمج مع اعضاء فرقة المسرح الحديث التي منع عملها انذاك وتشكلت حينئذ (فرقة المسرح الفني الحديث) والتي بقيت احدى ابرز الفرق المسرحية الخاصة في العراق والتي حققت حضوراً متميزاً في اوساط المسرح العربي حتى عام 2003 عندما توقفت عن العمل بسبب الظروف الأمنية المتدهورة.
في مجال التلفزيون فقد بدأ (خليل شوقي) عمله مخرجاً لسهرات تمثيلية اسبوعية يتعرض فيها لأحوال العراقيين ومعاناتهم وتطلعاتهم نحو حياة افضل ، وكانت تلك التمثيليات اكثر جذباً للجمهور من غيرها بسبب شعبية موضوعاتها وتلقائية ادائها وصدقية طروحاتها وكان عنوان تلك التمثيليات (من نافذة الحياة) مطابقاً لمحتوياتها.
في مجال السينما كان اداؤه متميزاً وجذاباً في الفيلم العراقي (الضامئون) من اخراج (محمد شكري جميل) ولم يكن المتفرج يصدق ان (خليل شوقي) يمثل الدور بل يعيشه وكذا الحال في الفيلم الآخر (الفارس والجبل) حيث اقف الى جانبه امثل دوراً آخر في الفيلم.
وفي التلفزيون ايضاً كان (خليل) في دوره (عبد القادر بيك) في المسلسلين (الذئب وعيون المدينة والنسر وعيون المدينة) الشخصية المعقدة صاحب العاهة والمتجبر والبخيل والظالم وكلها امثله لما هو موجود في المجتمع العراقي فقد كان طبيعياً في ادائه الى حد التصديق. وما زال أبناء الشعب يستذكرونه ويقارنون بين المستوى الفني المتقدم للمسلسلين مع مستوى الاعمال الدرامية التلفزيونية في ايامنا هذه ويقولون اين تلك من هذه في موضوعاتها اللصيقة بالمجتمع العراقي وفي فكرها التقدمي وفي شكلها الفني المتميز.
وفي الفن المسرحي كان لخليل شوقي الباع الطويل ، فبالاضافة الى كونه تقنياً جريئاً فهو ممثل متميز ومخرج متقدم ويكفي ان نستذكر بعض ادواره المسرحية البارزة. في مسرحية (بغداد الازل بين الجد والهزل) من تأليف واخراج الراحل (قاسم محمد) وانتاج (فرقة المسرح الفني الحديث) مثل دور احد البخلاء القدماء بكل اتقان وباقناع تام. ودوره (مصطفى الدلال) في المسرحية الشعبية (النخلة والجيران) لقاسم محمد لا يمكن ان ينسى. مثل (خليل شوقي) دور (يوليوس قيصر) في مسرحية شكسبير الشهيرة بكل دقة وكانت من اخراج استاذنا (حقي الشبلي). وكان تمثيله في مسرحية (الرهن) من اخراج (سامي عبد الحميد) متميزاً.
وهكذا (خليل شوقي) كونه فناناً شاملاً قد لا يتكرر وفقدانه خسارة كبيرة لا يمكن ان تعوّض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram