TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البصرة عاصمة الثقافة العربية ثانية وثالثة

البصرة عاصمة الثقافة العربية ثانية وثالثة

نشر في: 21 إبريل, 2015: 09:01 م

أعجبنا بشخصيته، بتطلعاته وإصغائه لنا، نحن، نخب المثقفين، الذين التقينا وزير الثقافة العراقية فرياد راوندزي في البصرة، كذلك كان كنتُ شخصيا مع مدير دائرة العلاقات العامة فلاح العاني ومثلهم كان السيد طاهر الحمود الوكيل الاقدم، وبذات الهمّة وجدنا صديقنا الشاعر والمستشار الدكتور حامد الراوي، وهم يتحدثون عن مشروع البصرة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018 من منطلق واجباتهم كمسؤولين في الوزارة. للإنصاف كانت طروحاتنا ومشاريعنا محط تقديرهم، فالقضية هامة وتستحق التوقف الجاد، لأن الأمر يتعلق بسمعة ومكانة العراق والبصرة بالذات في الوجدان والضمير العربيَين.
السعي جار في الوزارة الآن على تشكيل لجان عمل ولجان متابعة بين موظفي الوزارة والجهات ذات العلاقة في البصرة، وعلى الرغم من ان العام 2015 لن يكون عام عمل حقيقي، بسبب الموازنة المالية الحالية، إلا أن الدعوة للعمل قائمة وأكيدة. بالأمس كنتُ في مكتب مدير العلاقات العامة وعاينت عن قرب ما تخطط له الوزارة، لكني كنت غير متفائل، وبطيء الحماس حين اتى بحديثه على التعاون المفترض بين الوزارة والحكومة المحلية، فقد أثار الشجون، واستشعرت الخيبة مع الخشية الكاملة من ضياع مشروع كبير كهذا، بسبب من ان كبار المسؤولين في البصرة غير جادين، إن لم يكونوا غير متعاونين مع الوزارة.
أنا لا أتجنى على أحد، لكن تجربتي وزملائي في اللجان التي شكلت لغرض شبيه بهذا، -مشروع البصرة عاصمة الثقافة العراقية- كانت شاهدة حية، فقد خاب ظننا حين علمنا بان رجال السياسة الدينين تحديدا، لا يدركون المعاني العميقة للفعل الثقافي في الحياة العامة، فهم يرون فيه المفاسد واشاعة المحرمات، والثقافة من وجهة نظرهم من اعمال الرذيلة التي توجب على متعاطيها النفي والطرد، فهو مارق مثلما يمرق السهم من الرميّة. لذا، نجد المدينة وبعد اكثر من عشر سنوات تفتقر الى أبسط مقومات العيش الكريم، المحتفل بقيم الرقي والتحضر والمدنية، وإلا ماذا يعني أن لا تجد مكانا صغيرا، نظيفا، تتخذه مجلسا لك وأقرانك، يشعرك بقيمتك كمثقف بانٍ تقع عليك مسؤولية الحفاظ على صورة المدينة الكبيرة في اذهان الناس.؟
أنا استشعر وأستشرف النهاية غير السعيدة، إن لم أقل الفاشلة التي سينتهي عندها مشروع البصرة عاصمة الثقافة العربية، من خلال التجاهل و"التطنيش" التي تبديه الحكومة المحلية في تبني المشروع، فمنذ أكثر من شهرين على زيارة وفد الوزارة إلى اليوم لا يجد احدٌ بيننا ما يمكن تسميته بالخطوة الأولى على الطريق الصحيح.
أثيرت قضية الثلاث قطع التي تعود ملكيتها الى وزارة الثقافة، وأثير موضوع دار الأوبرا بما فيه الشركة المتلكئة التي عملت على ترميمه، وأثيرت كذلك قضية فقدان المدينة لأي مسرح او دار للسينما او قاعة للعروض التشكيلية مثلما أثيرت قضية المتحف وهكذا. لكن النتيجة كانت صفرا.
لم يفعل الوقف السني شيئا لضريح الصحابي طلحة بن عبيد الله، ومثله الى عشرات المقامات والاضرحة والمساجد، كذلك يجهل الوقف الشيعي القيمة الاثرية التي ينطوي عليها مسجد البصرة الكبير( مسجد الخطوة) ومثل ذلك نجد الوقف المسيحي في إهماله لمجموعة الكنائس القديمة، ولم تعمل دائرة السياحة والآثار ولا البيت الثقافي شيئا لنهر العشار الذي يقع عليه مجمع
المباني الثقافية- اتحاد الادباء، جمعية التشكيليين، البيت الثقافي- متحف البصرة- بيت العود- ....
منذ سنوات والكرفان الذي يؤوي مفرزة شرطة المرور يحجب الرؤية عن تمثال الفراهيدي، وسط العشار، ومنذ سنوات عدة يمعن المثقفون والناس بعامة النظر في البساتيك وزيران الطرشي الذي هو مفردات النصب الكبير في ساحة ام البروم، كذلك كانت البساتيك والزيران والشربات والحبوب الفخارية مثار تهكم وسخرية العابرين في تقاطع البلدية بضاحية الجزائر، أما النصب التي أقيمت في شارع بغداد وغيرها داخل المدينة فهي من أقبح ما يكون عليه الفن. وستكون علامة فقر وقبح وقذارة وجهل إن لم تعجل الجهات المعنية برفعها.
الثقافة ومشاريع الثقافة في البصرة جهل مطبق وضحك على الذقون، وقصد فيه التغاضي الكثير. لأننا لو اخذنا نسبة الـ 1% من المال المسروق، الذي ذهب الى جيوب اللصوص والمقاولين المقربين من اعضاء الكبار في مئات المشاريع الفاشلة لكانت البصرة مدينة أخرى اليوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. محمد توفيق

    عاملان تنبنى عليهما نهضة البصرة الحضارية : قيادات سياسية وادارية في المحافظة واعية تحترم القيم التاريخية للفن والأدب والمسرح والنظافة والرياضة في عقول أهل البصر ة ، ولا تنساق وراء كسب العواطف الطائفية الرخيصة بواسطة ضجيج الأغاني الدينية الراقصة الطائفية ا

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram