اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا رئاسة البرلمان مُستفزّة؟

لماذا رئاسة البرلمان مُستفزّة؟

نشر في: 21 إبريل, 2015: 09:01 م
شيء مُضحك - وشرّ البلية ما يُضحك - أن تبلغ رئاسة مجلس النواب هذا المبلغ من التوتر والنرفزة لأن عضواً في المجلس رأى، وهو تحت قبة المجلس، ان المبالغ المصروفة على نظام البث الفضائي (SNG) والموقع الإلكتروني الخاصيّن بالمجلس كبيرة جداً.
النائب أعلن أرقاماً .. لستُ ملماً بتكاليف نظام البث الفضائي، لكنني أعرف ان مبلغ مليون دولار الذي ذكره النائب كلفةً للموقع الإلكتروني مُبالغ فيه جداً، فأفضل المواقع لا يكلف حتى ربع هذا المبلغ، وعليه فمن حق النائب، الموكولة إليه مهمة الرقابة إضافة الى مهمة التشريع، أن يشتبه بوجود حالة فساد. وإذا كان لا يحق لعضو البرلمان أن يعلن عما يشتبه به، فهو حقّ مَنْ إذاً؟
النائب طالب رئاسة البرلمان "بمتابعة الملفين وكشف ما فيهما من فساد وتقديمهما إلى هيئة النزاهة والحكومة والجهات المختصة لمعاقبة المفسدين"... هذا مطلب مشروع ومستحق لشخص يُفترض انه ينوب عن الشعب ويمثله في البرلمان. لا أظن انه كان من اللائق واللازم أن تغضب رئاسة البرلمان وتهدد برفع دعوى قضائية ضد النائب بتهمة "القذف والتشهير ما لم يقم بإثبات اتهاماته خلال أسبوع!.. المعلومات المنشورة لم تُشر الى ان النائب اتهم شخصاً بعينه، ولكنه أعرب عن شكوك وظنون، وهذا حق له، بل هو حق حتى للمواطن العادي.. يبدو رد الفعل المنفعل لرئاسة البرلمان كما لو انه "كاد المريب أن يقول خذوني". من واجب رئاسة البرلمان أن تستمع بأريحية وصبر وطول أناة حتى للاتهامات غير المسندة، وأن تحقق على الفور في ما يطرحه النواب بشأن قضايا كهذه، فليس البرلمان ورئاسته محصنيّن عن الزلل والفساد (ما أكثر الفاسدين والمفسدين في المجلس). حتى الأدلة ليس النائب وحده مطالباً بتقديمها.. من واجب رئاسة البرلمان السعي إليها، وهذا يتأتى من خلال تحقيق شفاف ونزيه. 
عندما تقدمتُ في العام 1992 بطلب اللجوء السياسي في بريطانيا التي وصلت إليها من سوريا بعد 10 سنوات من الإقامة فيها، سألتني المحامية الشابة التي تولّت قضيتي عن الأسباب التي حملتني وعائلتي على مغادرة العراق قبل ذلك باثنتي عشرة سنة والتنقل بين المنافي ثم طلب اللجوء السياسي في بريطانيا.. أجبتها بكل بساطة لأنني صحفي حر ونظام صدام دكتاتوري لا يتحمل الصحفيين، وعموم المثقفين والسياسيين الأحرار، وان حياتي كانت في خطر، وذكرتُ لها بعض ما حدث لزميلات وزملاء لي لم يحالفهم الحظ مثلي في الفرار، حيث أُعدم البعض منهم وأُعتقل وعُذّب آخرون. سألتني المحامية الشابة إن كانت لدي أية وثائق تثبت ان حياتي كانت في خطر، قلت لها: سيدتي لو كان نظام صدام يعطي وثائق تثبت دكتاتوريته وقمعيته ما احتجت للاختفاء لما يزيد عن عام كامل ثم الهرب الى الخارج سراً على نحو مغامر.. كانت المحامية الشابة تتابع حديثي بانتباه شديد وجدية كاملة.. قالت: انت على حق تماماً، سأكتب هذا في مرافعتي. ثم سعت بنفسها للتحقق من شخصيتي ووجدت ان لي مقالات مناهضة لصدام وسياساته فطلبت مني اثنتين منها وضمّتهما الى مرافعتها، فكان أن مُنحتُ حق اللجوء السياسي في فترة قياسية نسبياً.
ذات مرة كنتُ ألفت انتباه أحد رؤساء الوزارات السابقين الى ان من أكبر التحديات التي تواجهها حكومته والعملية السياسية برمتها قضية الفساد الإداري والمالي .. قال الرجل: الكلّ يتحدث عن الفساد ولا أحد يقدّم الأدلة. هل لديك دليل؟ قلتُ له.. دولة الرئيس، أنتَ وليس أنا منْ هو في وضع يُمكنه معه الحصول على ما يريد. 
مؤكد انه لا يصعب على رئاسة البرلمان التحقق من صدقية أو عدم صدقية مزاعم النائب وسواه بشأن هذه القضية وعشرات قضايا الفساد الإداري والمالي الأخرى أليس كذلك؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عادل

    شكرا للمقال السؤال الحقيقي هل يعتبر رئيس البرلمان نفسه فوق الشبهات بحكم موقعه وبيروقراطيته أم بحكم تعاونه مع أعضاء البرلمان في إزالة شبهات الفساد فس عمله وعمل من هم في فريقه من المحسوبين عليه

  2. الشمري فاروق

    الصديق العزيز عدنان...في زمن المقبور صدام عملت سبعةعشر عاما كسائق تكسي.. في احد الليالي صعد معي احد الركاب وكان مخمورا واخبرني بانه(صحفي )..وسئلني أتعرف ما اسم هذا البلد؟؟؟فأجبته انه العراق فقال لي كلا!!! ان اسمه بلد (العكروك)..فسألته كيف؟؟؟فأجابني لان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram